أخبار عاجلة

البنك المركزي العراقي يحظر التداول بالدولار

قرر البنك المركزي العراقي حظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار الأميركي بداية من مطلع العام المقبل، فيما يأتي هذا القرار في سياق جهود كبح تهريب العملة الصعبة إلى إيران الخاضعة لعقوبات أميركية والتي تمكنت من اختراق النظام المصرفي في البلاد وتحويل بنوك عراقية إلى واجهة لتحويل الدولارات إلى طهران.

وقال مازن أحمد مدير عام إدارة الاستثمار والتحويلات في البنك المركزي العراقي إن الهدف من الخطوة هو وقف الاستخدام غير المشروع لنحو 50 في المئة من مبلغ نقدي يبلغ 10 مليارات دولار يستورده العراق سنويا من بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك.

ويأتي هذا الإجراء في إطار حملة أوسع لوقف اعتماد الاقتصاد على الدولار بعدما بدأ السكان يفضلون العملة الأميركية على الدينار.

وكانت مصادر أميركية قد كشفت منذ نحو أسبوعين أن واشنطن تدرس فرض عقوبات على المزيد من المصارف العراقية بهدف تطويق تهريب الدولارات إلى إيران.

وأكدت واشنطن الشهر الماضي "وجود تقدم بشأن مكافحة غسيل الأموال في العراق من قبل الجهات الرسمية ومنع تهريب العملة ووصولها إلى أيدي شخصيات فاسدة على صلة بالميليشيات الموالية لإيران"، لكنها طالبت بمزيد العمل.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) في يوليو/تموز الماضي عقوبات على 15 بنكا عراقيا تمنعها من تنفيذ عمليات التحويل الدولارية في إطار حملة لكبح تدفقات العملة الصعبة من بنوك في العراق إلى الحرس الثوري الإيراني أو الهيئات والجماعات المرتبطة به داخل وخارج الجمهورية الإسلامية.

وقال أحمد إن الأشخاص الذين يودعون الدولارات في البنوك قبل نهاية عام 2023 سيمكنهم سحب الأموال بالدولار في عام 2024. لكن الدولارات المودعة في 2024 لا يمكن سحبها إلا بالعملة المحلية بالسعر الرسمي البالغ 1320 دينارا للدولار.

وبلغ سعر الدينار العراقي في السوق الموازية 1560 للدولار اليوم الخميس أي أقل بنحو 15 في المئة من السعر الرسمي.

وقال أحمد "تريد تحويل أموال؟ لتفعل. تريد بطاقة بالدولار؟ تفضل، يمكنك استخدام البطاقة داخل العراق بالسعر الرسمي، أو إذا كنت تريد السحب النقدي، يمكنك بالسعر الرسمي بالدينار... لكن لا تتحدث معي عن الدولار نقدا بعد الآن".

وأنشأ العراق بالفعل منصة لتنظيم التحويلات المصرفية التي تشكل الجزء الأكبر من الطلب على الدولار والتي كانت بمثابة بؤرة للإيصالات المزيفة والمعاملات الاحتيالية التي سربت الدولارات إلى إيران وسوريا اللتين تخضعان لعقوبات أميركية.

وذكر أحمد أن هذا النظام، الذي تم وضعه بالتنسيق مع السلطات في الولايات المتحدة حيث يتم الاحتفاظ باحتياطيات العراق البالغة 120 مليار دولار من مبيعات النفط، أصبح الآن شبه محكم ويوفر الدولارات بالسعر الرسمي للذين يمارسون أنشطة تجارة مشروعة مثل استيراد المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية.

لكنه قال إن إساءة استخدام عمليات السحب النقدي لا تزال مستمرة بطرق تشمل الراغبين في السفر الذين يحق لهم رسميا الحصول على ثلاثة آلاف دولار لكنهم يبحثون عن أساليب للتحايل على النظام.

ويعتمد العراق بشكل كبير على علاقاته الطيبة مع واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأموال البلاد لرقابة أميركية.

وفي الوقت نفسه، تحرص الحكومة الحالية المدعومة من أحزاب قوية وفصائل مسلحة قريبة من إيران على عدم مجافاة طهران أو إثارة غضب الأحزاب والجماعات المسلحة التي لها مصالح كبيرة في الاقتصاد العراقي غير الرسمي.

وحدت الكثير من البنوك المحلية بالفعل من عمليات السحب النقدي بالدولار على مدى الأشهر القليلة الماضية مما أدى لتفاقم النقص الذي تسبب في استمرار ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية.

وقال أحمد إن بعض البنوك تعاني من نقص الدولار لأن كثيرا من الناس يحاولون السحب في نفس الوقت واحد في ظل شعور بعدم الارتياح حيال النظام المالي، بينما تعاني مجموعة من المصارف من نقص أيضا لأنها قدمت قروضا مقومة بالدولار تم سدادها بعد ذلك بالدينار.

وأضاف أن البنك المركزي العراقي حد أيضا من كمية الدولارات التي يوفرها في إطار اتفاق مع المركزي الأميركي للحد من السيولة النقدية والتحول إلى المدفوعات الإلكترونية.

وقال أحمد إن المركزي العراقي يتوقع أن يخسر الدينار المزيد من قيمته مع دخول الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ، لكنه أضاف أن ذلك يعد أثرا جانبيا مقبولا لإضفاء الطابع الرسمي على النظام المالي، مشيرا إلى أن المركزي العراقي يوفر الدولارات بسعر الصرف الرسمي لكل الأغراض المشروعة، قائلا إن "الكلفة التي يتحملها العراق اليوم لا تقارن بقيمة تحقيق هذا الهدف".

وذكر أحمد أن عمليات التمويل التي تتم بشفافية وبصورة قانونية عبر البنك وبالسعر الرسمي هي الأهم وبالتالي لا يهم أي أمر آخر حتى وإن كان وصول سعر الصرف إلى 1700.

وتابع قائلا "الكلفة التي نتحملها الآن هي لا شيء أمام تحقيق هذا الهدف بكل صراحة ما دام أسست القنوات الشرعية ما يهم حتى لو وصل سعر الصرف 1700... لأن الغرض الشرعي هو السعر الرسمي"، مضيفا "ما دامت كل عمليات تمويل التجارة الشرعية والواضحة تتم عن طريقنا البقية لا يهم".

لكن ظهرت مؤشرات على أن خطط المركزي العراقي لن تلقى ترحيبا واسعا وانتشر مقطع فيديو اليوم الخميس على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيما يبدو أحد المودعين في بنك في بغداد وهو يهدد بحرق الفرع إذا لم يتسلم وديعته نقدا بالدولار وهو مشهد يذكر بما أقدم عليه مودعون خلال أزمة المصارف اللبنانية.

وظهر الرجل وهو يقول "أقسم سأحرقه، أقسم سأدخل للخزينة وأحصل على مالي".

وقال البنك المركزي العراقي في بيان إنه "يتخذ خطوات لخفض سعر الدينار مقابل الدولار في السوق الموازية ولا يوجد ما يشير إلى أن سعر الصرف سيصل إلى 1700 دينار لكل دولار".

وأضاف أن حظر السحب النقدي بالدولار اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني 2024 سيؤثر فقط على التحويلات الدولارية من الخارج، بينما لن تتأثر أرصدة حسابات المواطنين العراقيين بالدولار".

ويشكّل ملفّ التصدّي لتهريب الدولارات من العراق إلى إيران ووكلائها في المنطقة إحدى نتائج صراع أميركي إيراني تعيشه الساحة العراقية وهو ما تعتبرة طهران والأحزاب والميليشيات العراقية الموالية لها مؤامرة أميركية.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات