أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عن استعداده لتفاوض مشروط مع قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وذلك لأول مرة بعد مرور خمسة أشهر على النزاع المسلح في السودان، ودعوة الأخير لوقف إطلاق النار وحماية النظام الديمقراطي.
وأضاف البرهان بأنه "إذا كانت قيادة هذه القوات المتمردة (يقصد الدعم السريع) ترغب في العودة إلى رشدها وسحب قواتها من المناطق السكنية والعودة إلى ثكناتها، فسوف نجلس مع أي منهم، خاصة إذا التزم بما تم الاتفاق عليه في جدة، سنجلس لحل هذه المشكلة".
وردا على سؤال بشأن احتمال أن يصبح السودان "دولة فاشلة مثل الصومال أو مقسمة مثل ليبيا"، أجاب بأن "السودان سيبقى موحدا. السودان سيبقى دولة سليمة، وليس دولة فاشلة. لا نريد ما حدث في الدول الأخرى التي ذكرتها. الشعب السوداني الآن متحد خلف قضية واحدة، إنهاء هذا التمرد سلميا أو بالقتال".
ووتأتي تصريحات البرهان في محاولة لإظهار موقف مرن بعد أن أحرجته دعوة حميدتي البناءة لإنهاء القتال وتوحيد الجيش وحماية الدستور.
وبعد خطابه أمام الدورة الـ78 للجمعة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال البرهان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" نشرتها السبت، إنه "واثق" من الانتصار على قوات "الدعم السريع".
وتبدو تصريحات البرهان متناقضة مع الموقف الفعلي على الأرض، حيث أعرب عن ثقته بالنصر وأوضح أنه اضطر إلى نقل مقر قيادته إلى بورتسودان، لأن القتال في العاصمة السودانية الخرطوم جعل من المستحيل على الحكومة الاستمرار.
ويوضح هذا الكلام أن البرهان فعليا لا يمسك بزمام الأمور ويفقد السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها، وأن "الثقة بالنصر" ليست إلا محاولة لدعم موقفه التفاوضي.
كما أن يرمي بالكرة باتجاه قائد الدعم السريع في مسألة حماية المدنيين في حين أنه متهم أصلا بقتل المدنيين وترويعهم وبجرائم عديدة بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من تقارير للأمم المتحدة ومؤسسات خيرية أخرى عن وجود أدلة لشن قواته غارات جوية عشوائية على مناطق سكنية، نفى البرهان أن تكون قواته تستهدف المدنيين.
وفي السادس من مايو/ايار الماضي، بدأت السعودية والولايات المتحدة برعاية محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت عن اتفاق بين الجانبين لحماية المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من هدنة جرى خرقها وتبادل الطرفان اتهامات بالمسؤولية، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.
وكان قائد قوات الدعم السريع في السودان، قد أكد في كلمة مسجلة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس الماضي، أن قواته على استعداد تام لوقف إطلاق النار، والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع مع الجيش.
ودعا حميدتي إلى تأسيس جيش سوداني جديد "لبناء مؤسسة عسكرية مهنية تنأى بنفسها عن السياسة وتحمي الدستور والنظام الديمقراطي"، حسب تعبيره.
وأوضح أن الحرب سببت دمارا "لم يسبق له مثيل" في السودان، لا سيما الخرطوم، وأحدثت أزمة إنسانية في دارفور، لافتا إلى أن فريقه انخرط "بصدق" في المفاوضات التي استضافتها السعودية في جدة، وطرح رؤية لإيقاف الحرب.
ولفتت تصريحات البرهان أكثر من مرة النظر، بسبب تناقضها مع مايجري على الأرض إذ أكدت مصادر عديدة أن جولة البرهان الإقليمية كانت تهدف لحشد الدعم السياسي والعسكري، لكنه صرح الجمعة، إنه لم يطلب دعما عسكريا خلال جولة إقليمية قام بها في الآونة الأخيرة وإنه يفضل التوصل إلى حل سلمي للصراع الذي أودى بحياة الآلاف وتسبب في نزوح ملايين المدنيين.
وأوضح البرهان، خلال مقابلة أجرتها معه رويترز، أنه طلب من الدول المجاورة التوقف عن إرسال مرتزقة لدعم قوات الدعم السريع.
وقام البرهان بسلسلة من الزيارات الخارجية في الأسابيع الأخيرة بعد بقائه في السودان خلال الأشهر الأولى من الحرب في ظل تصاعد القتال.
وأضاف أن الغرض من الزيارات كان البحث عن حلول، وليس الدعم العسكري، لكنه طلب من الدول الأخرى وقف الدعم الخارجي الذي يؤكد أن قوات الدعم السريع تتلقاه.
وقال البرهان "طلبنا من جيراننا مساعدتنا لمراقبة الحدود لوقف تدفق المرتزقة وهناك كثير من المقاتلين الأجانب في هذه القوات أتوا من جميع دول الجوار وسيكونوا في المستقبل خطرا على الدولة السودانية ودول الإقليم".
ويقول شهود إن عمليات القصف التي يقوم بها الجيش تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، وغيرها من الانتهاكات على نطاق واسع، فضلا عن المشاركة في الهجمات ذات الأهداف العرقية في دارفور.
تعليقات الزوار
لا تعليقات