نشر موقع “ذي هيل” مقالا لستيفن بلانك، الزميل بمعهد أبحاث السياسة الخارجية والمحاضر السابق في كلية الحرب الامريكية المختص بالدراسات الروسية والأمن القومي، قال فيه إن طموحات الجزائر للعب دور القائد بمنطقة غرب أفريقيا جعلتها تقترب في سياساتها من روسيا بالمنطقة.
وأشار الكاتب إلى أن قادة الانقلاب بالنيجر ردوا على تهديدات المجموعة الإقتصادية لغرب أفريقيا (ايكواس) بالتدخل العسكري لإعادة الحكومة المنتخبة بنيامي، بزيادة التوتر في منطقة الساحل والصحراء واحتجزوا السفير الفرنسي مما زاد من احتمالات اتخاذ تحرك ضدهم.
وبحسب الكاتب تشعر الجزائر، جارة النيجر في الشمال بالقلق من أي تدخل عسكري هناك. فهي، ونظرا لسياساتها من المغرب، محاطة فعلا بالتوترات في تونس وليبيا، ولهذا أعلنت علانية معارضتها للتدخل في النيجر.
ولأنها تنظر لنفسها كدولة ذات ثقل إقليمي فقد أصدرت بيانا صمم للتوسط في حل سلمي وتجنب التدخلات الخارجية في مالي وليبيا والتي تنظر إليها بالكارثية.
ويقول الكاتب إننا لو حكمنا على سياسات الجزائر السابقة، فهي تعارض بعض التدخلات الخارجية ولكنها تظل محايدة أو متعاونة مع الأنظمة التي تدعمها روسيا بمنطقة الساحل. ورفضت شجب الغزو الروسي لأوكرانيا ولا تزال أكبر مستورد للسلاح الروسي. وبحسب الكاتب “دعمت الجزائر تدخل “فاغنر” في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي ولا تتجنب الدعم الروسي في نزاعها الطويل مع المغرب بشأن مصير الصحراء الغربية”.
ويقول الباحث إن هناك اشارات عدة تشير لبصمات روسيا في النيجر، مع أن الانقلاب نبع من خلافات شخصية وطموحات قائد الحرس الجمهوري الجنرال عبد الرحمن تياني. ويبدو أن موسكو علمت بالأمر وساهمت بنشر آلاف اليافطات المؤيدة لروسيا رفعها المتظاهرون في النيجر ولتحذير ايكواس.
ولم تضيع روسيا أي وقت حيث التقت مع عنصر في الجماعة الانقلابية النيجرية في مالي ودعت لعدم التدخل هناك، ومن الواضح أنها كانت تريد استغلال الانقلاب.
وقد اكتشف الصحافي ديفيد أندلمان عددا من الرسائل على منصات التواصل الإجتماعي من عناصر فاغنر التي أصبحت تحت سيطرة موسكو بعد مقتل زعيمها، ويتطلع هؤلاء للسفر إلى النيجر أو الغابون التي شهدت انقلابا في 30 آب/أغسطس.
وبرأي الكاتب يبدو أن الجزائر وروسيا متفقتان على مجمل موضوعات السياسة الخارجية. وبحسبه كان ظهور الجنرال سيرغي سورفكين في الجزائر دليلا على قوة العلاقات العسكرية بين البلدين وكذا التنسيق في السياسة الخارجية. ونقلت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن مصدر مقرب من سورفكين قوله “تعتقد القيادة العسكرية والسياسية للبلد أن تطبيق السياسة الشرقية مهمة جدا”. وبرأي الباحث يبدو أن الاصطفاف الروسي- الجزائري يهدف إلى تحويل منطقة الساحل لساحة موالية لروسيا والجزائر مما يهدد دول القرن الإفريقي ونيجيريا. ويقول إن لدى الجزائر مصلحة واضحة في أن تكون دولة إقليمية مهيمنة، وتبدو المصالح الروسية واضحة للمراقبين، فمقابل صفقات السلاح ودعم الرجال الأقوياء وإدارة شبكة من المعلومات، ترغب روسيا بالحصول على امتيازات في المناجم وعقود الطاقة والمنافذ على الموانئ. وعبر هذا، فستطيل مدة وكلائها في السلطة وتعزز وتحافظ على حضورها السياسي والتأثير في الأمم المتحدة أو عبر تحالفات مثل البريكس الذي يضم روسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل أو الإتحاد الافريقي. ويقال إنها تريد الحصول على رخص لبناء قواعد عسكرية وجوية دائمة في دول القارة. وبحسب الكاتب عبرت موسكو عن رغبة ببناء قواعد عسكرية في الجزائر ودول أخرى منها ليبيا.
ويقول الباحث إن هذه السياسة تعود للأمين العام للحزب الشيوعي ليونيد بريجنيف التي اتسمت فترته بالبحث الدؤوب عن قواعد عسكرية في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، ولأن الحصول على مناطق جديدة لم يتوقف رغم الخسارة التي تعرضت لها روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، بل على العكس تريد روسيا إقامة قواعد عسكرية في المحيط الهندي.
ويرى الكاتب أن السياسة الخارجية الجزائرية الانتقائية والمعارضة للتدخلات العسكرية تضل عجلة لخدمة موقعها الإقليمي. وترغب روسيا من جهودها جعل الأفارقة، حسبما يرى المراقبون، يعتقدون أنها القوة العالمية. ومن الصعب معرفة ماذا سيحصل الأفارقة مقابل هذا، ولعل المقارنة الأقرب لهذه الجهود هي مع شركة الهند الشرقية البريطانية التي كانت رائدة الاستعمار الأوروبي بدون حصول الأفارقة على شيء إلا على استعمار جديد.
ويختم الكاتب بالقول إنه “وفي الوقت الذي تتدهور فيه روسيا نحو العصور الوسطى، فما يثير التساؤل هو انجرار الجزائر أو دولة أفريقية أخرى نحو مغامراتها”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات