يتوجّه وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو من 6 إلى 11 سبتمبر إلى الشرق الأوسط حيث سيزور السعودية والإمارات والكويت، وفق ما أعلنت وزارته الاثنين.
ومن المتوقع أن يلتقي لوكورنو الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووزير الدفاع محمد البواردي، وسيزور أيضًا القوات الفرنسية في الإمارات، بحسب الوزارة الفرنسية.
وتنظر فرنسا إلى الإمارات باعتبارها ممثلا وشريكا استراتيجيا لها في المنطقة، من المهم لها تعزيز التقارب الاستراتيجي بينهما. خصوصا في ظل المتغيرات الدولية فيما يتعلق بالحرب الروسية في أوكرانيا وإعادة صياغة الاستراتيجيات الأوروبية تجاه دول الخليج.
ويقول متابعون أن لوكورنو سيجري محادثات خاصة تتعلق بقضايا الأمن الداخلي والإقليمي، ومن المرجح أن تشمل الزيارة تطوير اتفاقيات التعاون الأمني وتأكيد حيوية علاقة الدفاع بين فرنسا والإمارات.
ويرجح هؤلاء أن يتم التنسيق لمشاركة فرنسا ودول الخليج في مناورات عسكرية مشتركة لتعزيز إمكانية التشغيل البيني وتعزيز القدرات العسكرية، كذلك مبيعات المعدات الدفاعية.
وأبرمت الإمارات مع فرنسا اتفاق تعاون دفاعي لتنويع مشتريات الإمارات من الأسلحة، لتصبح فرنسا أحد المزودين الرئيسيين للعتاد العسكري لدولة الإمارات، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الخامسة من بين أكثر مشترين للصناعات الدفاعية الفرنسية في الفترة بين 2011-2020، بحسب تقرير تم تقديمه للبرلمان الفرنسي حول صادرات الأسلحة الفرنسية.
وشهدت العلاقات العسكرية بين الإمارات وفرنسا، تطورا ملفتا خلال السنوات القليلة الماضية، فضلا عن الصفقات العسكرية والتسليحية، التي عقدت على مدى عقود، بدءا من اتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين عام 1995، وصفقة أسلحة بقيمة ثلاث مليارات دولار عام 1998 لشراء 30 مقاتلة ميراج.
ويرتبط البلدان باتفاقات دفاعية أثمرت عام 2009 عن تمركز قوة فرنسية دائمة في قاعدة بالإمارات قوامها أكثر من 650 عنصرًا، بالإضافة إلى عقود تسلّح ضخمة.
واستخدمت هذه القاعدة بشكل خاص خلال الجسر الذي أقامه سلاح الجو الفرنسي لإجلاء رعايا أجانب وأفغان من كابول إثر استعادة طالبان السلطة في أفغانستان في أغسطس 2021.
وعام 2022، بلغت صادرات الأسلحة الفرنسية مستوى "تاريخيًا" إذ وصلت قيمتها إلى 27 مليار يورو، خصوصًا نتيجة عقد اشترت بموجبه الإمارات 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال بقيمة 16 مليار يورو، بحسب تقرير سنوي للبرلمان الفرنسي.
وأصبح سلاح الجو الإماراتي بموجب الصفقة، أول مستخدم لهذه الطائرات المقاتلة متعددة المهام خارج فرنسا، وفقًا لشركة الطيران الفرنسية داسو للطيران.
وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية في فبراير2022، أن باريس ستتعاون مع أبوظبي على ضمان أمن مجالها الجوي في مواجهة هجمات الحوثيين.
وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، البدء في تفعيل اتفاقية التعاون والدفاع المشترك مع فرنسا، لمواجهة المحاولات الإرهابية الفاشلة لاستهداف دولة الإمارات.
وقالت وزارة الجيوش الفرنسية حينها إن الاتفاق مع أبوظبي يشهد تنفيذ العمليات من قاعدة الظفرة الجوية بتقديم قدرات إعادة التزويد بالوقود ودفاعات أرض- جو.
وأضافت الوزارة أن "العمليات التي ستقوم بها الطائرات مخطط لها بالتنسيق مع القوات الجوية الإماراتية، لكشف واعتراض الهجمات بطائرات الدرون أو صواريخ كروز التي تستهدف الإمارات".
وأفاد المسؤولون الفرنسيون إن عمليات إعادة التزويد بالوقود ومهمات الرصد الاعتيادية لطائرات رافال ستتم حصراً فوق الأراضي الإماراتية.
كما أبرمت الإمارات عقودا دفاعية، لتطوير عشرات الطائرات المقاتلة، وعقودا بأكثر من 6 مليارات دولار لتطوير 400 دبابة من طراز لوكليرك المتطورة.
وتعد فرنسا أحد المشاركين الدائمين، في معرض الدفاع الدولي "آيدكس" بالمقابل تشارك الإمارات دوريا في معرض يوروسا توري في باريس.
وعقد البلدان العديد من الاتفاقيات لشراء طائرات مروحية عسكرية، فضلا عن عقود لصيانة كافة القطع البحرية الفرنسية التي تمر بالموانئ الإماراتية.
وأشارت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير نُشر في مارس الماضي، إلى أن فرنسا باتت ثاني أكبر دولة مصدّرة للسلاح بعد الولايات المتحدّة، منافسةً روسيا التي انتقلت إلى المركز الثالث. ووفق التقرير، فإن من بين أبرز خمس عملاء لفرنسا، يأتي الخليج العربي في المرتبة الرابعة وقد يصعد إلى الثالثة في وقت قصير.
وتشمل جولة لوكورنو في الخليج، السعودية وهي الزيارة "الأولى لوزير جيوش فرنسي منذ خمس سنوات" بحسب الوزارة الفرنسية، وتندرج في إطار "ديناميكية استئناف المحادثات" وستتضمن لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وكذلك وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان.
وتزايدت مؤخرا الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين السعوديين والفرنسيين بشكل ملحوظ، ووفق وكالة الأنباء السعودية فإن التعاون العسكري مع باريس يتركز في مجالات التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في المملكة، حيث تربط البلدان اتفاقية أمنية في مجال قوى الأمن والدفاع، وتُعدّ فرنسا واحدةً من أهم الوجهات السعودية في مجال التسليح، خاصةً في المجالين البحري والجوي.
وترتبط باريس والرياض بمجموعة من الاتفاقيات في المجال العسكري، من ضمنها مشروع مشترك مع إيرباص في مجال الطيران العسكري، إضافة إلى مشروع مشترك مع مجموعة فيجياك أيرو الفرنسية، والشركة العربية السعودية للاستثمارات الصناعية (دُسر)، وتأسيس شركة "سامي فيجياك أيرو للتصنيع ذ.م.م." بهدف بناء منشأة تصنيع عالي الدقة في السعودية لإنتاج مكونات هياكل الطائرات.
ويسعى المشروع المشترك إلى تطوير قدرات المملكة في صناعة هياكل الطائرات، بالإضافة إلى تدريب المهندسين والفنيين السعوديين للعمل كجزءٍ من هذا المشروع، وأيضاً تعزيز توطين صناعات الطيران العسكرية والمدنية في السعودية تماشياً مع رؤية المملكة 2030. وتركز المنتجات الأولية على تصنيع وتجهيز السبائك الخفيفة (الألمنيوم) والمعدن الصلب (التيتانيوم) لأجزاء الطائرات.
وفي الكويت، من المقرر أن يلتقي الوزير نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح وأن يتطرقا إلى "التعاون على مستوى العمليات" على أن يتضمن جدول أعمال المحادثات موضوع "تدريب العسكريين".
ومن المقرر أيضًا أن يلتقي جنودًا فرنسيين متمركزين في الكويت ضمن عملية "العزم الصلب" وهو تحالف دولي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
وترتبط فرنسا والكويت في مجال الدفاع باتفاق موقّع في عام 1992، وهو أول اتفاق توقّعه فرنسا مع بلد خليجي، ثم أعاد البلدان تجديد هذا الاتفاق في عام 2009.
وأسهم حضور فرنسا العسكري في الخليج ومشاركتها في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، في تعزيز صورتها كجهة فاعلة نافذة في المنطقة، وفق الدبلوماسية الفرنسية في الكويت.
ونشرت صحيفة القبس الكويتية، في يوليو 2022، خبراً عن السفيرة الفرنسية في البلاد كلير لو فليشير، تؤكد فيه ارتباط البلدين في علاقة دفاعية طويلة الأمد، إذ درّبت فرنسا 500 عسكري كويتي، وزودت الكويت بمعدات وآليات عسكرية ودفاعية متطورة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات