اقترح رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يتولى أيضا الرئاسة الدورية للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إكواس” الخميس، مرحلة انتقالية من تسعة أشهر تمهد لعودة الديمقراطية في النيجر، على غرار ما قامت به نيجيريا في تسعينات القرن الفائت بعد الحكم العسكري.
وأفاد بيان للرئاسة النيجيرية أن “الرئيس لا يرى سببا لعدم تكرار ذلك في النيجر، إذا كانت السلطات العسكرية في النيجر صادقة”، مؤكدا أن “إكواس” لن ترفع العقوبات التي فرضتها على النيجر حتى يقوم العسكريون بـ”تعديلات ايجابية”.
ونقل البيان عن تينبو قوله إن “ما فعله العسكريون غير مقبول. كلما سارعوا إلى القيام بتعديلات ايجابية، سارعنا إلى مراجعة العقوبات لرفع المعاناة التي نراها في النيجر”.
وأثار الانقلاب انتقادات واسعة على المستوى القاري والدولي، خصوصا من “إكواس” التي فرضت عقوبات قاسية على نيامي ولوّحت باللجوء إلى القوة لإعادة الانتظام الدستوري، لكن لا تزال أطراف عدة تحبّذ الدبلوماسية لإيجاد حلّ للأزمة.
وتُعد نيجيريا القوة الأكّبر ضمن مجموعة “إكواس”، كما أنها تترأس حاليا مؤتمر رؤساء المجموعة، ويعتبر مراقبون أنَّ أيَّ تدخل عسكري من قبل المجموعة في النيجر، سيعتمد بشكل أساسي على نيجيريا، التي يتألف جيشها من 223 ألف فرد، فضلا عن امتلاكه طائراتٍ ومقاتلات حديثة.
ولا تعود أهمية نيجيريا فقط إلى قدراتها العسكرية فقط، بل لأن لها حدوداً بطول 1600 كيلومتر مع النيجر أيضا.
وكانت “إكواس” قد استخدمت القوة العسكرية في السابق، لإعادة النظام الدستوري في جامبيا عام 2017، عندما رفض الرئيس يحيى جامع التنحّي، بعد خسارته في الانتخابات، لكن مراقبين يعتبرون أن تدخلا مشابها في النيجر سيكون أصعب بكثير، إذ أن مساحة النيجر تعد أكبر من مساحة جامبيا، وهو ما يجعل مهمة إرسال قوات عسكرية إليها محفوفة بمخاطر أكبر.
ورفضت مالي وبوركينا فاسو اللتان يحكمهما العسكر أيضا نتيجة انقلابات وقعت بين 2020 و2022، التلويح بالقوة ضد النيجر وأعربتا عن دعمهما لها في مواجهة التهديدات.
وقال بيانٌ مُشترك لبوركينا فاسو ومالي، إن أي خطوة كهذه ستُعَد بمثابة إعلان حرب ضدهما أيضا.
والخميس، وافقت حكومة بوركينا فاسو على مشروع قانون يجيز إرسال كتيبة عسكرية إلى النيجر، من دون تحديد تفاصيل ذلك.
وكان رئيس المجلس العسكري في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني وقّع الأسبوع الماضي مرسوما يتيح للقوات العسكرية لمالي وبوركينا فاسو التدخل على أراضي النيجر في حال تعرضها “لاعتداء أو زعزعة استقرار عسكرية خارجية”.
كما يتصاعد التوتر بين فرنسا والانقلابيين، بعد طرد السفير الفرنسي وإعلان تياني إبطال اتفاقات عسكرية مبرمة مع فرنسا في خطوة رفضتها الأخيرة، وحذر المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيير غوديير الخميس من أن “القوات العسكرية الفرنسية مستعدة للرد على أي تصعيد للتوتر من شأنه أن يقوض الوجود العسكري والدبلوماسي الفرنسي في النيجر” وأنه “تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية” هذا الوجود.
ويعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الانقلاب في النيجر الذي أطاح بالرئيس المقرب من باريس محمد بازوم من أبرز التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الفرنسية.
وقال ماكرون أنّ فرنسا ترفض أي “إملاء” أو “ضعف” في إفريقيا خصوصا منطقة الساحل التي شهدت انقلابا عسكريا هو الثالث بعد مالي وبوركينا فاسو، داعيا دولها إلى اتباع “سياسة مسؤولة”.
وانتقد ماكرون حلفاءه الغربيين مثل واشنطن وبرلين وروما لتفضيلهم اعتماد المسار الدبلوماسي في النيجر، في حين لم تخف باريس استعدادها لدعم خيار التدخل العسكري الذي لوّحت به “إكواس” لإعادة الانتظام الدستوري إلى نيامي. وأوضح “يقولون لنا إن السياسة الملائمة هي التخلي عن (الرئيس المخلوع) لأن هذا هو الرائج حاليا، يجب أن يكون كل شيء منتجا محليا، حتى إذا كان الأمر يتعلق بانقلابيين”.
وعلى رغم المواقف الحادة المتبادلة، لا تزال أطراف عدة تحبّذ الدبلوماسية لإيجاد حلّ لأزمة الانقلاب في النيجر.
تعليقات الزوار
لا تعليقات