استفاق سكان مدينة أمدرمان السودانية الثلاثاء على دوي قصف أسلحة المدفعية والطيران الحربي، واشتباكات الرصاص بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي حاولت شن هجوم من ثلاثة محاور على معسكر «الاحتياطي المركزي» التابع للشرطة هناك، قبل أن يمتد القتال إلى مناطق أخرى.
وقبل المعركة وصلت أرتال من الجنود والتعزيزات العسكرية لقوات «الدعم» من مدينة بحري عن طريق جسر شمبات، لتقوم مباشرة وفي ساعات الصباح الأولى بالتحرك ومهاجمة مقر الاحتياطي المركزي في أمدرمان، وارتكازات الجيش الموجودة في المكان والتي استطاعت صد الهجوم وقتل وأسر عدد من «الدعم» واغتنام عتاد عسكري ومدرعات وسيارات حربية.
وتمددت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين إلى محيط المنطقة الصناعية وحي زقلونا وسط أمدرمان، كما شهدت أحياء ود نوباوي، العمدة، المسالمة اشتباكات مشابهة.
ووفق شهود عيان، شهد محيط الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في حي الملازمين قتالا عنيفا في محاولة من الجيش لمحاصرة قوات الدعم السريع التي استولت على المكان منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان الماضي، كذلك دارت معارك محدودة بالقرب من سلاح المهندسين.
وقال رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السابق، العقيد إبراهيم الحوري، إن الجيش استلم دبابة وثلاث ناقلات جنود وعددا من السيارات تتبع للدعم السريع، بعد مهاجمة معسكر الاحتياطي، بينما قام بتدمير عربتين وقتل (15) فردا من الدعم السريع في محيط سلاح المهندسين.
«مجازر بشعة»
في الأثناء، أعلنت «الدعم السريع» إسقاط طائرة حربية من طراز (ميغ) تتبع للجيش في منطقة بحري بعد مشاركتها في معارك أمدرمان، وأسر الطيارين اللذين كانا على متنها.
وقال في بيان: «هاجم طيران الانقلابيين صباح اليوم (أمس) عددا من الأحياء السكنية في أمدرمان مرتكبا مجازر بشعة خاصة في منطقة أمبدة ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين الأبرياء».
وبث فيديوهات لاستجواب كابتني الطيارة التي أسقطت ـ كان أحدهما مصابا ـ وأكدا أن الطيارة الحربية التي كانا يقودانها من طراز الطيارات العسكرية الصينية العاملة في السودان، وأنهما أقلعا من وادي سيدنا الجوية. وعقب الاستجواب راح يهتف جنود وقادة من الدعم الذين أوضحوا بدورهم أن الأسرين سيتلقيان العلاج وتتم معاملتهما وفقا للقانون الدولي الإنساني.
كانت قوات «الدعم» قد أعلنت الأحد إسقاط طائرة من الطراز نفسه فيما لم تعلق قيادة الجيش.
وتصاعدت وتيرة المعارك في أمدرمان منذ الأحد الماضي، بعد تحركات مكثفة للجيش قال إنه يستهدف من خلالها إنهاء التمرد هناك، من ثم الانتقال إلى الخرطوم والخرطوم بحري.
وتعتبر معارك أمدرمان أمس الأعنف من نوعها، حيث استخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، فيما تدخل الطيران الحربي التابع للجيش لمساندة قواته على الأرض وقصف تجمعات الدعم.
وفي غضون ذلك، أفادت لجان المقاومة في أمبدة وأمدرمان القديمة، عن وقوع قتلى وجرحى وسط المدنيين جراء الاشتباكات الأخيرة. وأطلق أطباء في مستشفى النو نداء عاجلاً مؤكدا الحاجة لاختصاصي باطنية واختصاصي جراحة مخ وأعصاب بالإضافة لمعدات إسعاف.
على الضفة الأخرى من نهر النيل وفي مدينة بحري كشفت لجان المقاومة الشعبية عن وقوع اشتباكات عنيفة بالمدافع والدانات، ما أدى إلى مقتل سحر الجاز وعدد من الجرحى وسط المدنيين الذين ما زالوا في الحي وانهيار عدد من البيوت.
أما في مدينة الخرطوم فقد نفذت قوات العمل الخاص التابعة للجيش عمليات نوعية استهدفت ارتكازات للدعم السريع في حي جبرة جنوبي المدينة.
كذلك أفادت مصادر لـ«القدس العربي» بتجدد الاشتباكات في مدينة زالنجي في ولاية وسط دارفور، فيما تداول إعلام الدعم فيديوهات توثق لحظة اقتحامهم لقيادة الفرقة (21) في المدينة.
نهب مستشفى
إلى ذلك، أعلنت رابطة الأطباء الاشتراكيين «راش» عن خروج مستشفى زالنجي التعليمي عن الخدمة بعد تعرضه للنهب والسرقة.
وقالت في بيان لها: إن «مدينة زالنجي تواجه الموت مع استمرار الصراع المسلح بين ميليشيا الدعم السريع والقوات المسلحة، الأمر الذي أدى إلى توقف المستشفى الرئيسي في المدينة وعموم الولاية عن الخدمة».
وحذر البيان من كارثة صحية تهدد حياة المواطنين في ولاية وسط دارفور. وأضاف أن الوضع مشابه لما حدث ويحدث في مدينة الجنينة.
وفي سياق المعارك، اشتبكت قوة من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مساء الإثنين، مع الدّعم السريع غربي مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.
ووفقا لموقع «سودان تربيون» كانت القوة المشتركة التي تضم حركة تحرير السودان، قيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، وتجمع قوى تحرير السودان والتحالف السوداني، في طريقها لولاية النيل الأبيض قادمة من الفاشر بشمال دارفور لنقل وقود مخصص لإقليم دارفور.
وقال المتحدث باسم تجمع قوى تحرير السودان فتحي عثمان: إن «قوة تتبع للدعم السريع اعترضت القوات المشتركة غربي مدينة الأبيض وطالبت بإدخال قواتهم وسط القوة المشتركة لتسهيل دخولها الأبيض الأمر الذي رفضه قائدئها ما أدى لوقوع اشتباكات بين الجانبين لكن دون خسائر».
وأكد أن قواتهم تمكنت من الوصول إلى الأبيض دون أن تسمح لقوات الدّعم السريع بالتسلل معها الى مركز المدينة.
يذكر أنه رغم الحصار المتواصل منذ أسابيع من قبل قوات الدعم لمدينة الأبيض إلا أنها ما زالت تحت سيطرة الجيش.
تعليقات الزوار
لا تعليقات