شهدت العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الأحد تصاعدا في حدة الاشتباكات والقصف المدفعي والضربات الجوية مع دخول الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعه الحادي عشر، ما تسبب في نزوح 2.5 مليون شخص وخلق أزمة إنسانية، بينما تتصاعد التحذيرات من انزلاق البلد إلى حرب عرقية.
وتأتي هذه التحذيرات بينما تحدثت تقارير محلية عن عمليات قتل ذات طابع عرقي مع احتدام قتال قبلي وانتشار فوضى تعيد إلى الأذهان مجازر ارتكبت في إقليم دارفور في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.
وكانت حصيلة الضحايا ثقيلة خصوصاً في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، حيث انضمّ للقتال مدنيون مسلحون ومقاتلون قبليون. ووفق الأمم المتّحدة، سقط بالمنطقة 1100 قتيل كما وقعت تجاورات يمكن أن ترقى إلى "جرائم ضدّ الانسانية".
وفي الشوارع الطينية في الجنينة لا تزال حتى اليوم الأحد جثث مغطاة بملابس على عجل ترقد على الأرض تحت شمس حارقة فيما أبواب عدد من المتاجر مغلقة وأخرى مشرّعة تعرّضت للنهب.
وعلى الطريق المؤدية إلى تشاد تواصل أعداد كبيرة من العائلات الفرار وتحاول تجنب الطلقات الطائشة من الجانبين.
ودعت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني السبت لإنشاء ممر آمن للفارين من الجنينة ومساعدة عمال الإغاثة في الوصول إليها بعد ورود تقارير عن عمليات إعدام لأشخاص دون محاكمتهم محاكمة نزيهة بين المدينة والمناطق الحدودية و"استمرار انتشار خطاب الكراهية"، بما في ذلك دعوات لقتل المساليت أو طردهم.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو مليوني شخص من بين أولئك الذين شردهم الصراع في السودان نزحوا داخليا وفر ما يقرب من 600 ألف إلى البلدان المجاورة.
وأشار شهود إلى زيادة حادة في أعمال العنف خلال الأيام الأخيرة في نيالا، أكبر مدن إقليم دارفور غرب البلاد. ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر السبت فيما يتعلق بالاستهداف العرقي وقتل أفراد من جماعة المساليت في الجنينة بولاية غرب دارفور.
وتعد العاصمة السودانية ومدينة الجنينة الأكثر تضررا من الصراع الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، غير أن التوتر والاشتباكات تصاعدا الأسبوع الماضي في أجزاء أخرى من دارفور وفي كردفان جنوب البلاد.
وزادت الأعمال القتالية منذ أن انتهك طرفا الصراع سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار التي جرى الاتفاق عليها في جدة بعد محادثات قادتها الولايات المتحدة والسعودية. وتأجلت المحادثات الأسبوع الماضي.
وقال سكان في الخرطوم وبحري وأم درمان، وهي المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، إن قتالا عنيفا اندلع ليل السبت الأحد.
ويستخدم الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة لطرد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، من أحياء الخرطوم.
ونشرت قوات الدعم السريع اليوم الأحد على صفحتها بموقع فيسبوك فيديو يظهر سيطرتها على مقر رئاسة قوات الإحتياطي المركزي التابعة للشرطة السودانية.
وقال محمد السماني (47 عاما) "نعاني من ضربات جوية وقصف مدفعي وإطلاق نيران مضادة للطائرات منذ الصباح الباكر في شمال أم درمان... أين محادثات جدة، لماذا تركنا العالم نموت وحدنا في الحرب الدائرة بين البرهان وحميدتي؟"
وأفاد شهود بتدهور ملحوظ في الوضع الأمني في مدينة نيالاخلال الأيام القليلة الماضية، مع اندلاع اشتباكات عنيفة في بعض الأحياء السكنية.
كما اندلع قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الأسبوع الماضي في محيط مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تقول الأمم المتحدة إنه يتعذر على العاملين في مجال الإغاثة الوصول إليها.
وفي مدينة الجنينة التي شهدت انقطاعا كاملا تقريبا في شبكات الاتصالات وإمدادات المساعدات في الأسابيع الأخيرة، أدت هجمات ميليشيات عربية إلى فرار عشرات الآلاف عبر الحدود إلى تشاد.
وعلى مدى أسابيع، حاول الأميركيون والسعوديون حمل طرفي الصراع على الوصول إلى تسويات أو إلزامهما على الأقلّ بفتح ممرات آمنة. لكن منذ الأربعاء علّقت واشنطن جهودها.
تعليقات الزوار
لا تعليقات