اتهمت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على حسابها الرسمي بمنصات التواصل الاجتماعي، الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، بنقل الصراع الدائر في الخرطوم إلى إقليم دارفور وإخراجه من نطاقه السياسي إلى القبلي في محاولة لاستثارة العصبية القبيلة والعرقية لتأجيج النزاع.
وسبق لقوات الدعم أن حذّرت منذ اندلاع الصراع المسلح الذي اتهمت فلول النظام السابق وجناح اخواني في الجيش بتفجيره في منتصف أبريل/نيسان الماضي، من وجود دفع داخل القوات المسلحة لإقحام القبائل والحركات المتمردة في الصراع، وهو ما حدث لاحقا بالفعل مع اندلاع مواجهات في الإقليم.
وتسبب ذلك في أزمة إنسانية خطيرة كما نسف الجهود التي بذلتها قيادة الدعم السريع لتوطيد الأمن والاستقرار في دارفور ودعم جهود المصالحات.
ووصفت في بيانها الأعمال القتالية في الجنينة بأنها صراع قبلي، متّهمة الجيش السوادني بتأجيج نار النزاعات، مؤكدة أنها تبذل جهودا لإدخال المساعدات إلى المدينة.
وقالت "منذ أن فرضت علينا الحرب في الخرطوم بواسطة ميليشيا البرهان الانقلابية وفلول النظام البائد المتطرفة في فجر يوم الخامس عشر من أبريل الماضي حرصنا في قوات الدعم السريع على وضع هذه الحرب في سياقها الصحيح، كحرب سياسية لإجهاض مخطط انقلابي نفذه النظام البائد عبر أذرعه داخل القوات المسلحة لقطع الطريق أمام عودة مسار التحول المدني الديمقراطي".
وتابعت "حرصنا في قوات الدعم السريع على تجنيب مناطق السودان الأخرى جحيم هذه الحرب، لاسيما المناطق الأكثر هشاشة مثل إقليم دارفور الذي عانى لعقود طويلة من الحرب والتهميش والتدمير، مما أحدث انقسامات عميقة في نسيجه الاجتماعي".
وأكدت أن "ما يحدث في غرب دارفور من قتال قبلي يجب أن يتوقف فورا حقنا للدماء ودرءا للفتنة التي أشعلتها أذرع النظام البائد المتطرفة"
وجددت موقفها الثابت من الأزمة في غرب دارفور و"هو الالتزام بمبدأ الحياد"، مذكرة بأن "التوجيهات الصارمة من القيادة لقوات الدعم السريع بغرب دافور هي عدم التدخل بأي شكل من الأشكال والبقاء في أماكن سيطرتها وهو ما تم بالفعل خلال الأزمة الراهنة"، بينما "لم تستبعد قيام أذرع النظام البائد داخل قوات الانقلابيين بتوزيع أزياء الدعم السريع على عناصرهم التخريبية مثلما قاموا بكسر مخازن الأسلحة وتوزيع السلاح لأحد طرفي الصراع من أجل تأجيج المعارك".
ودعت "كافة مكونات السودان الاجتماعية خاصة مجتمع دارفور لتجنب دعوات الاحتراب الأهلي وتعزيز قيم التعايش السلمي"، مؤكدة أن "الحرب ستضع أوزارها قريبا بعد أن نتخلص من طغمة فلول النظام البائد حتى ينشأ نظام سياسي عادل في السودان، يحقق سلاما حقيقيا وينهي كافة أشكال المعاناة التي عاشها الشعب السوداني لسنوات طويلة".
وكان أسرى لدى قوات الدعم السريع من قوات الجيش ومن فلول النظام السابق قد كشفوا عن مخطط يقودها الجناح الاخواني داخل الجيش لتوسيع نطاق المواجهة إلى دارفور ومحاولة استقطاب حركات التمرد.
ويأتي إشعال الصراع في إقليم دارفور أيضا لتخفيف الضغط على الجيش السوداني في الخرطوم مع تحقيق قوات الدعم السريع مكاسب ميدانية وفك الحصار عن بعض وحداته القتالية، وفق مصادر محلية.
لكن حتى قوات الدعم ذاتها تواجه وضعا صعبا مع استخدام الجيش لسلاحي المدفعية والطيران الحربي في المواجهات الدائرة في الخرطوم.
وينظر لتوسيع الصراع إلى دارفور وربما لأقاليم أخرى على أنه استدعاء واستعجال لحرب أهلية خبرها النظام السابق وهي البيئة المفضلة للإخوان وطريقهم للعودة للحكم.
ودارت المواجهات في عدة مدن في غرب السودان اليوم الأربعاء في تمدد لنطاق الصراع الذي يقترب من شهرها الثالث، بينما لا تلوح أي بوادر انفراج بعد أن عجزت محادثات جدة عن دفع الجنرالين المتحاربين إلى وقف القتال.
وقصفت طائرات حربية مدينة الأبيض في جنوب السودان وفق شهود، غداة تحذير الأمم المتحدة من حصول "جرائم ضد الإنسانية" في إقليم دارفور.
وحوّلت الحرب التي تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة والطائرات الحربية والمسيرات العديد من أجزاء البلاد إلى مناطق "منكوبة".
وتسبب الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أزمة إنسانية في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى مثل الأبيض ونيالا والفاشر والجنينة. وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 1100 شخص قتلوا جراء القتال في هذه المدن.
وفي مقابلة مع قناة الحدث التلفزيونية من الجنينة طالب خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور المجتمع الدولي بالتدخل فيما وصفها بأنها "إبادة جماعية". وكان بالإمكان سماع دوي الأعيرة النارية والقصف المدفعي في الخلفية وهو يتحدث.
وتشهد منطقة دارفور في السودان صراعا متقطعا منذ بداية القرن الحالي وهو النزاع الذي أدى إلى نزوح الملايين ومقتل 300 ألف شخص في هجمات شنتها ميليشيات الجنجويد العربية. وولدت قوات الدعم السريع من رحم هذه الميليشيات، وأصبحت قوة حكومية قانونية في 2017.
وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الثلاثاء إن المسؤول الأممي "قلق للغاية من تزايد البعد الطائفي للعنف وكذلك من التقارير الخاصة بالعنف الجنسي".
ويقول المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس الذي أعلنه البرهان شخصا غير مرغوب فيه وطالب باستبعاده، إن "مسؤولية القتال في غرب دارفور تقع على عاتق الميليشيات العربية وبعض المسلحين الذين يرتدون زي قوات الدعم السريع".
وكانت تصريحاته تأكيدا واضحا لاستخدام ميليشيات موالية للجيش زي قوات الدعم السريع العسكري، في محاولة لتشويهها وإلصاق جرائم قتل وعمليات نهب بعناصرها، بينما كان قوات الدعم قد حذرت مرارا من هذه الحيلة.
وتعثرت الجهود الدبلوماسية بقيادة الولايات المتحدة والسعودية مع انتهاك العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار. وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأميركية أمس الثلاثاء إنهم يدرسون نهجا جديدا في الأيام المقبلة.
وقالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة محلية تراقب العنف اليوم الأربعاء إن قصفا مدفعيا أصاب منازل مدنيين في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور وإحدى أكبر مدن السودان.
وقال صلاح الأمين (39 عاما) "الهجوم يمكن أن يبدأ مرة أخرى في أي لحظة ولا نشعر بالأمان".
وأضافت الهيئة أن مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، تحت الحصار. ويسود الهدوء نسبيا مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال الإقليم، لكن مدينة كتم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع تشهد موجة نزوح.
وقال سكان في مدينة الأبيض التي تقع بين الخرطوم ودارفور، إن الجيش بدأ في شن ضربات جوية وقصف مدفعي على مواقع تابعة لقوات الدعم السريع. وتسيطر القوات شبه العسكرية على الطرق المتفرعة من المدينة واتفقت مع زعماء القبائل المحلية على تأمين المنطقة من العصابات المسلحة.
وداخل الخرطوم، تحدث سكان عن وقوع ضربات جوية ومدفعية في الأحياء الجنوبية والشرقية من المدينة اليوم الأربعاء.
وقالت الأمم المتحدة في وقت متأخر الثلاثاء إن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخليا، بينما غادر البلاد أكثر من 500 ألف شخص.
تعليقات الزوار
لا تعليقات