كثف قادة في الجيش السوداني من الظهور الإعلامي والميداني وسط قوات في مواقع غير معلنة بالعاصمة الخرطوم التي تشهد قتالا عنيفا كان أشده ذلك الذي يدور حول مجمع اليرموك للأسلحة والذخيرة بعد أن سيطرت عليه قوات الدعم السريع، في ظهور يبدو محاولة لإظهار السيطرة على الأرض ولمداراة ما قالت مصادر انقسامات وتوترات في صفوف القوات المسلحة ومحاولة لعزل قائد الجيش.
ولا توجد معلومات دقيقة وتفصيلية حول محاولة انقلاب داخل الجيش وعزل عبدالفتاح البرهان، لكن البرهان ذاته سبق أن أقر قبل انقلابه على الشركاء المدنيين في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بإحباط محاولات انقلابية عليه.
وبعد ظهور قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان مؤخرا وسط وحدة من قواته، ظهر نائبه الفريق أول شمس الدين كباشي اليوم الجمعة في مشهد مماثل، ليس للحث على القتال بل لنفي ما تردد عن انقسامات داخل الجيش وعن حالة ضعف على اثر تأكيد الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو ('حميدتي)، تحقيقها انتصارات ميدانية واستسلام قادة في وحدات الجيش وانضمام ضباط منه لقواتها.
ويبدو النفي وظهور الجنرالين تباعا، رسالة طمأنة على ما يبدو للموالين وللجنود على الأرض خشية انهيارات أو استسلام لقوات الدعم السريع ومحاولة للتأكيد على أن الوضع تحت السيطرة.
كما أن ذلك يؤكد وجاهة حديث قيادة قوات الدعم السريع عن جناحين داخل الجيش أحدهما من الإخوان وضباط موالين للنظام السابق.
وقال الكباشي، إن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان "يقود المعركة" مع قوات الدعم السريع، نافيا وجود أي انقسام بالجيش، مضيفا في فيديو نشرته صفحة القوات المسلحة السودانية على فيسبوك "قواتكم المسلحة متماسكة في كل مكان وعليكم عدم الاستماع للشائعات بأن الجيش اجتمع لعزل القائد العام، فهو الذي يدير المعركة مع هيئة القيادة".
ونفى كباشي في حديثه شائعات أُخرى حول "تصفية قيادات وأن الجيش منقسم على نفسه"، قائلا "الشائعات باعتقال قائد وتعرض آخر للتصفية وأن الجيش منقسم على نفسه، تعبير عن الانهزام"، مدعيا أن قوات الدعم السريع تشهد عملية "هروب يومي من العاصمة الخرطوم محملة بالمسروقات".
وسبق لقوات الدعم أن نشرت مقاطع فيديو لتوثيق سيطرتها على مواقع ومراكز للجيش السوداني لدحض ما يصدر عن قوات البرهان من أنها تفقد السيطرة وتغادر مواقعها.
وحقيقة وجود انقسامات في الجيش لم تعد أمرا خافيا إذ سبق أن أكدها ضباط انضموا لقوات الدعم وآخرون وقعوا في الأسرى، لكن تبقى المعلومات عن محاولة عزل البرهان احتمال وارد بالنظر إلى أن رئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك الذي عزله البرهان في انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن تحدث وكان حينها في السلطة عن انقسامات داخل القوات المسلحة وعن صراع على الكراسي.
وفي سبتمبر/أيلول 2021 أي قبل شهر من انقلاب البرهان على الشركاء المدنيين في الحكم، أعلنت الحكومة السودانية برئاسة حمدوك حينها إحباط "محاولة انقلابية" واتهمت "ضباطا من فلول النظام البائد" بتنفيذها، في إشارة إلى نظام البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة. وأقر البرهان ذاته في تلك الفترة أن الجيش هو من تصدى للمحاولة الانقلابية عليه في اعتراف نادر.
وقال كباشي "هذه القوات التي ترتدي الزي المدني تعمل في النهب والحريق وقد دمرت البلاد وهي متواجدة في بيوت الناس وفي مستشفى الدايات للولادة (بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم)".
وفي 19 مايو/أيار الماضي أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش (عبدالفتاح البرهان)، قرارا بتعيين كباشي نائبا له، وياسر العطا وإبراهيم جابر، مساعدان للقائد العام.
وفي تطور آخر أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الجمعة أن اعتبار الحكومة السودانية موفد المنظمة الدولية شخصا "غير مرغوب فيه" "يتنافى" ومبادئ الأمم المتحدة و"لا يمكن تطبيقه"، لافتا إلى أن صفة الألماني فولكر بيرتس "لم تتبدل".
وقال ستيفان دوجاريك إن "صفة السيد بيرتس لم تتبدل راهنا ويبقى موقف الأمين العام كما عبر عنه أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي"، في إشارة إلى "الثقة المطلقة" التي عبر عنها انطونيو غوتيريش تكرارا حيال موفده إلى السودان.
وأضاف "يذكّر الأمين العام بان مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا ينطبق على العاملين في الأمم المتحدة، وإثارته تتناقض مع التزامات الدول عملا بميثاق الأمم المتحدة".
وكانت وزارة الخارجية السودانية التابعة لمجلس السيادة الانتقالي بقيادة البرهان، أعلنت ليل الخميس أن الحكومة أخطرت الأمين العام بإعلان بيرتس "شخصا غير مرغوب فيه".
وأتى ذلك بعد طلب قائد الجيش السوداني أواخر مايو/ايار الماضي من غوتيريش استبدال بيرتس على خلفية اتهامه بتأجيج النزاع.
وقال مصدر حكومي سوداني إن بيرتس "انحاز إلى أطراف سياسية محددة"، ونظرا لعدم استجابة غوتيريش مع طلب البرهان "لم تجد الحكومة السودانية بدّا من اتخاذ هذا القرار".
تعليقات الزوار
لا تعليقات