أخبار عاجلة

مرشح لرئاسة في تركيا يتعهد بطرد “10 ملايين لاجئ”

بدا أن زعيم المعارضة التركية ومرشح تحالف “الأمة” للرئاسة كمال كليتشدار أوغلو يتودد للقوميين المتطرّفين لكسب أصواتهم قبيل جولة الإعادة الرئاسية التي سيخوضها مع الرئيس رجب طيب أردوغان في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. قال  كليتشدار أوغلو في خطاب أمام أعضاء حزب “الشعب الجمهوري” الذي يتزعّمه الخميس إنه سيُعيد جميع اللاجئين إلى بلادهم بمُجرد انتخابه رئيساً للبلاد. وأضاف  كليتشدار أوغلو: “أردوغان.. سمحت عن قصد بدخول عشرة ملايين لاجئ إلى تركيا. بل إنك عرضت الجنسية التركية للبيع للحصول على أصوات مستوردة”. يُشير الوعد الجديد لكليتشدار أوغلو إلى تراجع عن الوعد السابق الذي أطلقه في حملته الانتخابية عندما تعهد بإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلدهم في غضون عامين وبعد إبرام اتفاق مع النظام السوري من أجل سلامتهم وبالتنسيق مع الأمم المتحدة.

لم يُقدم كليتشدار أوغلو أدلة على مزاعمه بخصوص تجنيس اللاجئين من قبل حكومة أردوغان بهدف الاستفادة من أصواتهم، لكن تركيز خطابه الجديد على قضية اللاجئين منذ الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الأحد الماضي يعكس مساعيه لمحاولة إقناع تحالف “الأجداد” القومي اليميني المتطرّف بدعمه في جولة الإعادة. أدى حصول مرشح التحالف سنان أوغان على ما يقرب من 5% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى تحوله إلى لاعب مؤثر في جولة الإعادة رغم أنّه لم يعبر إليها. لكنّ بعض الخبراء يُقللون من قدرته على لعب دور “صانع الملوك” في الانتخابات الرئاسية. مع أن حصول أوغان على هذه النسبة من التصويت كان إحدى المفاجآت في انتخابات 14 مايو، إلآّ أن حصول تحالف “الأجداد” على ما يقرب من 2.5% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية يُشير إلى أن القوة التصويتية الصلبة لأوغان لا تتجاوز نسبة ما حصل عليه تحالفه في البرلمان. وما يُفسر ارتفاع نسبة التصويت له في الانتخابات الرئاسية هو الأصوات الإضافية التي ذهبت إليه بعد انسحاب زعيم حزب “البلد” مُحرم إينجه من السباق الرئاسي.

حتى لو قرر أوغان دعم أردوغان أو  كليتشدار أوغلو فلن يتمكن من توجيه الـ5% كاملة إلى أحدهما كما يقول الكاتب التركي المعروف عبد القادر سيلفي. وأشار سيلفي في مقال نشرته صحيفة “حريت” الخميس إلى أن “نسبة 5.2% التي حصل عليها أوغان في الجولة الرئاسية الأولى لا تخصه وحده. من المعروف أن نصفها ينتمي إلى مُحرم إينجه”. ويضيف: “ناخبو سنان أوغان ليسوا ناخبين آليين. ليس من المتوقع أن يتصرفوا ككتلة واحدة مع أوغان”. كانت الكثير من استطلاعات الرأي التي نُشرت قبل انتخابات 14 مايو توقّعت أن ما يقرب من 3% من الناخبين القوميين في التحالف “السداسي” المعارض سيُصوتون لصالح إينجه أو سنان أوغان كرد فعل منهم ترشيح قليجدار أوغلو للرئاسة وتحالفه مع حزب “الشعب الديمقراطي” الكردي الذي يعتبرونه واجهة سياسية لحزب “العمال الكردستاني”. وما عزز هذا الاعتقاد لديهم بيانات الدعم من قبل قادة في المنظمة المُصنّفة إرهابياً في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لكليتشدار أوغلو.

 يواجه  كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة صعوبة في الموازنة بين الحفاظ على تحالفه مع حزب “الشعوب” الكردي وبين كيفية استقطاب هذه الكتلة القومية. كان أحد الدوافع الرئيسية لكليتشدار أوغلو لحسم الانتخابات الرئاسية لصالحه في الجولة الأولى تجنب الوصول إلى هذا الاختيار. في مسعى للحصول على دعم أوغان، عقد أحمد داود أوغلو رئيس حزب “المستقبل” أحد أعضاء التحالف “السداسي” المعارضة اجتماعاً مع أوغان الخميس ووصف متحدث باسم الحزب اللقاء بأنه كان إيجابياً.

لم ينجح أردوغان مرشح التحالف الحاكم للرئاسة في الحصول على أكثر من خمسين في المئة من الأصوات في الجولة الأولى للفوز، لكنّه استطاع التفوق على كليتشدار أوغلو بفارق يقل بقليل عن خمس نقاط مئوية. على عكس أردوغان، الذي من المرجّح أن يحتاج فقط إلى كسب أقل من واحد في المئة من الأصوات الجديدة في جولة الإعادة للفوز، فإن المهمة على كليتشدار أوغلو تبدو أصعب. من أجل إقناع سنان أوغان بدعمه في جولة الإعادة، سيتعين على قليجدار أوغلو تقديم تعهّدات مؤلمة للقوميين المتطرفين بإعادة اللاجئين بشكل فوري إلى بلادهم في حال فوزه بالرئاسة وبتبني نهج قوي وواضح ضد حزب “العمال الكردستاني” المحظور وعدم منح حزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي أي حقائب في الحكومة الجديدة، فضلاً عن منح تحالف “الأجداد” مناصب سياسية رفيعة. يقول الكاتب التركي فكرة بلاه وهو داعم لكليتشدار أوغلو، إن الحكومة التي ستُشكلها المعارضة في حال فوز  كليتشدار وغلو، يُمكنها تنفيذ مطالب أوغان وتحالف “الأجداد”. وأضاف في مقالة نشرها موقع تلفزيون “خلق” المعارض: “أطروحات تحالف “الأجداد” أكثر انسجاماً مع حزب “الشعب الجمهوري” لأنه يدافع عن حكم القانون الديمقراطي والعلماني، ويلتزم بإرسال طالبي اللجوء، ويعارض الشريعة، ويفضل المجتمع الحديث والدولة، والعلم والعقل في التعليم”.

في الوقت الذي يبذل فيه قادة التحالف “السداسي” جهوداً لمحاولة استقطاب أوغان، لم يُبدي التحالف الحاكم حتى الخميس أية مؤشرات على إمكانية التفاوض مع أوغان للحصول على دعمه. لا بل إن وزير الداخلية سليمان صويلو جدد الخميس التأكيد على أن معالجة لملف وجود اللاجئين السوريين في تركيا ستتم وفق الخطة التي قدّمتها الحكومة وهي إعادتهم بشكل طوعي وفي فترة زمنية، وهو ما يتعارض مع رغبة القوميين المتطرفين بإعادتهم بشكل فوري. بعد نشر زعيم المعارضة كمال  كليتشدار أوغلو فيديو هاجم فيه الحكومة بسبب اللاجئين، سارع صويلو إلى الرد عليه قائلاً: “عاد حتى الآن نحو 553 ألفا و335 من إخواننا السوريين إلى المناطق الآمنة، ومعظم اللاجئين قادمين من حلب، وحلب من حدودنا الوطنية، وهؤلاء هم شعبنا”. يُعزز الخطاب الانتخابي للمعارضة بخصوص اللاجئين مخاوف اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، والذين يتجاوز عددهم وفق تقديرات رسمية ثلاثة ملايين لاجئ، من أن يتحولوا إلى مادة للمنافسة الانتخابية قبيل جولة الإعادة. يقول أحمد وهو لاجئ سوري مًُقيم في إسطنبول وفر إلى تركيا منذ اندلاع الحرب قبل 12 عاماً للقدس العربي: “من المؤسف أن يتحول وجودنا في تركيا إلى مادة للاستثمار الانتخابي”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات