عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم هو أحد أبرز الشخصيات السياسية في الجزائر خلال السنوات العشر الأخيرة. انسحب مؤخرا من رئاسة حركته التي تعد القوة الحزبية الثانية في البرلمان، بعد أن أتم ولايتين كاملتين على رأسها، لكنه لم ينسحب من المشهد السياسي، وهو في هذا الحوار الخاص مع «القدس العربي» يتحدث لأول مرة عن إمكانية عودته بمناسبة الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، حيث يقول بصريح العبارة إن لديه الرغبة والقدرة في أن يكون رئيسا للجزائر، ويتساءل في الوقت ذاته إن كانت الفرصة فعلا موجودة لمنافسة الرئيس عبد المجيد تبون إذا ما قرر الترشح لعهدة ثانية. وفي ما يأتي نص الحوار.
○ غادرتم رئاسة حركة مجتمع السلم بعد 10 سنوات من قيادتها ونحو 40 سنة من عضوية مكتبها السياسي. كيف هي الحياة خارج المسؤولية وما هي اهتماماتك الأساسية في هذه الفترة؟
•يوجد شيء واحد فقط تغير، وهو أمر مهم ولا شك، الذي تغير هو التخفف من الشعور بالمسؤولية كأول شخص يُسأل من الله تعالى والمناضلين والرأي العام والتاريخ تجاه حركة كبيرة، بتاريخها وأعضائها ومحبيها، رجالا ونساء، من مختلف الأجيال، ومكتسباتها السياسية وهياكلها وسمعتها ومؤسساتها وطموحاتها المستقبلية. واليوم بفضل الله أشعر براحة بال بعد أن أديت مهمتي على أحسن حال، فقد تركت الحركة قوية موحدة مستقرة، ذات سمعة ومكانة عند الجميع. مكنني الله تعالى أن أجدد التركيبة البشرية إذ صعّدت للقيادة، جيلين في نفس الوقت (أضيفوا لمن سبقهم): جيل رئيس الحركة الحالي ومن معه، وجيل من الشباب يشارك في القيادة في مختلف مستويات الهياكل والمؤسسات، وتركت فكرا متجددا متبعا، وتركت هياكل تنظيمية منتشرة وقوية ومؤسسات وظيفية فاعلة وعلاقات متمددة في الداخل والخارج.
○ وضع عبد الرزاق مقري حمس في صف المعارضة وامتاز خطه بالشدة أحيانا مع السلطة واللين والنصح أحيانا أخرى. هل يمكن أن تعود حمس بعد رحيلكم عن رئاستها إلى صف الموالاة؟
•نحن مارسنا السياسة طيلة العهدتين اللتين كنت فيهما رئيسا للحركة على أصولها المتعارف عليها في العالم، فتوصيفنا بأننا حزب معارض معناه أننا لسنا في الحكومة وأننا نعارض بشكل عام التوجهات الاقتصادية والسياسية التي تسير عليها السلطة في الجزائر، ونقاوم الفساد والتضييق على الحريات ولكن لسنا في خصومة مع مؤسسات الدولة ونفرح بكل إنجاز يكون في صالح الجزائر والجزائريين ولو جاء من الحكومة التي نعارضها، ونحن منفتحون للحوار مع كل الأطراف. والانتقال في الأداء السياسي بين الشدة واللين، أو ما يسمى بالكر والفر، هو عين الحكمة وهو ديدن القادة والسياسيين عبر التاريخ وفي العالم، والعبرة بالنتيجة، أنا والفريق الذي اشتغل معي حققنا بهذه السياسة نتائج جيدة على المستوى الانتخابي والانتشار التنظيمي وتنمية وترقية الموارد البشرية والمؤسسات الوظيفية العديدة. أما عن سؤالك هل ستعود الحركة بعدي إلى الحكومة؟ نعم يمكن أن نكون في الحكومة إذا نجحنا في الانتخابات المقبلة وتوصلنا إلى إمكانية تطبيق برنامجنا، وكان يمكن أن نكون في الحكومة في عهدي لو توصلنا إلى اتفاق حول البرنامج حين دعانا رئيس الجمهورية إلى المشاركة في الحكومة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة. أما أن نكون في الحكومة للمشهدية فقط ولتحقيق مصالح أفراد منّا على حساب عموم المناضلين والبلد والمشروع وللتغطية على الفشل والفشل فهذا غير وارد والله أعلم.
لقد أصبح هذا التوجه قناعة عامة في كل المستويات النضالية تحميه ثقافة عامة غالبة، وشعور كبير بالاعتزاز به لدى المناضلين، وثمة قوانين ولوائح تحمله صادق عليها المؤتمر السابق والذي قبله. والتراجع من وجهة نظري عن هذا الخط السياسي غير وارد لأن الذين يقودون الحركة بعدي هم من صناعه، علاوة على أن تغيير فكر مستقر منتج ومثمر له أشخاص مهمون يدافعون عنه في مؤسسات الحركة محليا ومركزيا، وأنا واحد منهم، لا يكون سهلا.
والحقيقة يمكن اعتبار نتائج المؤتمر الأخير هو نهاية الجدال حول هذه القضية داخل الحركة، من حيث أن نتائج الانتخابات الداخلية في الولايات التي أدت إلى انتخابات رئيس الحركة الجديد مكنت لهذا التوجه بشكل حاسم، والنقاش الآن متجه أكثر للخارج وليس في داخل الحركة، كيف نكون مؤثرين أكثر وكيف يتوسع وجودنا في المجتمع، وكيف نصل إلى انتقال من المشاركة السياسية إلى الشراكة في الحكم لتطبيق برنامجنا وإصلاح حال بلدنا.
○ كان آخر تصريح لكم بعد لقاء الرئيس عبد المجيد تبون مثيرا للجدل، بعد أن أثنيتم على طريقة تعامله مع المعارضة ورحابة صدره، كما أوردتم في خطابكم الأخير في المؤتمر عبارات ثناء على سياسة الرئيس، هناك من رأى أن هذا الكلام لا يتناسب مع توجه المعارضة الذي تتبنونه. كيف تردون على ذلك؟
•ما قلته هو عين الحقيقة، لم أجد صعوبة في التواصل الدائم مع الرئيس وعبرت له بشكل مباشر وصريح عن آرائنا في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يتعلق بالحريات وقضايا الفساد وغير ذلك، وفي خطابي الافتتاحي للمؤتمر أثنيت على جوانب مهمة في السياسة الخارجية الجزائرية، وخصوصا ما يتعلق بالملف الفلسطيني، ولكن لم يخل خطابي من النقد الشديد في العديد من الملفات، بل كان هو الأكثر ورودا. ولكن أنا أعلم أن هناك في الجزائر من يريد أن يكون خطابنا صداميا في كل كلماته، وهذه الأطراف بعضها يريد أن يستعملنا في تصفية حساباتهم مع الرئيس، أو لعبة الصراع على الحكم، وبعضهم له ثارات تاريخية، علاوة على أن كثيرا من المواطنين ضحايا التضييق أو الفساد أو في معيشتهم لا يتحملون أية كلمة إيجابية اتجاه الحكم، وهذا أمر نتفهمه ولكن نحن نبني تقاليد سياسية تبني المجتمعات والأمم بناء سليما، والمعارضة في الدول الديمقراطية ليست في قطيعة مع السلطات، بل كثيرا ما يحدث اتفاق حول بعض الملفات والقوانين، ويوجد حوار دائم بين المعارضة والموالاة، وحتى مسار الانتقال الديمقراطي الذي أسسنا له مع غيرنا من الأحزاب في التنسيقية وصولا إلى لقاء مازفران كان يدعو إلى الانتقال الديمقراطي المتوافق عليه. غير أنني أبقى أؤكد بأن سبب ضآلة الثقافة السياسية هو النظام السياسي الذي يُزهّد الناس في ممارسة السياسة على أصولها بسبب ديمومة التزوير الانتخابي وسياسات التحكم واستمرار الفساد وعدم القدرة على تحسين معيشة المواطنين.
○ يقترب الرئيس تبون من إتمام 4 سنوات في الرئاسة، أي تقييم تحتفظون به لهذه السنوات فيما يخص مسار الإصلاح السياسي وطريقة إدارة الحكم؟
•سؤالك محدد في قضية الإصلاح السياسي، وفي هذا المجال بالذات الفشل ذريع وواضح ولا يتحمل الجدال، ابتداء باستمرار التزوير الانتخابي الذي قدمت بشأنه حججا دامغة لرئيس الجمهورية، إلى فرض دستور غير ديمقراطي من عدة أوجه قدمنا بشأنه وثيقة متكاملة ستبقى للتاريخ وستكون مرجعا للدارسين، ومن ذلك طبيعة النظام السياسي الذي تبنى التوجه الدستوري البوتفليقي الهجين الذي لا هو نظام رئاسي ولا نظام برلماني ولا نظام شبه رئاسي، بل يعطي صلاحيات مضخمة للرئيس بدون أن يتحمل مسؤولية تعييناته وحتى التسيير الحكومي، إلى حد تكرر فيه المشهد الذي كان في العهد السابق، فوجدنا مرة أخرى الرئيس يشكو من الحكومة التي عينها ومن وزرائها، وكذلك نظام قضائي غير مستقل من حيث تشكيلته وصلاحياته، وحتى الأشياء الإيجابية فيه لا تطبق أو يحرفها أو يفرغها من محتواها القوانين والقرارات، ومن ذلك التحكم في المجتمع المدني بعدم تسليم وصول استلام الملفات في خلاف صادم لمواد الدستور، وتقريب الجمعيات الموالية والتضييق على الجمعيات المستقلة، ومن ذلك كذلك التحكم المطلق في وسائل الإعلام الثقيلة، وملاحقة المدونين ونشطاء التواصل الاجتماعي.
○ نشرت وكالة الأنباء الجزائرية قبل أيام مقالا يتحدث عن نقلة نوعية حدثت في فترة الرئيس تبون، وتشير قراءات إلى إمكانية أن يكون ذلك مؤشرا لبدء التحضير لعهدة ثانية للرئيس، هل استمرار تبون هو الخيار الأنسب للجزائر في المرحلة المقبلة في رأيكم؟
•نحن نعيش صورة إعلامية تشبه ما كنا عليه في زمن الحزب الواحد، وكأن كل الفضائيات والجرائد لها رئيس تحرير واحد، وعليه الرأي الغالب في الساحة الإعلامية والسياسية هو الرأي الرسمي. ومع ذلك نقول إن المؤشرات الاقتصادية تحسنت فعلا من حيث نسبة العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والنمو الاقتصادي واحتياطي الصرف، ولكن هناك ملاحظات مهمة بهذا الخصوص لا تنقلها وسائل الإعلام الرسمية والخاصة المتحكم فيها:
-هذه المؤشرات الإيجابية لم تؤثر إلى حد الآن في معيشة أغلب المواطنين من حيث غلاء المعيشة وتدني قيمة الدينار وحتى الزيادات في الأجور قضى عليها التضخم المتصاعد، ولا يخفى على أحد أن العامل الذي تصل أجرته 60.000 دينار أصبح محتاجا والذي تصل أجرته إلى 30.000 دينار فقيرا ومسكينا.
-هذه المؤشرات لها علاقة كبيرة بظروف استثنائية إيجابية خارجة عن التدبير الحكومي وهو ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب القائمة في أوكرانيا، وكذلك بزيادة صادرات بعض المواد الطبيعية الأخرى كالحديد والأسمنت والأسمدة.
-هذه المؤشرات متعلقة بالإجراءات الحادة في وقف الاستيراد، وهو تدبير خاطئ إلى حد كبير حيث أن خفض الواردات يكون مفيدا من أجل حماية مؤقتة لصنف محدد من الإنتاج الوطني وليس كاستراتيجية شاملة لتحسين الميزان التجاري، وقد ظهرت الآثار السلبية التي كنا قد نبهنا إليه وأنا شخصيا تحدثت بها للمسؤولين بشكل مباشر عدة مرات. والرئيس نفسه قام بنقدها في آخر المطاف بعد أن تسببت في ارتفاع كبير للندرة وللأسعار.
-والمهم في كل هذا أن هذه المؤشرات ليست مرتبطة بنمو وتطور المؤسسة الاقتصادية، التي تمثل العنصر الأساسي في تحقيق التنمية والرفاه الاقتصادي، لا يوجد تطور كمي ولا نوعي في نشوء وتطور المؤسسة الاقتصادية بالشكل الذي يقضي على البطالة ويزيد في الإنتاج والنمو والناتج الإجمالي والثروة الوطنية على أساس قيمة العمل التي وحدها ما يضمن مستقبل البلاد ويحفظها من التطورات السلبية في سوق المحروقات ومن الأزمات العالمية.
أما عن تحضير تبون نفسه لعهدة ثانية فأنا ليست لدي معلومات في ذلك، ولكن هناك مؤشرات في محيطه قد تفسر بأن ثمة تحضيرا لعهدة ثانية، والقرار في الأخير يخص الرئيس والدستور يسمح له بذلك، وقد يرى بأنه بدأ عملا يريد أن ينهيه، ولكن لا يهم هل سيتقدم أم لا، المهم هل ستجري الانتخابات في ظروف ديمقراطية أم لا. لأنه إذا كان هناك مرشح تسخر له قوى ومؤسسات الدولة، فما الفرق في أن يكون المرشح عبد المجيد تبون أو غيره ما دام هو مرشح قوى ومؤسسات الدولة؟ من يستطيع أن ينافسه على منصب الرئاسة؟
○ حاولتم المشاركة في رئاسيات نيسان/ابريل 2019 التي أجهضها الحراك الشعبي وامتنعتم عن الترشح لرئاسيات كانون الأول/ديسمبر 2019. هل تفكرون في إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وهل وجودكم خارج رئاسة حمس سيكون عائقا امامكم؟
•للتصحيح نحن ترشحنا لرئاسيات نيسان/ابريل 2019 قبل الحراك الشعبي وانسحبنا بعد أن ترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة قبل أن يقضي عليها الحراك، ولم نترشح لرئاسيات كانون الأول/ديسمبر 2019 احتراما للحراك الشعبي وللجزائريين الذين كانوا لا يزالون في الشارع.
وفي الحقيقة أصبح واضحا عند أغلب قيادات الحركة في المكتب التنفيذي الوطني قبل المؤتمر الأخير أن عدم الترشح في انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2019 كان خطأ باعتبار أننا كنا قد خرجنا من منطق التغيير بالثورة السلمية عن طريق الشارع، بسبب الاستقطاب الحاد الذي قضى آنذاك على الحراك قبل أن تقضي عليه كورونا، وقبل أن ينجح النظام السياسي في احتوائه، ورجعنا في تلك الانتخابات الرئاسية إلى منطق المقاومة السياسية في الإطار القانوني ومنها المشاركة في الانتخابات رغم مخاطر التزوير، فكان علينا – بالنسبة لتيار داخل الحركة – أن نشارك في الانتخابات.
وبغض النظر عن صوابية هذا التقييم أو عدمه – حيث أننا لم نقيم الأمر رسميا – فقد وجدنا فعلا صعوبة كبيرة في استرجاع حاضنتنا الاجتماعية في الانتخابات التشريعية سنة 2021 بعد أن كان لأغلبها خيار آخر غير الذي فرضه مجلس الشورى آنذاك بعدم الترشح، إذ شارك عدد كبير من أنصارنا واستفاد غيرنا من مشاركتهم.
وفي كل الأحوال الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون ضمن منطق المقاومة السياسية، نتمنى أن يسبقها حوار مع الرئيس والسلطات حتى يكون تقديرنا للموقف فيها أكثر دقة وفائدة. أما بخصوصي فأنا كأي شخص سياسي عاش طيلة عمره في النضال تهمه الانتخابات الرئاسية والذي يحدد الموقف بالنسبة لي ثلاثة عوامل: الرغبة والقدرة والفرصة.
أما الرغبة، فعندي رغبة كبيرة أن أكون رئيسا للجمهورية أحقق من خلال هذا المنصب ما أصبو إليه في خدمة بلدي وتطويره وتحقيق الرفاه والازدهار للمجتمع والمعيشة الطيبة وكرامة المواطن والقوة والمنعة والسؤدد والمساهمة في نهضة الأمة العربية والإسلامية واستئنافها الحضاري وتحرير فلسطين.
أما القدرة فأشعر بالقدرة على ذلك من خلال التجربة الطويلة في العمل السياسي والرقابة الحكومية من خلال البرلمان وقيادة هياكل الحركة ومؤسساتها، والمطالعة الواسعة، وتأسيس المؤسسات الفكرية والدراسية المنتجة للبرامج والبدائل، وما توصلنا إليه تحت في «البرنامج البديل» ثم برنامج «الحلم الجزائري» وشبكة الرجال الأكفاء الذين اشتغلوا معي والذين أعرفهم وتعاونوا معنا من مختلف الآفاق والاختصاصات، والذين يمكن الاعتماد عليهم في التدبير الحكومي، والاعتماد على حاضنة اجتماعية في مختلف أنحاء الوطن وفية وفاعلة، ومن خلال قربي الكبير من التجارب الناجحة في العالم وصحبة زعماء كبار حققوا نهضة بلدانهم، واطلاعي على تفاصيل كثيرة في تجاربهم. وما حققه هؤلاء سهل علينا أن نحققه نحن كذلك في بلادنا.
ولكن المشكل الكبير في الفرصة، فلا يكفي أن تكون لك رغبة وقدرة إن لم تكن ثمة فرصة، فالفرصة تحكمها معطيات ليست بيدي أولها قرار الحركة هل ستشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة أم لا، وهل سيكون المقصد من المشاركة هو منصب الرئاسة أم أهداف أخرى دون ذلك، ثم كيف ستكون آلية الترشيح داخل الحركة، وهل ستقرر المؤسسات ترشيحي أم لا، ثم كيف سيكون أداؤنا في المنافسة الانتخابية، وهل سنقنع الناخبين بالتصويت لنا وهل سيعطينا الشعب ثقته، ثم – وهذا هو الأهم – هل ستكون الانتخابات حرة ونزيهة أم لا. فيبدو إذن أن المشكلة الأكبر هي في العوائق التي تكسر الرغبة وتلغي الجدوى من القدرة، هل ستذلل هذه العوائق كلها أم لا.
والمتحكم في ذلك كله هو الله وحده الذي لا إله إلا هو، إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون ولا يغلب إرادته شيء أو أحد وصدق الله تعالى إذ يقول: «قل الله مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزه الملك ممن تشاء».
○ نجحت الجزائر مؤخرا في رعاية اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية تحت إشراف الرئيس تبون، واحتضنت بعد ذلك القمة العربية التي ركزت على القضية الفلسطينية. كيف تنظرون للأداء الدبلوماسي الحالي؟
•ما قامت به الجزائر بخصوص رعاية اتفاق المصالحة الفلسطينية عملا جيدا تشكر عليه، وهو يسير مع السياسة الحكيمة المعهودة على الجزائر، رسميا وشعبيا، منذ الاستقلال. لقد كانت الجزائر دائما مع فلسطين منذ الستينات فهو أول بلد سلح الثورة الفلسطينية ودعمها سياسيا ودبلوماسيا وعلى أرض بلادنا أعلنت الدولة الفلسطينية، ونحن البلد الذي بقي صامدا في وجه التطبيع مع الكيان ويدفع أثمانا كبيرة من أجل هذا، وهذا الموقف صحيح مبدئيا ومصلحيا، فالكيان الصهيوني هو بلد محتل، وكل المؤشرات تدل على اقتراب نهايته، فهو يتفكك داخليا في مجتمعه ويندحر ديموغرافيا أمام أصحاب الأرض، وتتراجع صورته بشكل متسارع خارجيا حتى عند حلفائه، ويخسر دراماتيكيا في كل مرة في مواجهة المقاومة. فالجزائر مع الخيار العادل والرابح. وكل هذا في إطار تطور إيجابي كبير للدبلوماسية الجزائرية في مختلف الملفات.
○ بلغ التصعيد بين الجزائر والمغرب ذروته في السنة الأخيرة والعلاقات اليوم مقطوعة بين البلدين، هل لديكم تصور لكيفية حل هذه الأزمة؟
•هذه المعضلة سبب رئيسي من أسباب تهديد المنطقة كلها، وهو وضع يكون فيه الجميع خاسرا، لقد استطاع زعماء المغرب العربي السابقين بناء صرح المغرب العربي وتجاوز مشكلة الصحراء الغربية، ولكن الذين جاؤوا من بعد لم يتمكنوا من معالجة الأمر وتحقيق حلم الوحدة النافع للجميع، اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، ثم جاءت خيانة المخزن باستدعاء الكيان الصهيوني لمنطقتنا والاستعانة به ضد الأشقاء فتعقد الوضع، والحل هو أولا وقف التطبيع، وهذه مهمة الشعب المغربي، لا سيما وأن التطبيع ينحدر ويتلاشى بعد سيطرة اليمين الديني المتطرف في الكيان الإسرائيلي ودخول هذا الكيان كله في أزمة لن يخرج منها سالما. ثم يجب تحسين العلاقة بين البلدين ونسيان مشاكل الماضي وإعطاء الأولوية لبناء صرح المغرب العربي الذي في إطاره تحل مشكلة الصحراء الغربية، وهذا هو الطريق الذي يتماشى مع مبادئ الحركة الوطنية ويحقق مصلحة شعوب المنطقة.
○ تتحدثون باستمرار عن ضرورة القطيعة مع محاولات الهيمنة الفرنسية في الجزائر، هل برأيكم يسير التوجه الحالي بخصوص العلاقات مع فرنسا في المسار الصحيح، وما رأيكم في الزيارة التي ينوي الرئيس تبون إجراءها لباريس في حزيران/يونيو المقبل؟
•لا تسير الأمور في الاتجاه الصحيح، النظام الجزائري متردد جدا في هذا الموضوع وليست لديه رؤية وطنية شاملة وثابتة وقوية، رأينا كيف كان الرهان على ماكرون كبيرا فلم يأت بأي نتيجة، فهذا الرئيس لا يؤمن بوجودنا كأمة كما صرح بنفسه، وأظهر حقيقة قناعته بلسانه عدة مرات، ثم هو ضعيف جدا في بلاده وله معارضة شعبية قوية ومقاومة من تيارات فاعلة داخل مؤسسات الدولة الفرنسية أسوأ منه وأكثر تطرفا منه، وفرنسا على بعضها تمر بأزمات اقتصادية عميقة وتتراجع دوليا بشكل متسارع وتفقد كثيرا من نفوذها في مستعمراتها القديمة التي هي مصدر أساسي من مصادر ثرائها، ولغتها وثقافتها في تراجع كبير، فلا أدري لماذا لا نحسم نهائيا في العلاقة مع هذا البلد ليكون بلدا عاديا بالنسبة لنا ولنفرض عليه الاعتذار والتعويض على جرائمه الاستعمارية، ولا نمكنه من أي امتياز في أي مجال من المجالات، ولا نتعامل معه إلا في إطار الندية والمصالح المشتركة الثابتة. أنا أعلم بأن فرنسا لها لوبيات قوية تشتغل لصالحها في الجزائر داخل الدولة والمجتمع، وقد تسببوا في أضرار كبيرة لبلادنا اقتصاديا وثقافيا وفي الساحة الدولية، ولكن لو تتوفر الإرادة والشجاعة لدى الوطنيين الصادقين في الدولة فإنهم سيجدون دعما لا محدودا داخل المجتمع الجزائري لإنهاء هؤلاء العملاء وبتر هذا السرطان نهائيا.
○ كتبتم تدوينة حول اعتقال الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية، طالبتم فيها السلطات الجزائرية بعدم النأي عن النفس في هذه القضية لأن التطورات في تونس قد تهدد استقرار الجزائر، ألا يعد هذا الموقف دعوة لتغيير العقيدة الدبلوماسية الجزائرية الرافضة للتدخل في الشأن الداخلي للدول؟
•راشد الغنوشي صديق الجزائر وهو ضحى بعلاقته بقوى معتبرة في المنطقة وإقليميا ودوليا من أجل الجزائر. وحينما يكون بلد في تونس تلعب فيه كل المخابرات والقوى الإقليمية والدولية الأجنبية التي لا تريد الخير للجزائر وهي من دعمت قيس سعيد للانقلاب على الشرعية يصبح الحديث عن النأي بالنفس سذاجة، أي كأننا نستدعي هذه القوى الظلامية المعادية للتقدم نحو بلادنا لتنشر فيها الفتنة والفوضى، علاوة على أن الإجراءات الظالمة للنظام التونسي من شأنها أن تهدد استقرار تونس من خلال كسر مرجعياته المعتدلة وإعطاء الفرصة لقوى التطرف التي أصبحت الأحداث تخدم توجهاتها، وإذا هُدد استقرار تونس سيكون استقرار الجزائر مهددا. وفي كل الأحوال يمكن معالجة الموضوع من دون تدخل وذلك من خلال الحوار أو على الأقل عدم الانحياز وعدم مساعدة المعتدي الذي بات يتصرف تصرفات غير موزونة.
تعليقات الزوار
عليه أن يدلي بشهادة طبية من هوسبتال المجنين أو المختلين عقلين
اكبر شوها في العالم بأسره هو أن تطلب فيزا يقولك جيب شهدا من طبيب المجنين والله لا أكبر شوها علي الكرغلة مزال تسمع وما خفي كان اعظم
لماذا لم يترشح مقري ندما كان يقود حمس !!!؟؟؟
مجرد تساؤل. لماذا لم يترشح مقري ندما كان يقود حمس !!!؟؟؟ جاء في المقال على لسان عبد الرزاق مقري ما نصه: "إن لديه الرغبة والقدرة في أن يكون رئيسا للجزائر" انتهى الاقتباس. الرغبة أكيدة والقدرة مفقودة. لو سلمنا بمنطق مقري غير المنطقي، سنجد أن قصر المرادية مُستحق من كل نائب وكل وزير وكل والي وكل غفير. جاء في المقال على لسان عبد الرزاق مقري ما نصه: "أصبو إليه في خدمة بلدي وتطويره وتحقيق الرفاه والازدهار للمجتمع والمعيشة الطيبة وكرامة المواطن والقوة والمنعة والسؤدد والمساهمة في نهضة الأمة العربية والإسلامية واستئنافها الحضاري وتحرير فلسطين." انتهى الاقتباس لا أظن أن مرشحا للرئاسة ومن عجز عن الترشح للرئاسة لم يقل ما قال سي مقري. أما عن الفرصة، فقد شارك حزبه في عديد الانتخابات المحلية والوطنية ولا أعلم أنن حصل على أغلبية أو حتى اقترب منها. للتذكير أنه في انتخابات 2019 التي قاطعتها حمس بعد ترشيحها للدكتور مقري، سحب اسامارات الترشح 80 شخص بين نائب ووزير ووالي وغفير، عجز 75 منهم على جمع 50 ألف توقيع.
اللهم اخرس مسعاه
ادا كان من ابناء عمومة المقري الدي عاش في المغرب و تعاون مع فرنسا من اجل نفي محمد الخمس طيب الله تراه. فاللهم اخرس مسعاه.
اللهم اخرس مسعاه
ادا كان من ابناء عمومة المقري الدي عاش في المغرب و تعاون مع فرنسا من اجل نفي محمد الخمس طيب الله تراه. فاللهم اخرس مسعاه.