نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده تشاو دينغ وستيفن كالين، قالا فيه إن التسريبات الأمنية الأخيرة كشفت عن التنافس الأمريكي- الروسي في الشرق الأوسط.
وقالا إن الوثائق أفصحت عن تعاون حلفاء الولايات المتحدة مع روسيا في القضايا العسكرية، وكيف أدت العلاقات مع روسيا إلى شق في علاقات الحلفاء العرب مع واشنطن. فقد كشفت وثيقة عن خطط لشركة تصنيع عسكري روسية لبناء مركز إقليمي للصيانة في الإمارات العربية المتحدة، من أجل صيانة الصواريخ والعربات القتالية التي اشترتها الدولة الخليجية وبنظرة لتوسيع الخدمات للدول الجارة وصيانة الأسلحة التي اشترتها من روسيا. وثيقة أخرى تكشف عن محاولة شركة التعهدات الأمنية، فاغنر شراء أسلحة من تركيا عضو الناتو وعبر “صلات تركية”.
وقال الدبلوماسيون الغربيون إن تركيا لم تكن لتبيع أسلحة لفاغنر، لكنهم لم يستبعدوا شراءها من السوق السوداء. وقالت وكالة التصنيع العسكري التركية التي تشرف على صناعة البلد العسكرية إنه لا يوجد لديها معلومات بشأن المزاعم التي وردت في الوثائق المسربة. ورد المسؤولون الأمريكيون والمصريون على تقرير في صحيفة “واشنطن بوست” حول ما ورد في وثيقة عن تفكير مصر، الحليف الرسمي لأمريكا إنتاج 40.000 صاروخ وتصديرها لروسيا. وقال المسؤولون الأمريكيون إن الخطة لم تتحقق أبدا، فيما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية على حيادية بلاده في الحرب الحالية بأوكرانيا.
وتعلق الصحيفة أنها لم تكن قادرة على التثبت وبطريقة مستقلة من الوثائق، لكنها تحتوي على معلومات كافية تعطيها المصداقية. وقال المسؤولون الدفاعيون إن بعض الوثائق تبدو صحيحة أما الأخرى فقد تم التلاعب بها.
إلا أن الوثائق المزعومة تكشف عن الثقل العسكري الروسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديدا، وهو ما أثار انتباه صناع السياسة الأمريكية، نظرا للعلاقات الأمنية العميقة مع المنطقة. وتضيف إلى مظاهر القلق للطريقة التي ساعد فيها شركاء أمريكا، وتحديدا الإمارات العربية وتركيا روسيا على تجنب العقوبات الغربية.
وقال سيث بيندر، مدير برنامج الديمقراطية في الشرق الأوسط إن إقامة “علاقات مع روسيا جاءت ضمن منظور تنافس القوى العظمى اليوم، وكان غزو أوكرانيا القشة الأخيرة” مع أن الشعور في واشنطن هو “إما معنا أو ضدنا”. فقد زادت شحنات الأسلحة الروسية بنسبة 44% في الفترة ما بين 2018- 2022، مقارنة مع فترة 2013- 2017، حسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمي. وبلغ حجم الصادرات العسكرية الروسية إلى تركيا في الفترة ما بين 2018- 2022، نسبة 19%، أي بعد الصادرات من إيطاليا وإسبانيا.
وتعمقت العلاقات السياسية والتجارية مع روسيا في العقد الماضي، مع أن الصادرات العسكرية من روسيا لم تتجاوز نسبة 5.4% متخلفة كثيرا عن الصادرات من الولايات المتحدة وتركيا. وتظل الولايات المتحدة الضامن الأمني الأكبر وبدرجات عالية لدول المنطقة، فقد زودت أمريكا نسبة 67.5% من المقاتلات التي تملكها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشكل يعكس الأفضلية والتبعية للمنطقة على التكنولوجيا الأمريكية، حسب المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن. وتمثل النسبة الباقية كلا من فرنسا وبريطانيا وروسيا. وأخبر المسؤولون الأمريكيون الدول الحليفة بالشرق الأوسط أن تطوير علاقات سياسية وتجارية مع روسيا يمكن التسامح معه، أما بناء علاقات عسكرية مع الصين وروسيا، فهذا خط أحمر.
وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها عندما علمت عن خطط صينية لبناء قاعدة عسكرية في أبو ظبي والتي أوقفها المسؤولون الإماراتيون بعد احتجاج من واشنطن.
ولم يكن لروسيا تأثير كبير في الشرق الأوسط إلا بعد اندلاع الربيع العربي والذي حرف التحالفات بالمنطقة، وتدخلت روسيا في سوريا وعمقت علاقاتها العسكرية مع إيران وأقامت علاقات ودية مع السعودية والإمارات. وكانت مصر تفضل شراء السلاح من واشنطن، وانتهى هذا بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي في 2013، وتعليق واشنطن الدعم العسكري لمصر.
وفي ظل السيسي تبنى الجيش المصري استراتيجية تنويع مشتريات السلاح، وشرائه من روسيا وأوروبا. وبدأت مصر التي اشترت مقاتلات من الاتحاد السوفييتي في السبعينات من القرن الماضي، بشراء مقاتلات من روسيا، ووقعت عقودا في عامي 2015 و2018، حسب المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية. وقال مايكل وحيد حنا من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل “كان استخدام مصر روسيا كإسفين متعمدا” و”قدمت روسيا المعدات العسكرية بنغمة سياسية كانت مفيدة للسيسي”. ومع ذلك لم تقطع الولايات المتحدة مساعدات عسكرية سنوية لمصر تصل لمليار دولار.
ويعتقد أن خطر العقوبات كان سببا في تأجيل تسليم روسيا طائرات سو- 35 لمصر. وأخبر قائد القيادة المركزية الجنرال كينيث ماكينزي، بداية عام 2022 الكونغرس أن الولايات المتحدة ستقدم لمصر مقاتلات أف-15، في تحرك فسره المراقبون على أنه توفير بديل عن الصفقة الروسية. ولم تقدم روسيا أسلحة لمصر في 2021 و2022، حيث بحثت مصر عن مصادر للسلاح في ألمانيا وفرنسا، حسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي.
وربما كان مركز الصيانة الروسي إضافة للأسلحة الروسية التي اشترتها أبو ظبي، من نظام الدفاع الجوي أس إي-22 إلى صواريخ كورنيت والنظام الدفاعي المتحرك أس إي-24 ودبابات بي إم بي 3- جزءا من طموحات الإمارات التحول إلى مركز دفاعي بالمنطقة، حسب الوثائق المسربة. وكشفت أن الإمارات وقعت بداية 2022 على صفقة بـ 1.5 مليار دولار لتحديث نظام أس إي-22 بحلول عام 2030.
تعليقات الزوار
لا تعليقات