أخبار عاجلة

الآباء يتخلون عن أبنائهم تقرير صادم يكشف آثار الانهيار الاقتصادي في لبنان على العائلات

 سلّطت”الإيكونوميست” الضوء على واقع أطفال لبنان الذين يعيشون منذ سنوات على وقع الأزمات الاقتصادية المتتالية في بلد الأرْز؛ وضعٌ دفع الآباء إلى التخلي عن أبنائهم ووضعهم في دور الأيتام للتكفل بهم.

وتنقل الصحيفة البريطانية شهادات عدد من الآباء في لبنان عن المسار الصعب الذي انتهجوه في معيشتهم ببلد مزقته الأزمات السياسية والاقتصادية المتعاقبة، وكيف دفعته تلك الأزمات إلى بلوغ وضع نفسي قاسٍ.

يأتي ذلك في الوقت الذي يعيش فيه ما لا يقل عن 78% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-5 سنوات في أسر ذي أوضاع معيشية هشة في لبنان، بحسب تقرير حديث لمنتدى سياسة الضمان الاجتماعي الشامل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

“لقد اعتادوا على مناداتي برجل القرية الثري لقد ساعدت إخوتي وأبي، لكنني الآن أنا من يحتاج إلى المساعدة”.

هكذا قال حسين القصار أحد الميسورين السابقين في قرية صغيرة تضم نحو 15 عائلة شمال لبنان بالقرب من الحدود السورية.

ويتألف منزله من ثلاث غرف خرسانية، تم بناؤها عندما كان القصار يتقاضى راتباً جيداً يصل إلى 1500 دولار شهرياً عندما كان يعمل في مطعم ببيروت.

 

لدى القصار وزوجته نجوى ستة أبناء، أصغرهم عبد الله.

وحول ذلك، قال القصار وقد اعتلاه الخجل: “لم تكن خطتنا إنجاب هذا الطفل، لقد كانت أمرالله”.

على مدى العامين الماضيين، مع انهيار الاقتصاد اللبناني، لم يكن لدى القصار أي عمل على الإطلاق.

لقد باع سياراته الثلاثة وجراره وحاسوبه وهاتفه المحمول.

اقترض المال وهو الآن مدين بـ5000 دولار، وفي الصيف الماضي، كان قادرًا على العثور على بعض الأعمال في قطف الفاكهة، حيث كان يكسب قرابة 4 دولارات في اليوم.

يقول التقرير إن عائلة القصار أدركوا في عام 2021 أنهم لن يستطيعوا تحمّل أجرة الحافلة لإرسال أطفالهم الأربعة الأكبر إلى المدرسة، الأمر الذي دفعهم للتقدم بطلب لاستقبالهم في دار للأيتام.

وعن ذلك القرار، يقول حسين: “لقد كان قرارًا صعبًا”. “لكن لا يمكننا الاختيار إلا بين السيئ والأسوأ”.

كان المطعم الذي عمل فيه حسين مغلقًا في أثناء الاحتجاجات، ثم ظل مغلقًا للعامين التاليين بسبب جائحة كوفيد -19.

وانحدر الاقتصاد اللبناني إلى دوامة من التضخم المفرط والتخلف عن سداد الديون. ودفع اللبنانيون العاديون الثمن، منذ عام 2018، إذ شهد الاقتصاد تقلصاً شديداً بلغ 60٪.

 

وتصنف الأمم المتحدة الآن أكثر من 80٪ من اللبنانيين على أنهم يعانون من فقر متعدد الأبعاد، وهو إجراء يأخذ في الاعتبار فشل الدولة في توفير الخدمات الأساسية.

ووفقًا للبنك الدولي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد من 7700 دولار سنويًا في عام 2010، إلى 4100 دولار في عام 2021.

طلبات أعلى بكثير من المعتاد

وأردف التقرير أن عائلة القصار كانت محظوظة في العثور على أماكن لأطفالهم في دار الأيتام الإسلامية للأيتام في التلال خارج ببنين، وهي بلدة قريبة من منزلهم تدار من قبل جمعية خيرية إسلامية تعمل ضمن نحو 50 مؤسسة في جميع أنحاء لبنان.

 

وتقوم هذه المؤسسات بإيواء وتعليم الأطفال والبالغين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن منذ الأزمة تم إغلاق العديد من البرامج المتخصصة.

ولم يعد هناك نظام للرعاية بالتبني في لبنان، وجميع دور رعاية الأطفال تُدار بشكل خاصة، ومعظمها من قبل منظمات دينية.

وفي صيف عام 2022، كان لدار الأيتام عدد من الطلبات أعلى بكثير من المعتاد، ما يقرب من 1000 في الوقت الذي لا يوجد سوى 150 مكانًا على الأكثر، متاحاً.

يتم تسليم العديد من الأطفال من قبل الآباء الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف رعايتهم. يستقبلون الأشخاص الأكثر احتياجًا ويركزون على رعاية الأطفال الصغار.

تنقسم دور الأيتام إلى مهاجع للأولاد والبنات، وتحتوي كل منها على غرفة معيشة يتم تزويد الأطفال بملابس جديدة ووجبات دسمة منتظمة، ويتم تشجيعهم على قضاء عطلات نهاية الأسبوع بانتظام مع والديهم، على الرغم من أن العديد منهم لا يستطيعون تحمل أجرة الحافلة إلى المنزل.

عنف ضد الأطفال

ويستغرق الوافدون الجدد بعض الوقت للتكيف. وغالبًا ما يكون الأطفال نحيفين ومنطوين. ويعاني بعضهم من اصفرار مصحوب باليرقان أو كدمات على ظهورهم، لأن العنف ضد الأطفال شائع.

في أول أسبوعين أو ثلاثة أسابيع وهي مرحلة انتقالية. يتناول الأطفال وجبات دسمة ومنتظمة، ربما لأول مرة منذ شهور. يتم إعطاؤهم ملابس جديدة لتحل محل الملابس الممزقة أو المرقعة.

وتحدث التقرير عن فاطمة وهي طفلة في السابعة من عمرها كانت ترتدي فستانًا ورديًا بألوان قوس قزح وأقراطاً من اللؤلؤ الصناعي. كانت في دار الأيتام لعدة سنوات وتخلصت من أي خجل قد يكون لديها.

اضطراب ثنائي القطب

وقالت ناهد المصري، الأخصائية النفسية في دار الأيتام، إن والدة فاطمة غالبًا ما تدخل المستشفى بسبب اضطراب ثنائي القطب، وتعيش في خيمة في مخيم للاجئين السوريين.

وقالت فاطمة: “أحيانًا تصاب أمي بالدوار، لكنني لا أعرف ماذا أفعل لمساعدتها. أذهب وأخبر الجيران وهم يتصلون بالطبيب ليأخذها إلى المستشفى. وتقول ‘لا تأخذني، أريد أن أبقى مع ابنتي!”.

ولفت التقرير إلى أن معظم أطفال دار الأيتام يأتون من مكان قريب في شمال لبنان، وكان على العائلات بيع ممتلكاتهم لتغطية نفقاتهم.

وقد تم إيقاف برنامج تعليم الأطفال الصم والمكفوفين. في السابق، كانت الدار تأخذ الأطفال في نزهات إلى المكتبات والمتاحف والمتنزهات المائية؛ أما الآن فلا يمكن فعل ذلك.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات