أخبار عاجلة

المعارضة التونسية تحاول استنساخ السيناريو الليبي لإضعاف شرعية الدستور الجديد

دعت جبهة الخلاص الوطني إلى تشكيل "حكومة إنقاذ" لوضع حد للمسار الذي بدأه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في الـ25 من يوليو 2021، والذي أعلن عن بداية حقبة سياسية جديدة في تونس بدأت ملامحها في الترسخ بإلغاء دستور 2014 وتبني الشعب التونسي لدستور جديد يؤسس لجمهورية جديدة.
وساند التونسيون في استفتاء شعبي أجري في الـ25 من يوليو الجاري بنسبة قاربت الـ95 بالمئة مشروع الدستور الذي اقترحه سعيّد والذي يقطع مع منظومة الإخوان الذين حكموا تونس طيلة العشرية الماضية.
وعقدت جبهة الخلاص التي تضم بالأساس 5 أحزاب سياسية وهي النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وحراك تونس الإرادة والأمل، بمشاركة مبادرة مواطنون ضد الانقلاب، ندوة صحفية بالعاصمة صباح الثلاثاء لتجديد الإعلان عن موقفها من الاستفتاء على الدستور. 
وقال عضو الجبهة جوهر بن مبارك "مرت سنة من الانقلاب وتونس تعيش بلا مؤسسات رقابية وتنفيذية، فقد خلق سعيّد حالة من الفراغ"، مؤكدا أن "المراحل القادمة بالنسبة إلى جبهة الخلاص هي البناء لعملية المقاومة القائمة على عقد حوار وطني وحكومة إنقاذ ووضع حد للانقلاب".
ووجهت عضو جبهة الخلاص سميرة الشواشي، في مداخلة خلال الندوة الصحفية رسالة لصندوق النقد الدولي وكل الهيئات الدولية التي قالت إنها "تقع مغالطتها"، بتأكيد أن "هذه السلطة ليست لها أي شرعية شعبية"، مؤكدة أن "أي التزامات مع حكومة انقلاب خارج الشرعية لن يقع الالتزام بمقتضياتها".
واعتبر رئيس الجبهة نجيب الشابي أن "قيس سعيد بما أقدم عليه من اغتصاب للسلطة وتزوير للإرادة الشعبية قد وضع نفسه خارج إطار الحوار الوطني، مؤكذا على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني في الفترة القادمة.

وكان الشابي قد أكد في مايو الماضي أن جبهة الخلاص "ستعقد مؤتمرا وطنياً للإنقاذ لتعيين حكومة الإنقاذ مع القضاة والاتحاد العام التونسي للشغل.
ولم تُخف الجبهة آنذاك استبشارها برفض الاتحاد المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا له رئيس الجمهورية تحضيرا للدستور الجديد.
وأشار الشابي وقتها إلى أن "رفض الاتحاد الانخراط في مسار الاستفتاء علامة على اتساع رقعة انبثاق حكومة إنقاذ وطني".
لكن رد الاتحاد كان حاسما ورفض أي تعامل مع الجبهة مبينا أن منطلقاته الوطنية تختلف عن الأهداف السياسية للجبهة.
واستهجن المحلل السياسي باسل ترجمان في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين" دعوة الجبهة لتكوين "حكومة ظل أو حكومة موازية لن تزيد مشاكل التونسيين إلا تعقيدا".
وعلق ترجمان بالقول "ماذا يمكن لهذه الحكومة أن تفعل، فأعلب مكونات جبهة الخلاص كانت في الحكم قبل 25 يوليو 2021 ولم تقدر على فعل أي شيء لصالح التونسيين سوى إنتاج المزيد من الأزمات".
وفي كلمته التي أدلى بها للصحفيين في مركز الاقتراع بمحافظة أريانة شمال العاصمة التونسية في 25 يوليو الجاري، وصف سعيّد العشرية الماضية بالسوداء التي أثبت فيها القائمون على الحكم "خيانتهم وفشلهم".
واتهم منظومة الحكم السابقة بـ"افتعال الأزمات لإدارة شؤون البلاد وإلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقية".
ورغم عدم اعتقاده في جدية الجبهة في مشروع الحكومة الموازية، اعتبر ترجمان هذا الخطاب خطيرا يكرس لتقسيم التونسيين ويفتح الباب أمام معضلة تنازع الشرعيات كما يحصل بليبيا".
وقال إن تونس لا تحتمل افتعال أزمات من هذا القبيل، مشيرا إلى أن "المنظمات الوطنية والمجتمع الدولي لن ينخرطوا في محاولات تقسيم السياسيين خاصة بعد أن تبينوا النتائج الكارثية التي حصلت بليبيا جراء التنازع على الشرعية".

واستشهد ترجمان بتقرير منظمة بلجيكية راقبت عملية الاستفتاء ذكرت فيه أن محاولات التأثير على إرادة الناخبين للتصويت بـ"نعم" للدستور لم تتجاوز 2 بالمئة. والحال أن النسبة التي لا تبلغ 5 بالمئة لا تُعتبرا خطرا على العملية الانتخابية".
وأضاف ترجمان أن "اتصالاته بلكسمبورغ أكدت له أن الحكومة البلجيكية اطلعت على التقرير وأبدت ارتياحها لحسن سير عملية الاستفتاء على الدستور في تونس".
ورجح أن تكون الجبهة تلقت إشارات من الغرب بعدم التشويش على الاستفتاء لترك الشعب التونسي يقرر دون ضغوطات من أي طرف كان.
وتساءل ترجمان قائلا "حقيقة أريد أن أعرف الحجم الشعبي للمعارضة عموما وللجبهة خصوصا"، موضحا "إذا كانت المعارضة تؤمن أن لديها عمقا شعبيا مهما فلماذا قاطعت الاستفتاء ولم تدعُ أنصارها للتصويت بـ"لا" لإسقاط المشروع برمته؟".
واعتبر غازي الشواشي الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي (معارض) في تصريح إعلامي الإثنين أن "تشتت المعارضة وفشلها في تقديم بديل ملموس جعل من الاستفتاء على الدستور بمثابة استفتاء على الرئيس أو بيعة له من قبل المشاركين".
وقال إن "غياب جبهة معارضة موحدة وغياب مشروع بديل، سمحا لقيس سعيد بالإمساك بزمام الأمور".
وطالب ترجمان رئيس الجمهورية بالعمل على تكريس ثقافة سياسية جديدة تقطع مع الفساد والمحسوبية ودعم الإرهاب، والانخراط في مشاريع كبرى تساهم في تغيير ملامح الحياة السياسية التونسية وفق مقتضيات الدستور الجديد وأبرزها تغيير القانون الانتخابي والإعداد للانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الـ17 من ديسمبر المقبل.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات