أخبار عاجلة

حملة للحزب الشيوعي الصيني دفاعا عن بوتين ولتحميل أمريكا مسؤولية الحرب في أوكرانيا

قال كريس باكلي في صحيفة “نيويورك تايمز” إن الحزب الشيوعي الصيني شن حربا أيديولوجية ضد المسؤولين والطلاب برسالة واحدة: لن تدير الصين ظهرها لروسيا. وقال فيه إن المسؤولين الصينيين التقوا وسط العمليات الروسية التي ضربت أوكرانيا، خلف الأبواب لدراسة فيلم وثائقي أعده الحزب صور فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ”البطل”. وجاء فيه أن الانهيار المهين للاتحاد السوفيتي كان سببا في جهود الولايات المتحدة لتدمير شرعيته.

وعلى خلفية موسيقى صاخبة ومشاهد مشمسة لموسكو الحالية، أثنى الفيلم على بوتين وأنه وقف مثل ستالين كزعيم حرب ولإحيائه الماضي الوطني العزيز لروسيا.
وتقدم الصين نفسها للعالم بأنها مراقب للحرب في أوكرانيا ولم تقف مع أي طرف، وكل ما تريده هو السلام. إلا أن الحزب الشيوعي يقود حملة محلية تصور روسيا على أنها ضحية عانت طويلا، ويدافع عن العلاقات الصينية معها باعتبارها حيوية.
ونظمت الجامعات الصينية حصصا دراسية لتقديم “الفهم الصحيح” للحرب، والتأكيد في معظم الأحيان على التظلمات الروسية ضد الغرب. ونشرت صحف الحزب تعليقات تلوم فيها الولايات المتحدة على الحرب. كما عقد الحزب في أنحاء البلاد جلسات للمسؤولين من أجل مراقبة الفيلم الوثائقي التاريخي ومدته 101 دقيقة المنتج العام الماضي ولا يذكر أوكرانيا بالاسم، إلا أنه يناقش أن روسيا محقة في القلق من جيرانها الذين انفصلوا عن الاتحاد السوفيتي السابق.

ويصف الفيلم بوتين بأنه رجل يقوم بتطهير روسيا من السموم السياسية التي قتلت الاتحاد السوفيتي السابق. وبحسب المعلق الصارم للفيلم “فأعظم سلاح يملكه الغرب، بعيدا عن السلاح النووي هي أساليبه التي يستخدمها في المعركة الأيديولوجية”، مستشهدا بعالم روسي.
وصنف الفيلم للاستخدام الداخلي، أي مشاهدة مسؤولين مختارين وليس للنشر العام. لكن الفيلم ونصه ظهرا قبل فترة على الإنترنت. وبحسب ما ورد فيه، فمنذ نهاية الاتحاد السوفيتي أصبحت عدد من دول أوروبا الشرقية ووسطها ومنطقة القوقاز قواعد متقدمة للغرب كي يحتوي ويتدخل في روسيا.
وتقول الصحيفة إن قادة الصين طالما استخدموا انهيار الاتحاد السوفيتي كقصة تحذير، إلا أن الرئيس شي جين بينغ منح للقصة بعدا أكثر إلحاحا وشؤما. وبتوطيد العلاقة مع بوتين، كصديق ديكتاتوري يواجه الغرب وهيمنته، فإنه أظهر للشعب الصيني أن لديه شريكا في الكفاح. ولا يعرف إن كان الموقف الصيني سيتغير بعد ظهور اتهامات ارتكاب الجنود الروس جرائم حرب ضد المدنيين. إلا أن الصين رفضت وحتى هذا الوقت شجب بوتين لشنه الحرب التي قتلت آلافا من المدنيين. ولم يتحرك الرئيس الصيني وبرغم الضغط الدولي عليه واستخدام تأثيره على بوتين ووقف الحرب. ولم تفعل بيجين أي شيء غير الدعوة للسلام، وفي يوم الخميس عبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن التزام بلاده بعلاقات قوية مع موسكو، وذلك في حديث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وصورت إدارة بايدن الحرب بأنها نزاع بين الديمقراطية والديكتاتورية، وردت الصين بحملة مضادة تقول إن هيمنة أمريكا هي مصدر النزاع في أوكرانيا ومناطق أخرى. وينظر المسؤولون إلى أن كلا من الصين وروسيا مهددتان بالثورات “الملونة”، وهو تعبير الحزب عن حركات التمرد المدعومة من الغرب. وستعزز تصريحات بايدن الأخيرة في بولندا والتي دعا فيها لتغيير بوتين، رؤية بيجين.
ويرى كريستوفر جونسون، رئيس مجموعة استراتيجيات الصين ومحلل سابق في سي آي إيه للسياسة الصينية “في الحقيقة يؤمنون بسردهم عن الثورات الملونة ويميلون للنظر لهذا الوضع بأنه ثورة ملونة للإطاحة ببوتين”. ومنذ توليه السلطة، يقوم شي على المستوى المحلي والدولي بالترويج لهذا السرد المظلم حسبما يقول جونسون، مضيفا “تسمح له لتبرير استيلائه على السلطة والتغييرات التي أحدثها من خلال خلق هذا الحس من الكفاح والخطر”. ويصور الفيلم انهيار الاتحاد السوفيتي بأنه درس للمسؤولين الصينيين وضرورة تجنب إغراءات الليبرالية الغربية. ويجب على الصين ألا تحذو حذو الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، وهو الزعيم الأخير الذي قاد حركة الانفتاح على الغرب. وفي عام 2013 أعد جهاز الدعاية في ظل شي فيلما وثائقيا حول دور انهيار الاتحاد السوفيتي. إلا أن النسخة الأخيرة تقدم رؤية وتفسيرا أكثر تآمرا. ونسب الفيلم انهيار الاتحاد السوفيتي للبرلة السياسية، أو ما تصفه بيجين بـ “العدمية السياسية” أو التأكيد على أخطاء الحزب الشيوعي وآثامه. ويتهم الفيلم المؤرخين الناقدين للثورة الروسية بتزييف حصيلة الموت ووضعها بالملايين. وجاء فيه أن ستالين لم يقم بعمليات تطهير، فهو زعيم حداثي أفرط في عمليات التطهير لكنها “كانت ضرورية” إذا أخذنا بعين الاعتبار التهديد للحكم السوفيتي.

ويرى الفيلم أن موسيقى الروك والأزياء هي دليل على العفن السياسي الذي ظهر لاحقا. ويقول سيرغي رادتشينكو، الأستاذ بجامعة جون هوبكنز “لقد تعلموا درسا واحدا من كل هذا وهو ألا تسمح لحرية التعبير” وذلك “لأن هذا النوع من الحرية يقود لخسارة السيطرة السياسية وتخلق الفوضى”. ويثني الفيلم على بوتين لأنه أعاد الروح لروسيا. واحتوى على لقطات لبوتين وهو يحتفل بذكرى النصر ضد النازية وجنود شبان يقبلون راية تحمل صورته. وتم تصوير قادة سابقين مثل غورباتشوف ونيكيتا خروشوف بالقادة المغفلين المفتونين بصرخات الإصلاح الليبرالي والتفوق الغربي. ويمثل فيلم “العدمية التاريخية وانهيار الاتحاد السوفيتي” مركزا لحملة بدأها الحزب رسميا ومستمرة طوال الحملة الروسية لأوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير، ويدعو المسؤولون المشرفون على عرض الفيلم كوادر الحزب بالولاء الدائم لشي. وقال جينغ كيانغ، نائب المدير السابق لمكتب أبحاث السياسة المركزي ومستشار في الفيلم “حب الحزب وزعيمه ليس عبادة للشخصية”، وذلك حسب نقاش ورد على موقع الحزب هذا الشهر.

ويناقش المسؤولون الصينيون الأسباب التي أدت لانهيار الاتحاد السوفيتي منذ حله عام 1991، ونسب شي أكثر من سابقيه، انهيار الاتحاد السوفيتي إلى فقدانه العمود الفقري الأيديولوجي والتخريب الغربي. وقال الأستاذ المساعد في جامعة واشنطن، جوزيف توريجيان “لو كانت لديك رؤية وشاهدت هذا الفيلم فستقول لنفسك إن روسيا تواجه تهديدا من الغرب”. وترتبط الحملة بترسيخ الولاء لشي وقبل عقد مؤتمر الحزب الشيوعي نهاية العام المتوقع فيه انتخاب شي لفترة ثالثة. ويعتبر الولاء مهما لشي الذي كافح لاحتواء كورونا وانتقاد باحثين صينيين الموقف من الحرب في أوكرانيا. وتم حذف الكثير من المقالات ونشر الحزب عددا من المقالات للدفاع عنها خلال الأسابيع الماضية. وضخمت افتتاحيات الصحف التابعة للحزب من القيادة الصينية وأن المتهم الحقيقي في أوكرانيا هي الولايات المتحدة والناتو ومحاولة تقويض أمن روسيا. وجاء في سلسلة افتتاحيات في “ليبريشن أرمي ديلي”: “الولايات المتحدة مسؤولة شخصيا عن إشعال فتيل المواجهة بين روسيا وأوكرانيا”. ونظمت الكليات والجامعات حلقات تثقيف للطلاب، مما يؤشر لمخاوف المسؤولين الصينيين من استجابة الطلاب الشباب المتعلمين بأن الصين دللت بوتين أكثر من اللازم. وقال ليو زوكي، الباحث في أكاديمية العلوم الاجتماعية لطلاب في كلية شرق الصين إن الحرب نشأت بسبب تمدد الناتو شرقا بحيث أثر على نجاة روسيا.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات