أثار اعتقال السلطات التونسية لزعيم جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، موجة استنكار واسعة داخل الأوساط السياسية والحقوقية.
وأكدت المحامية هيفاء الشابي، أمس الخميس، أن قوات الأمن اعتقلت والدها المحامي والسياسي المخضرم، أحمد نجيب الشابي، الذي يرأس أكبر تكتل معارض في تونس، مشيرة إلى أن العائلة تجهل الوجهة التي تم اصطحابه إليها.
وجاء الاعتقال تنفيذا لحكم قضائي أصدرته محكمة الاستئناف في العاصمة، ويقضي بسجن الشابي 12 عاما في إطار ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، والتي تضم أيضا 33 معتقلا آخر.
ويأتي إيقاف الشابي بعد أيام من اعتقال القيادية في جبهة الخلاص شيماء عيسى (20 عام سجن) والسياسي والحقوقي العياشي الهمامي (5 سنوات سجن) في إطار قضية التآمر.
وقال ماهر المذيوب، المستشار الإعلامي لرئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي: «لحظة اعتقال الأستاذ والزعيم الوطني، أحمد نحيب الشابي، هي منعرج ولحظة مفصلية في تاريخ تونس المعاصر. اليوم دفن قيس سعيّد ، الانتقال الديمقراطي، واعتقل أحد أبرز الآباء المؤسسين للديمقراطية في تونس وأبرز مقاومي الانقلاب».
وبعد اعتقال رجل الحوار والديمقراطية والوحدة الوطنية، أضاف سعيّد صفحة جديدة من تاريخ الانتهاكات الخطيرة والجسيمة ضد كل تونسي حر»، مؤكداً أن الشابي «لم يحمل رشاشاً، ولا قذف بحجارة، بل دافع بالكلمة والرأي الحر».
وتابع المذيوب: «إنه يوم حزين في تاريخ تونس، ولكنه انعطافه جديدة في تاريخ استعادة النظام الدستوري والحريات الديمقراطية في البلاد».
وتحت عنوان «اعتقال أبو ذر تونس»، كتب الوزير السابق مبروك كرشيد: «الرجل المليء بالنَّفَس الخيّر، الذي واجه كل أنواع الاستبداد وقاوم كل أصناف الظلم، يطاله اليوم ما طال غيره قبله من ظلم صارخ». وأضاف: «نجيب الشابي لم يكن يوماً إرهابيًا، ولا كان يومًا خائنًا، ولا كان يومًا متسامحًا في مبادئه. اعتبرته دومًا «أبا ذرّ تونس» الذي لا يقف إلّا مع الحق. ناصرته رئيسًا للجمهورية سنة 2014 احترامًا لشخصه وماضيه، ثم دعوتُه إلى الترشّح سنة 2019، لكنه رفض، ومرارة الماضي بادية على لسانه».
وتابع كرشيد: «لعلّه كان عزيزًا عليهم أن يسجنوه منذ البداية، فكان سجن شقيقه عصام، المناضل الوطني، أسهل على قلوبهم. اليوم جاء الدور عليك، سي نجيب. عظمُك قد وَهَن، لكن إرادتك ما وهنَت ولا لانت».
وخاطب الشابي بقوله: «اليوم تُقاد إلى المعتقل ويُقاد جَلْادك الي الفضيحة الصارخة. تُعاد أنت إلى مربّع الظلم، ويقعون هم في مربّع الجبن. لكن علّمنا التاريخ أن هذا ما يقع في النهايات. تمامًا في النهايات».
ودونت المحامية دليلة بن مبارك، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي قضية التآمر: «إيقاف كبيرنا وأستاذنا أحمد نجيب الشابي. رغم أنه كالجبل لا تهزه عواصف القمع، فقد ذاق مرّها وأذاقها حرّ صموده. لكن قلوبنا تعتصر من هول الظلم وشدته. لن يطول أسركم يا أحرار، سنحرركم بنضالنا وبإصرارنا وبعزيمتنا التي لن تنحني».
واستنكرت حركة النهضة اعتقال الشابي، ورأت فيه «مواصلة لسياسة الهروب إلى الأمام واستخفافا باحتجاجات هيئات الدفاع وكافة المنظمات الحقوقية على كل الانتهاكات والخروقات الإجرائية التي تميزت بها المحاكمة، ما جعلها تفتقد إلى الحدود الدنيا من شروط المحاكمات العادلة».
وطالبت السلطات بالإفراج عن الشابي وجميع المعتقلين السياسيين، والتوقف عن استهدف المعارضين والمنافسين عبر الاعتقالات والمحاكمات والأحكام الجائزة والاعتقالات، وفق تعبير الحركة.
واعتبر الحزب الجمهوري أن «استهداف أحمد نجيب الشابي صاحب مسيرة نضالية تمتد لعقود في مقاومة الاستبداد والدفاع عن الدولة المدنية وحقوق التونسيين، واستهداف العياشي الهمّامي أحد أبرز المدافعين عن الحقوق والحريات ورمز من رموز المحاماة والالتزام المدني، ليس حدثا عابرا، إنّه رسالة واضحة بأن منظومة الحكم قررت نسف ذاكرة البلاد الحقوقية والسياسية وتدمير كل رموزها الفاعلة».
واعتبر، في بيان على موقع فيسبوك أن «هذه الاعتقالات التعسفية تكشف إرادة السلطة في فرض منطق الصوت الواحد وتفريغ دولة القانون من مضمونها وإخضاع المجال العام بالقوة».
ودعا الحزب جميع القوى السياسية والمدنية والحقوقية، وكل المؤمنين بالحرية إلى «التوحد فورا لمواجهة هذا الانقلاب على الحقوق والحريات وعلى قيم الجمهورية».
وأكد «تمسكه بمواصلة النضال دون تراجع، ويطالب بالإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي، وبوقف هذا السقوط الحر نحو الاستبداد».

تعليقات الزوار
لا تعليقات