أخبار عاجلة

جنرال إسرائيلي بارز: إسرائيل انتصرت في المعركة وخسرت الحرب السياسية الشاملة

يؤكد القائد الاسبق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف إن إسرائيل حتى لو انتصرت في المعركة لكنها خسرت في الحرب السياسية الشاملة و»الشرق الأوسط الجديد» المتشكل الآن أسوأ لها. في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية يقول زيف إن حكومة نتنياهو تعود إلى إشعال الدولة بكل قوتها وإطلاق ما يشبه «الانقلاب القضائي» مجدداً، على نحوٍ يشبه، وبشكل لافت، ما جرى في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في ظل محاولة الجمهور المُنهك جرّاء الحرب استعادة قدر من التعقل، بعد إعادة الأسرى والقتلى، في معظمهم. موضحا أن نتنياهو يحوّل من جديد، انتباه الرأي العام إلى الداخل، بينما في الخارج، وتحت الرادار، تشهد حرب غزة، التي لم تنتهِ، تطورات بالغة السلبية على صعيد أمن إسرائيل. فحرب غزة تتدهور بخطوات كبيرة «من النصر الكامل» إلى «الفشل الكامل. ويتابع «لإدراك ما يجري بشكل أفضل خلف الكواليس في غزة، يجب النظر إلى ما يحدث في سوريا؛ إذ وجهت نتائج الحرب الطويلة على جميع الجبهات ضربةً قاسية إلى المحور الشيعي، وأضرّت بحزب الله كثيراً، وأصابت رأس الأفعى الإيرانية، وكذلك الحوثيين؛ هذه الإصابات أضعفت المحور كثيراً، لكنها في الوقت نفسه، لم تحطمه، ولم تضمن نتائج الإنجازات العسكرية سياسياً». كما يقول الجنرال الإسرائيلي في هذا المضمار إن الضربة الأهم كانت في انهيار نظام الأسد في سوريا، والذي كان نتيجة غير مباشرة للحرب، لكنه حطم الاستمرارية الحيوية للمحور الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت. ويضيف «كان اردوغان أول مَن سارع إلى استغلال هذا الوضع، وساعد الثورة في سوريا، ووقف وراءها، وبدعم كامل من ترامب، والآن، يعيد تشكيل سوريا الجديدة، لا كدولة قوية ومستقلة، بل كدولة تابعة تسخَّر لخدمة أهدافه. لقد بدأت تركيا، وبشكل فعلي، بعملية بناء متسارعة لميليشيات كبيرة من تنظيم داعش. ووفقاً لتقارير ميدانية مختلفة، أُنشئت اثنتان من الميليشيات، تضم الواحدة منهما أكثر من أربعين ألف مقاتل، وهناك نية بشأن تأسيس عدد إضافي من الميليشيات المماثلة».

سوريا وقطر

ويقول زيف إن هدف تلك الميليشيات، إلى جانب السيطرة على الأراضي السورية والطوائف المقيمة بها، هو منع العودة الشيعية – الإيرانية إلى داخل سوريا، وتشكيل قوة فاعلة في مواجهة الأكراد، والسعي لقتالهم من دون أن تُتهم تركيا بذلك؛ أمّا الهدف الإضافي، فهو تشكيل تهديدٍ ملموس لإسرائيل من حدودها الشمالية؛ فالهجمات على الدروز توقفت، تفادياً لإثارة انتباه إسرائيل، التي تبقى خارج الصورة حالياً؛ أمّا «خط بار- ليف»، غير المهم، الذي يفاخر به وزير الدفاع هناك، والمكون من بضعة مواقع عسكرية، فليس له تأثير، أو معنى حقيقي إزاء ما يجري في سوريا فعلاً. ويرى زيف أن الجهة التي استفادت مجدداً من الخطأ المؤسف الذي ارتكبته إسرائيل في الهجوم على الدوحة، ذلك الخطأ الذي منح قطر هديةً لم تكن تحلم بها، وهي اتفاقية دفاع تطالب بها السعودية الآن أيضاً، هي تركيا مرة أُخرى: لقد استغل اردوغان، السياسي الحصيف والخطِر في الوقت نفسه، الحدث على نحوٍ متقن، مستفيداً من قُربه من ترامب، والتفاف زعماء الدول العربية حوله، وهو ما مكّنه من دفع رئيس الولايات المتحدة إلى كبح جماح نتنياهو وإنهاء الحرب بالقوة، فضلاً عن إجبار نتنياهو على تقديم اعتذارٍ علني متلفز لقطر. ويعتبر زيف إن نتنياهو، الذي أوقِفت حربه في منتصف اندفاعها، ومع «إنجاز» عودة الأسرى الذي لم يرِده أساساً، اضطر إلى التمسك بإنجاز إعلاني جديد، يتمثل في القول إن إسرائيل تسيطر على نحو نصف الأراضي، لكن لا قيمة فعلية لهذا الإنجاز الذي جرى تلوينه كبديل من «النصر الكامل». ويرى أيضا أنه لهذا السبب، لا يرغب نتنياهو في أي تقدُّم إلى المرحلة الثانية، التي سيُجبَر فيها على التخلي عن «القطعة المقدسة في غزة» والمعنى أن «غزة القديمة» تعود، لكن بنتيجة أشد خطورةً مما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. ويزعم زيف أن اردوغان، مهندس الاتفاق، لا يريد «حماس» في غزة، بل يريد ميليشيات «داعش» هناك، على غرار سوريا تماماً، لكن بقدرات أكبر كثيراً من «حماس» فتنظيم «داعش» لن يشكل تهديداً أكبر لإسرائيل فحسب، بل سيصبح أيضاً تهديداً لمصر، وبذلك، يحقق اردوغان نفوذاً إقليمياً أوسع كثيراً. وعندها وفق زيف لن تكون تركيا «إيران الجديدة» في المنطقة فحسب، بل أقوى منها بأضعاف: كونها قائدة «المحور السني المتطرف والمدعومة بمظلة أمريكية وأنظمة تسلح لم تحظ بها إيران ولن تسمح لإسرائيل بأن تفعل بتركيا ما فعلته بطهران». ويقول أيضا إن مشكلة إسرائيل الآن ليست في تعافي «حزب الله» البطيء وتسلُّحه بعدد إضافي من الصواريخ القصيرة المدى، بل تكمن في المحور السنّي المتطرف الذي تقوده تركيا في عملية إعادة تشكيل المنطقة. ويتابع «بينما تحوّل نتنياهو إلى دمية بلا تأثير إقليمي، مرتبط كلياً بخيط ترامب، تقود كلٌّ من تركيا والسعودية التغيير الإقليمي، انطلاقاً من مصالح اقتصادية وتجارية. وهكذا يجري تهميش التفوق النسبي لإسرائيل، بينما يبقى نتنياهو، المعزول، والسياسي اللامع، في نظر زعماء المنطقة والعالم، عاجزاً حتى عن التغريد». ويخلص الجنرال الإسرائيلي للقول إن هوية مَن سيسيطر على غزة رهنٌ بالسباق على التقرب من ترامب، بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي اردوغان. أمّا إسرائيل، التي تكمن مصلحتها الأمنية الواضحة في المحور السعودي- المصري- الأردني- والسلطة الفلسطينية، فهي لا تمارس أي تأثير يُذكر بسبب ضُعف نتنياهو السياسي، داخلياً وخارجياً. يجري تشكيل «شرق أوسط جديد من حولنا، لكنه أسوأ كثيراً بالنسبة إلى إسرائيل، التي حتى لو كانت انتصرت في المعركة، فإنها خسرت الحرب السياسية الشاملة».

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات