قالت مجلة “جون أفريك” الأسبوعية الفرنسية، إن الوزير محمد الصغير السعداوي، يُواجه اتّهامات بتغذية مشاعر معادية للقبائل، من خلال “تقليله” من شأن النتائج الممتازة التي حققها تلاميذ ولايتي تيزي وزو وبجاية في امتحاني شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا. والجدل لا يكفّ عن التفاقم.

في شهر يونيو/ حزيران الماضي، توضّح المجلة الفرنسية، أثارت الطريقة التي قدّم بها الوزير محمد الصغير السعداوي نتائج شهادة التعليم المتوسط الاستياء في منطقة القبائل. فرغم أن ولاية تيزي وزو سجلت أعلى نسبة نجاح على مستوى الوطن، فإن وزير التربية الوطنية أكد أن “المرتبة الأولى الرمزية” تعود للمدرسة الجزائرية الدولية بباريس.

هذا الخطاب فُهم في منطقة القبائل على أنه محاولة لطمس جهود المنطقة أو على الأقل التقليل من قيمة نجاحها. وفي هذا السياق، قدم الوزير نفسه، يوم 20 من يوليو/ تموز الجاري، الإحصائيات الوطنية الخاصة بنتائج البكالوريا، معلنًا أن ولايتي تيزي وزو (في منطقة القبائل) وغليزان (في الغرب) تقاسمتا المرتبة الأولى.

إلا أن النسب كانت كالتالي: تيزي وزو 62.83%، بينما غليزان 62.09%، أي بفارق 0.74%. هو فارق طفيف، نعم، لكنه يبقى فارقًا، وبعد حادثة نتائج مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) (BEM) كان كافيًا ليشعل مواقع التواصل الاجتماعي “التي تعتبر الفضاء الحر الوحيد للتعبير في الجزائر” حيث يُتهم الآن الوزير السعداوي بتغذية مشاعر مناهضة للقبائل، بحسب المجلة.

“عار وطني”

بعض التعليقات، تتابع “جون أفريك”، تندد بـ”التقارير غير الدقيقة” التي أعلن عنها الوزير، والبعض الآخر يرى أنه قلّل من أهمية تفوق منطقة القبائل ولم يكلف نفسه حتى عناء تهنئتها.

وذهب البعض إلى اتهامه عن قصد بتجاهل أن المرتبة الثالثة تعود إلى بجاية، المدينة الكبرى الثانية في منطقة القبائل، بنسبة نجاح بلغت 59.50%. كما لُفِت الانتباه إلى أن تيزي وزو تحتل المرتبة الأولى وبجاية على منصة التتويج للعام السابع عشر على التوالي في نتائج البكالوريا.

قد تبدو القضية بسيطة، لكنها ليست كذلك في نظر كثير من سكان منطقة القبائل الذين يعتبرون أنفسهم مهمشين ومقصيين بشكل ممنهج من طرف السلطة في الجزائر، توضّح “جون أفريك”، مشيرةً إلى ما أحد رواد “فيسبوك” الذي قال: “يجب معاقبة وزير التربية الوطنية على نزعة الجهوية البدائية”، وأضاف آخر: “هذا الوزير عار وطني. يريد بأي ثمن التقليل من قيمة التفوق في تيزي وزو. يجب إقالته فورًا”. كما هاجمه ثالث بحدة قائلاً: “وزير التربية يصرّ على تهميش تيزي وزو. السخرية منه؟ لا. لقد حان وقت رفضه بشكل واضح وقاطع”.

مشاعر معادية للقبائل؟

كل هذا دفع “جون أفريك” إلى التسائل: “هل يتصرف وزير التربية الوطنية، الذي درّس في ولاية بشار جنوب البلاد وتم تعيينه مستشارًا للرئاسة مكلفًا بالتربية عام 2021، عن جهل وسوء تقدير؟ أم أن تصرفاته تدل فعلاً على مشاعر معادية للقبائل لا يُفصح عنها صراحة؟”.

المجلة الفرنسية قالت إن الجدل ازداد حدة لأنه يلمس مسألة الانتماء الجهوي في الجزائر، خاصة في منطقة القبائل التي تُعرف بروحها المعارِضة والرافِضة. ولم يَعد هناك شكٌّ في المنطقة: تكرار تصرفات الوزير دليل على وجود تحامل حقيقي ضد الهوية القبائلية. وهذا ما قد يُعززه انتماؤه للتيار “النوفمبري الباديسي”، وهو تيار أيديولوجي وسياسي إسلامي محافظ، توضّح “جون أفريك”.

يبقى أن نرى إن كانت هذه الضجة الإعلامية ستُضعف موقع وزير التربية الوطنية إلى درجة فقدان منصبه، لكن المؤكد أن الثقة بينه وبين ولايات منطقة القبائل قد انكسرت بالفعل، تقول “جون أفريك”.