تتواصل في العاصمة نواكشوط موجة التظاهر الشعبي أمام السفارة الأمريكية، احتجاجًا على ما يصفه المحتجون «حرب التجويع المنظمة» التي تقودها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، بمباركة وصمت قوى دولية، على رأسها الولايات المتحدة.
ويشهد محيط السفارة تجمعًا شعبيًا واسعًا متواصلًا وغير مسبوق، تزداد قوته أثناء الليل حيث يتحول إلى مهرجان ضخم تؤطره أحزاب سياسية ومنظمات مدنية، ويرفع خلاله المشاركون الأعلام الفلسطينية مرددين شعارات مناوئة للعدوان، ومطالبة بطرد السفير الأمريكي وتحميل واشنطن مسؤولية التواطؤ في الجريمة الإنسانية الجارية.
وألقى عدد من الشخصيات السياسية ورؤساء المبادرات كلمات نارية خلال حشد يوم أمس شددوا فيها على مسؤولية الشعوب الإسلامية والعربية تجاه غزة، داعين إلى ترجمة الدعم إلى أفعال.
وأضاف خطباء الحشد: «لن تسكت الشعوب الحرة أمام سياسة التجويع والإبادة، وصمت العالم اليوم لا يعفيه من المسؤولية الأخلاقية والجنائية. نطالب الحكومة الموريتانية بمضاعفة الدعم الإنساني لغزة، وندعو الجميع للمشاركة في حملة وطنية شاملة للتبرع».
وزاد الخطباء: «نحن لا نقف فقط مع غزة في مواجهة القصف، بل في وجه الجوع والعطش والبرد والتهجير. نحمّل كل من يصمت على هذه الجريمة نصيبًا من الدماء النازفة، وندعو إلى حملة تعبئة كبرى لدعم الأهالي المشردين والمحرومين من أدنى شروط الحياة».
«ما نعيشه في غزة اليوم ليس حربًا، يضيف خطباء الحشد، بل تجربة قاسية لاختبار حدود صبر الإنسانية يجب أن نتوقف عن الفرجة، ونبدأ في العمل: تبرعات، وقوافل غذائية وصحية، وضغوط سياسية، هذه أقل مسؤولياتنا».
وتابع الخطباء يقولون: «إننا نملك أدوات للمقاومة حتى من هنا، منها مقاطعة الشركات الداعمة للعدوان، ومنها تعبئة الرأي العام الداخلي والخارجي، ومنها، وهو الأهم اليوم، التبرع السخي لإنقاذ حياة من تبقى من أطفال غزة ونسائها».
وأكد المتظاهرون في ختام وقفتهم على أن «الصمود الفلسطيني مسؤولية جماعية، وأنه لا يجوز ترك أهل غزة وحدهم في وجه ما وصفوه بـ «سياسة القتل البطيء التي تدمج بين الحصار والتجويع والقصف والتشريد الممنهج».
هذا، وشاركت شخصيات سياسية وقيادات دينية ومدنية في الوقفة المذكورة، حيث
دعا محفوظ بن الوالد، رئيس المنتدى الإسلامي الموريتاني، إلى مواصلة الجهود التضامنية، والتشبث بخيار دعم الفلسطينيين في غـزة باعتباره «فريضة شرعية وواجباً أخلاقياً»، لا مجرد موقف عاطفي أو موسمي. وحيّا ولد الوالد الحضور على مشاركتهم في هذه الفعالية، وثمّن ما وصفه بـ»الحضور الوطني الواسع»، الذي يعكس، حسب تعبيره، «موقفاً جامعاً لمكونات البلاد ومشاربها كافة»، في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني. وأكد «أن الوقوف مع غـزة والمساهمة في كسر الحصار عنها، ليس تطوعاً ولا نافلة، بل هو التزام نابع من روابط العقيدة والدم والأخوة، مشيراً إلى أن هذه الروابط تفرض على الشعوب الحرة ألا تستسلم للواقع المؤلم، ولا تطبع مع الظلم، حتى وإن طال أمده.
وحذّر ولد الوالد مما وصفه بـ»التطبيع مع الصمت»، قائلاً إن الجهود الشعبية والرمزية، وإن لم تُنهِ الحصار، فإنها تُضعف روايته، وتكسر حاجز اللامبالاة، وتعيد إبراز المظلومية الفلسطينية في وجه عالم بات منشغلاً عنها.
وأشار إلى أن صمود غـزة لا يزال يُلهم الشعوب، وأن تضحيات أهلها تستحق الدعم على كل المستويات، مؤكداً أن الحصار سيُكسر، أو على الأقل، سيُكسر الصمت الذي يغذّيه ويطيل مداه. واختتم بن الوالد كلمته برسالة موجهة إلى سكان غـزة، قال فيها: «إذا خانتك العروش وخذلتك الجيوش، فإننا بعهد الله وميثاقه في نصرتك متمسكون، وعليه قابضون، لا نقيل ولا نستقيل». ولم تقتصر التحركات المواصلة في موريتانيا على التظاهر، بل انطلقت بالتوازي معها حملات تعبئة شعبية وإعلامية واسعة لجمع التبرعات، وإرسالها عبر قوافل إنسانية نحو الحدود المصرية في رفح، بالتنسيق مع هيئات إغاثية في العالم العربي.
وتأتي هذه الوقفة في سياق تحركات شعبية متزايدة تشهدها موريتانيا منذ أسابيع، شملت وقفات ومسيرات، وجمع تبرعات، وبيانات دعم، ومبادرات مناصرة، كلها تعبّر عن استمرار حالة التعبئة الشعبية في البلاد لصالح فلسطين، وسط دعوات متكررة لتفعيل جهود الدعم الإنساني والسياسي، وتحميل الجهات الدولية المسؤولية عن استمرار الحصار والمعاناة في القطاع.
نواكشوط تنتفض باحتجاج شعبي أمام السفارة الأمريكية من أجل غزة

تعليقات الزوار
لا تعليقات