صعّدت أوكرانيا من عملياتها العسكرية ضد العمق الروسي، معلنة عن تنفيذ هجوم نوعي هو الأبعد مدى منذ بدء الحرب، استهدف أكثر من 40 طائرة عسكرية استراتيجية روسية في قواعد جوية داخل سيبيريا ومناطق أخرى، في عملية وُصفت بأنها “واسعة النطاق”، ونُفذت بعد تحضير دام أكثر من عام ونصف.
وأكد جهاز الأمن الأوكراني أن قواته شنّت، الأحد، هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت مطارات عسكرية روسية في خمس مقاطعات، أبرزها إيركوتسك، ومورمانسك، وإيفانوفو، وريازان وأمور. وتضمّنت العملية استهداف قواعد مثل دياغيليفو، وأولينيا، وإيفانوفو، وبيلايا الواقعة على بعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأوكرانية، باستخدام طائرات مسيّرة هجومية أُطلقت من شاحنات أُخفيت بالقرب من القواعد.
ووفقًا لتقارير صحافية وصور مسرّبة، استخدمت المخابرات الأوكرانية أساليب متقدمة تمثلت في إخفاء الطائرات المسيّرة داخل أعشاش خشبية على أسطح شاحنات، ثم إطلاقها عبر آلية تحكم عن بُعد. وتظهر بعض المقاطع اشتعال النيران في عدد من الطائرات العسكرية، مع تصاعد أعمدة الدخان من القواعد المستهدفة.
زيلينسكي: “عملية تاريخية”
من جانبه، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الهجوم بأنه “العملية الأبعد مدى”، مضيفًا أن تنفيذها جاء بعد تخطيط استمر سنة وستة أشهر وتسعة أيام. وقال إن العناصر المنفذة انسحبت في الوقت المناسب من الأراضي الروسية، وأكد أن الهجوم يستهدف الطائرات المستخدمة في قصف المدن الأوكرانية “كل ليلة”.
وأضاف زيلينسكي في تصريح عبر “تليغرام” أنه طلب من جهاز الأمن الكشف للرأي العام عن تفاصيل العملية، واصفًا إياها بأنها “ستُدرج في كتب التاريخ”، ومؤكدًا أن روسيا هي من بدأت هذه الحرب، ويقع على عاتقها إنهاؤها.
واشنطن كانت على علم مسبق
وكشف موقع “إكسيوس” الأمريكي، نقلًا عن مسؤول أوكراني، أن كييف أبلغت الولايات المتحدة مسبقًا بنية تنفيذ هذا الهجوم، الذي اعتُبر تطورًا نوعيًا في استراتيجية أوكرانيا العسكرية، إذ طال أعماق روسيا لأول مرة بهذا الحجم.
موسكو تتوعد وتشنّ هجمات مضادة
وفي أول ردّ فعل، أقرت وزارة الدفاع الروسية بوقوع الهجمات وأعلنت تصديها لبعضها واعتقال عدد من المتورطين، متوعدة برد “قوي” قد يشمل ضرب مدن أوكرانية كبرى.
وأعقبت العملية الأوكرانية ضربات روسية مكثفة استهدفت مناطق عدة، أبرزها محيط العاصمة كييف، بالإضافة إلى خاركيف وزاباروجيا. وقالت السلطات الأوكرانية إن الدفاعات الجوية أسقطت ما لا يقل عن 15 مسيّرة، فيما أسفرت الهجمات عن إصابات وأضرار مادية في عدة مبانٍ، أبرزها في منطقة “بيلا تسيركفا” جنوبي كييف.
تصعيد دموي في خاركيف وزاباروجيا
في الشرق، أعلنت الإدارة العسكرية في خاركيف إصابة 15 شخصًا في هجمات استهدفت 9 مدن وبلدات، استخدم فيها صاروخ و13 طائرة مسيّرة، فيما تضرر 17 منزلًا. وفي زاباروجيا، قُتل أربعة أشخاص، بينهم ثلاث نساء، في قصف روسي استهدف قرية شرقي المدينة، إضافة إلى دمار كبير في المنازل والمرافق.
وقال حاكم زاباروجيا، إيفان فيدوروف، إن الهجمات شملت قنابل موجهة وطائرات مسيّرة، ما أسفر عن إصابة 3 أشخاص وتدمير 3 مبانٍ سكنية و29 منزلًا.
حصيلة جديدة: 12 قتيلًا و472 مسيّرة روسية
وفي حصيلة أوسع، أعلنت القوات المسلحة الأوكرانية أن روسيا شنّت خلال يوم واحد هجمات بـ7 صواريخ و472 طائرة مسيّرة، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 70 آخرين. وأشارت إلى أن الدفاعات الأوكرانية أسقطت 385 مسيّرة، فيما لا يزال خطر هجمات مماثلة قائمًا.
كما استهدفت صواريخ روسية مركز تدريب عسكري أوكراني لم يُفصح عن موقعه، ما أدى إلى مقتل 12 وإصابة أكثر من 60 آخرين، حسب بيان رسمي.
جهود تفاوضية مرتقبة
تأتي هذه التطورات العنيفة قبل يوم من مفاوضات مرتقبة للسلام بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول، وسط تزايد المخاوف من تصعيد أكبر قد يجهض أي مساعٍ دبلوماسية لحل النزاع المستمر منذ فبراير/ شباط 2022.
تعليقات الزوار
لا تعليقات