أريد التوجه إلى الأخوة اليهود لأقول لهم: مبروك! بعد عمل حثيث استمر أكثر من مئة سنة، وبعد طرد الفلسطينيين في العام 1948 وفي العام 1967، والآن بعد مذبحة غزة وتدمير معظم مبانيها، فإن الدولة العظمى في العالم تتجند لاستكمال المهمة. الرئيس الأمريكي ترامب، يقترح طرد مليوني فلسطيني إلى المجهول، ربما إلى مصر، الأردن أو ثقب بعيد في الكرة الأرضية. بالطبع، هذا الطرد ليس نهاية المطاف. الجيش الإسرائيلي يواصل مهمة تسوية الضفة الغربية على أمل سماع بشرى أخرى من ترامب. وماذا بشأن من يسمون هنا “عرب إسرائيل”؟ الله كبير.
يتبين أن الأغلبية الساحقة من الإخوة اليهود يؤيدون خطة ترامب. يمكن الفهم أنهم أخيراً حققوا رغبة المتطرفين الذين يعيشون بينهم – أرض بدون عرب. ربما يكونون وحدهم، الفرح وحدهم، نشيد أغاني أرض إسرائيل الجميلة وحدهم، والنضوج في مرقهم وحدهم. سيلعب “شبيبة التلال” لعبة “الاستغماية” مع “إخوة في السلاح”، وسيلعب يئير لبيد لعبة الطاولة مع سموتريتش، وسيلعب بني غانتس لعبة الشطرنج مع بن غفير، وسيجلس يوآف غالنت ويتحدث بشكل ودي مع حامل بشرى إلقاء القنبلة النووية على غزة، وسيحتضن عميحاي الياهو والجمهور الحاخام آفي ماعوز بحميمية، الذي يعمل بجهد على إعداد المناهج التعليمية للأبناء والبنات، كل جنس وخطط التعليم الخاصة به بالطبع.
في هذه الأثناء، يمكن مواصلة حملة البحث عن قبور الصديقين في الوديان والجبال والكهوف. من يعرف، ربما يكتشفون أنهم سيضطرون إلى طرد سكان الأردن وسوريا ولبنان أيضاً، لأن الآباء أحبوا التنزه في المنطقة، حتى أنهم وصلوا إلى مصر. أيضاً يمكن إعادة كتابة التاريخ: لم تعش على هذه الأرض شعوب أخرى ذات يوم. أما الشاعرة الوطنية نعامي شيمر، فستوجه الكائنات التي تعيش في البلاد. هي لم تلاحظ العرب الموجودين في شرقي القدس، وقالت وهي تبكي: “آبار المياه جفت، ساحة السوق أصبحت فارغة”. علينا ألا ننسى أثناء حرصنا على تمجيد إرث الشعب الخالد بمحو اللغة العربية. الحذر، الحذر! احذروا عدم محو نصف اللغة العبرية إذا لم يكن أكثر، في ضجة المحو. أي بيت يذكر بالعرب هو بيت محكوم عليه بالهدم. إلى الأمام أو إلى الوراء، هذه خطوة نحو فترة الأنبياء.
عندما يذهب العربي الأخير من هنا، لا تنسوا إغلاق الباب عليكم. المتطرفون بينكم، الذين لا يمكنهم العيش بكرامة ومساواة مع الآخر، سيرتدون ملابس العيد. أخيراً، شعب منفرد سيعيش وحده. هكذا فإن وحشية التاريخ تضحكنا حتى الألم. السلطة المهيمنة في أوروبا اضطهدت اليهود وطردتهم، وأصبح المضطهد في دولة اليهود هو المسيطر، هو الآن يريد أن يفعل بالأغيار هنا ما فعله الأغيار به هناك.
بعد ألفي سنة في الشتات، يتوق المتطرفون اليهود للعيش وحدهم، غرباء عن محيطهم بإرادتهم. لن نزعج راحتهم. علموا أولادكم بأن كل العالم ضدكم، وأنه محظور عليكم الاعتماد على غير أنفسكم، العالم مليء بالأفاعي السامة، هي في كل مكان، خلف الباب، تحت السرير، يجب ألا تثق بأحد. علموا أولادكم الحذر من الغرباء. ولمزيد الثقة، علموهم أن يكرهوهم أيضاً.
لم يكن هذا سهلاً. لقد سفكت دماء كثيرة هنا، وتدفق الكثير من عرق ودموع اليهود، وبالطبع دماء وعرق ودموع الفلسطينيين، إلى أن وصلت النتيجة المأمولة: أرض بدون عرب. كل المجانين في العالم سيرغبون الآن في أن يتعلموا منكم كيفية صنع هذه المعجزة المدهشة: نهضة شعب، وفي الوقت نفس دفن شعب آخر. تستحقون التربيت على الكتف، لأنه إلى أن وصلتم إلى هنا، فإن دولاً عظمى كان يمكنها تدمير شعوب واستعبادها وطردها. هاكم، فجأة شعب صغير يثبت أنه يستطيع فعل شيء كهذا. أي معجزة هذه! عمل مدهش حقاً.
تعتمل فكرة مختلفة في أعماقي. حافلات الطرد تسخن المحركات. اشخاص طيبون من الشعب المختار ينضمون بجموعهم للمطرودين. “العفو، هذه الحافلة ليست مخصصة لكم. انزلوا”، سيقول لهم المراقبون لعملية الترانسفير. ولكنهم يرفضون.
تعليقات الزوار
لا تعليقات