في وقت تتنافس فيه القوى الكبرى من أجل تعزيز نفوذها في منطقة الساحل الإفريقي، أعلنت ثلاث دول هي مالي والنيجر وبوركينا فاسو تشكيل كونفدرالية للتنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي بينها، في خطوة فاجأت حتى دول الجوار مثل الجزائر والمغرب.
في هذا الصدد، تابع المهتمون الانقلابات العسكرية التي وقعت في منطقة الساحل ما بين عامي 2020 و2023 وأدت الى طرد الدول الغربية منها وخاصة فرنسا ونسبيا الولايات المتحدة، ثم تعزيز كل من موسكو وبكين نفوذهما لاسيما وأن المنطقة غنية ببعض المعادن النادرة المهمة في الصناعة المستقبلية مثل الهواتف النقالة والسيارات الكهربائية.
غير أن دول المنطقة لم تنجر الى الانخراط في تبعية جديدة واضحة لأي دولة كبرى، بحيث لا يتعدى الأمر تنسيقا وإن كان قويا، وارتأت لنفسها في المقابل تأسيس كونفدرالية إقليمية ذات مساحة شاسعة وموارد طبيعية مقبولة جدا. وهكذا، أعلنت القيادات العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو يوم 6 من الشهر الجاري تأسيس كونفدرالية ثلاثية في العاصمة نيامي تحمل اسم “كونفدرالية دول الساحل”.
أهم ما جاء في بيان الإعلان ” قررت الدول الثلاث خطوة أخرى نحو مزيد من التكامل بين الدول الأعضاء. وتحقيقاً لهذه الغاية، اعتمدت معاهدة إنشاء اتحاد كونفدرالي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والمعروف باسم اتحاد دول الساحل”. ومن ضمن القرارات الرئيسية القطع النهائي مع “المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا” المعروفة باسم سيداو. وكانت الدول الثلاث قد غادرت المجموعة وكان هناك أمل في عودتها. ومن القرارات الأخرى، التنسيق الثلاثي في مواجهة الجماعات الإرهابية وعدم ترك هذا الملف في أيدي الدول الأجنبية.
صحيفة لوموند أوردت في عددها الإثنين تخوف مجموعة “سيداو” من التفكك نتيجة قرار الدول الثلاث مغادرتها والرهان على الكونفدرالية، ونقلت أن أحد الأسباب لمغادرة سيداو هو اعتقاد هذه الدول تلاعب باريس بسياسة محاربة الحركات الإرهابية، بمعنى عدم تقديم دعم كاف. وعمليا، كانت الدول الثلاث قد اتهمت باريس بانتهاج سياسة الغموض في محاربة الإرهاب خدمة لمصالحها ومصالح الغرب عموما.
والى جانب الصراع بين الغرب والدول الكبرى مثل الصين وروسيا على المنطقة، تشهد كذلك اهتماما كبيرا من طرف القوى الإقليمية وأساسا المغرب والجزائر. ويستعرض المغرب في الكثير من المناسبات مبادرات تجاه هذه المنطقة وآخرها المبادرة الأطلسية التي أعلنها الملك محمد السادس وتنص على استفادة الدول الثلاث وكذلك تشاد من الواجهة الأطلسية. وكان المغرب قد نظم قمة يوم 23 ديسمبر الماضي من أجل هذا المشروع.
في الوقت ذاته، تتعهد الجزائر باستثمارات وصادرات زراعية إلى المنطقة وتسهيلات في الطاقة. وكانت قد أسست لمؤتمر “الجزائر- دول الساحل”، وأعلن الرئيس عبد المجيد تبون في نهاية فبراير الماضي عن منطقة تبادل تجاري تضم عددا من جيران الجزائر (مستثنيا المغرب) وأساسا الدول الثلاث مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
تعليقات الزوار
لا تعليقات