اشتعلت الجبهة الجنوبية اللبنانية بقوة غداة اغتيال إسرائيل قائد وحدة “عزيز” الشهيد محمد نعمة ناصر “أبو نعمة” الذي كان يتولى قيادة جانب رئيسي من الجبهة من غرب القطاع الأوسط حتى رأس الناقورة. وجاء رد حزب الله على هذا الاغتيال موجعاً، في ظل رهان إسرائيلي على أن رد المقاومة سيكون مضبوطاً لعدم دفع الأمور نحو حرب مفتوحة.
واستهدف حزب الله 10 مواقع ومقرات قيادة وتسبب باشتعال النيران في العديد من المستوطنات. وأكد الحزب في سلسلة بيانات أنه “في إطار الرد على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة الحوش في مدينة صور، قصف بأكثر من 200 صاروخ من مختلف الأنواع، مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة كتيبة المدرعات التابع للواء السابع في ثكنة غاملا، ومقر قيادة الفرقة 210 (فرقة الجولان) في قاعدة نفح، ومقر فوج المدفعية التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن”. كما استهدف موقع “بياض بليدا” بصاروخ بركان. وأضاف في بيان آخر: “استكمالًا للرد على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو في منطقة الحوش في مدينة صور، شنّ الحزب هجومًا جويًا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة المنطقة الشمالية في قاعدة دادو، وقاعدة استخبارات المنطقة الشمالية ميشار، ومقر قيادة لواء حرمون 810 في ثكنة معاليه غولاني، والقاعدة الرئيسية الدائمة لفرقة 146 ايلانيا، ومقر لواء غولاني ووحدة إيغوز في ثكنة شراغا”.
وردًا على إصابة امرأة مدنية في بلدة شبعا، استهدف حزب الله تموضعًا مستحدثًا للجنود في مستعمرة كفربلوم بصلية من صواريخ الكاتيوشا”، كما استهدف موقع البغدادي بصاروخ بركان وكذلك موقعي رويسات العلم والمرج. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابات خطيرة بين الجنود بعد استهداف آلية عسكرية بقصف من لبنان، وأفيد بمقتل أحدهم. وأشار جيش الاحتلال إلى “اندلاع حرائق في عدة مناطق في الشمال جراء عمليات اعتراض صواريخ ومسيرات أطلقت من لبنان”.
غارات إسرائيلية
في المقابل، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على عيترون وعيتا الشعب وراميا والناقورة، وأغارت مسيرة اسرائيلية على منزل في حولا ما أسفر عن سقوط شهيد، حيث نعى حزب الله هادي أحمد شريم “حيدر” مواليد عام 1996 من بلدة حولا. كما أغارت مسيرة بثلاثة صواريخ على حي المعاقب في بلدة حولا ايضاً وعلى منزل في بلدة القنطرة قضاء مرجعيون. وأُصيب المواطنان أحمد غانم وعلي الحاج جراء استهداف منزل الأول بقذيفة في أطراف كفرشوبا. واستهدفت المدفعية الاسرائيلية بلدة الخيام واطراف بلدة الناقورة وسقطت قذيفة في محيط بركة بلدة كونين من دون أن تنفجر.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية “أن الجيش قصف مناطق واسعة من جنوب لبنان، وأن الدفاعات اعترضت عشرات الصواريخ والمسيّرات”. وكان الطيران الحربي خرق مرة جديدة جدار الصوت فوق بيروت وضواحيها.
وترافق القصف الإسرائيلي على الناقورة مع زيارة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برئاسة النائب فادي علامة إلى مقر قيادة “اليونيفيل” وضم الوفد نواباً من مختلف الانتماءات السياسية. وسمع النواب صفارات الإنذار قبل أن يستقبلهم القائد العام لـ”اليونيفيل” الجنرال أرلدو لاثارو والضباط الكبار ويعقد معهم لقاء مغلقاً تم فيه استعراض دور ومهام “اليونيفيل” في هذه الظروف على أبواب التجديد لولاية اليونيفيل عاما جديدا.
زيارة “اليونيفيل”
وبعد التوقيع على السجل الذهبي، أكد النائب علامة وهو عضو كتلة “التنمية والتحرير”: “أن لبنان لا يريد الحرب، يريد تنفيذ القرارات الدولية، وأن زيارتنا كلجنة للشؤون الخارجية ليست الأولى إلى الجنوب اللبناني، ولكنها تأتي اليوم بالتزامن مع استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان من جهة، ومن جهة أخرى مع استحقاق موعد التجديد لقوات اليونيفل للاستمرار بأداء مهمتها الإنسانية العابرة للدول…”.
وأضاف علامة “اليوم أكثر من أي وقت مضى نؤكد الحاجة إلى دوركم”، وقال “يحرص أبناء الجنوب وكل اللبنانيين الإبقاء على العلاقة. ويحضر موعد التجديد لقوة حفظ السلام بعد تصاعد الأعمال العدوانية الإسرائيلية والخرق المتواصل للقرار 1701 خلال السنوات الماضية من خلال آلاف الطلعات الجوية والخروق البرية والجوية والبحرية وخطف المزارعين اللبنانيين وغيرها الكثير من الاعتداءات التي أحصتها التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، لينتقل للخروق المتفجرة من خلال الاعتداءات اليومية على العديد من المناطق لا بل أكثر حتى أنه وفي تلك الاعتداءات التي هي أشبه بحرب، فإن العدو الاسرائيلي لم يلتزم بالقانون الدولي الإنساني. وثبت مسلسل اعتداءاته على مدنيين ومسعفين وإعلاميين كذلك استعمل القنابل الفوسفورية الحارقة والمحرمة ولا بد أنكم تلحظون ذلك بشكل يومي حيث لم توفر اسرائيل استهداف البشر والبنى التحتية فضلاً عن تدميرها البيوت والمؤسسات الاقتصادية والتجارية”. وختم مؤكداً “موقف لبنان المتعاون بشكل مطلق وواضح لتطبيق القرار الدولي 1701 والذي يشكل طريقاً ومدخلاً للتهدئة ووقف الحرب على غزة”.
اما المتحدثة باسم “اليونيفيل” كانديس ارديل، فقالت إن “الزيارة مهمة، لأنها تظهر أهمية العمل الذي تقوم به “اليونيفيل” تجاه الحكومة اللبنانية. وقد طلبت الحكومة مؤخراً من مجلس الأمن تجديد ولايتنا لمدة عام آخر. وهذا يبيّن الأهمية التي نقوم بها لتحقيق المنفعة التي تجلبها قوة حفظ السلام للمجتمعات المحلية في جنوب لبنان والأمن والاستقرار الذي تجلبه قوات حفظ السلام. وقد أبلغنا الطرفين، السلطات اللبنانية والإسرائيلية، أن القرار 1701 هو الإطار المناسب للتحرك نحو حل سياسي ودبلوماسي دائم. وعليه فإن هذه الزيارة هي جزء من دعم القرار 1701″. وأضافت: “الوضع في الجنوب اليوم متوتر وقد تكرر هذا الأمر كثيراً منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر. لقد شهدنا فترات من التوتر الشديد. تكون بعض الأيام أكثر هدوءاً ولكننا نشهد اليوم بعض التبادلات العنيفة لتبادل إطلاق النار. ونحن نواصل العمل من خلال آليات الارتباط والتنسيق لدينا، ونتحدث إلى السلطات على جانبي الخط الأزرق لحثها على العودة إلى وقف الأعمال العدائية، وحث جميع الأطراف الفاعلة على إلقاء أسلحتها حتى نتمكن من المضي قدماً من خلال القرار 1701، من خلال إطار وقف الأعمال العدائية نحو حل سياسي ودبلوماسي يعيد الاستقرار على المدى الطويل إلى جنوب لبنان”.
تشييع “أبو نعمة”
في المواقف، أكد رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين خلال مراسم تكريم الشهيد “أبو نعمة” أنه “في مقاومتنا لا تسقط راية ولا تختل جبهة ولا تضعف مواجهة. فحين يرتقي قائد شهيد يتسلم الراية آخر ويمضي بعزم جديد”، لافتاً إلى “أن القادة في جبهتنا هم في الخطوط الأمامية بينما في جبهة العدو مئات الضباط يعلنون دون خجل أنهم سينسحبون من المعركة”. وقال “يجب ألا يظن العدو انه بعد استهداف هؤلاء الأبطال سيكون الجنوب أمامه مستباحاً”، لافتاً إلى “أن الرد على اغتيال القائد الحاج أبو نعمة بدأ سريعاً وسلسلة الردود لا زالت متتالية وستبقى وتستهدف مواقع جديدة لم يكن يظن العدو أنها ستصاب والمؤكد أن الإصابات كثيرة بين قتلى وجرحى”. واعتبر “أن هذا الجيش لن يتمكن في يوم من الأيام بعد الضربات المتتالية أن يحقق انتصارات في أي معركة أو مواجهة، وهو مشرف على هزيمة مدوية أمام صمود شعب غزة وأمام المقاومة التي ستبقى في غزة”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات