وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى غينيا، المحطة الأولى ضمن جولة أفريقية تهدف إلى مزيد تعزيز نفوذ موسكو في أفقر قارة في العالم، مدفوعة برغبتها في سحب البساط من تحت أقدام الغرب والولايات المتحدة وكسر عزلتها الدولية المفروضة عليها منذ غزوها أوكرانيا. 

وسعت روسيا التي تدهورت علاقتها مع الغرب بعدما أرسلت قوات إلى أوكرانيا عام 2022 إلى تعزيز حضورها في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة من بوابة الشراكات الاقتصادية والمساعدات والاتفاقيات العسكرية وصادرات الحبوب.

وأعلنت الخارجية الروسية عن الزيارة على تطبيق تلغرام حيث نشرت صورة للافروف لدى وصوله إلى مطار كوناكري ليلا والزيارة هي الأولى التي يقوم بها إلى غينيا منذ العام 2013.

وكان في استقبال لافروف نظيره الغيني موريساندا كوياتي، وفق ما أفادت وزارة الخارجية الغينية. وتعد غينيا دولة فقيرة رغم ثرواتها المعدنية والطبيعية وخضعت لحكم ديكتاتوري استمر عقودا.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك في وقت لاحق من اليوم الاثنين قال الوزير الروسي إنه ناقش التعاون العسكري بين موسكو وكوناكري.

وقال لافروف "إننا لم ننس التعاون العسكري التقني وتعزيز قدرات غينيا الدفاعية، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار التهديد الإرهابي المتزايد"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إنترفاكس".

ونقلت الوكالة الروسية عن كوياتي قوله إن قائد المجلس العسكري مامادي دومبويا "بعث بتحياته الحارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

وقبل محادثاته المغلقة مع نظيره الغيني، أدلى لافروف بتصريح هنأ فيه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا وزعيمها دومبويا الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب عام 2021، لكونها "في طليعة عملية إنهاء الاستعمار"، بحسب مقطع فيديو نُشر على موقع الوزارة الروسية.

كما تحدث لافروف في التصريح عن التعاون الاقتصادي، خاصة في مجال التنقيب ومن خلال استثمارات شركة روسال "أكبر مستثمر روسي في غينيا".

وأشاد بالبرامج الاجتماعية لعملاق الألمنيوم الروسي، مشيرا إلى الشركة توفر فرص عمل "لآلاف الأشخاص" في الدولة الغنية بالموارد الطبيعية.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي أعادت روسيا افتتاح سفارتها في بوركينا فاسو، منهية نحو 31 عاما من إغلاقها، بعد أن دخلت العلاقة بين واغادوغو وموسكو مرحلة جديدة إثر طرد المجلس العسكري القوات الفرنسية، في خطوة حملت مؤشرات على أنها ستفتح الطريق أمام تنامي النفوذ الروسي في البلد الأفريقي على غرار مالي المجاورة، حيث تنشط مجموعة ''فاغنر'' العسكرية الروسية الخاصة.

وفي يوليو/تموز الماضي دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القادة الأفارقة إلى قمة في سان بطرسبرغ حيث اتفقوا على دعم عالم متعدد الأقطاب ومكافحة الاستعمار الجديد وأشاد بوتين في بيان أعقب القمة بـ"التزام جميع دولنا حيال تأسيس نظام عالمي عادل وديموقراطي متعدد الأقطاب".

ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، كثّفت روسيا من جهودها لتمتين علاقاتها مع الدول الأفريقية، مستغلة تراجع النفوذ الفرنسي في القارة، وقدّمت نفسها على أنها الحلّ في مواجهة ما تصفه بـ"الإمبريالية" الغربية.

وأبدت روسيا رغبتها في توسيع استثماراتها في القارة الأفريقية ولا سيما دول منطقة الساحل، كما وقعت اتفاقيات عسكرية مع عدد منها، بالتوازي مع تعزيز حضور مجموعة "فاغنر" العسكرية في بعض المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.

وتعدّ أفريقيا "أولوية قصوى" بالنسبة إلى روسيا، ما يثير هواجس الغرب الذي يعتبر القارة منطقة حيوية، بينما تسعى الدول الأفريقية إلى البحث عن حلفاء جدد والدخول في شراكات جديدة على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة.

وردّدت خلال المظاهرات التي خرجت في النيجر وبوركينا فاسو في العام الماضي مطالبة بإنهاء الوجود الفرنسي شعارات "دع فرنسا تذهب، ومرحبًا بروسيا"، فيما حذر خبراء أفارقة من "تخلص أفريقيا من الهيمنة الفرنسية والوقوع في براثن الهيمة الروسية".