دعا أحمد لعرابة ممثل الفريق القانوني الجزائري في محكمة العدل الدولية إلى ضرورة أن تقوم هذه الهيئة القضائية الدولية بالإسراع في إصدار رأي استشاري يمهد لأفق سياسي في فلسطين.
وقال ممثل الجزائر في كلمة خلال جلسة لمحكمة العدل الدولية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي، إن الكيان الصهيوني يتعمد تمديد الاحتلال ويخلق بيئة تضمن استمراره في الأراضي الفلسطينية.
وأوضح لعرابة أن “الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية هو العامل الأساسي الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع”، مشيرا إلى أن “سياسة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل تجسيد لاحتلال لا يقوم على أسس قانونية أو شرعية”.
وأشار إلى أن السياسات التي يمارسها الاحتلال الصهيوني على الأراضي الفلسطينية تمثل “تناقضا صارخا واختراقا واضحا للقوانين الدولية”، موضحا أن “الاحتلال يمارس سياسة فرض الأمر الواقع وضم الأراضي الفلسطينية في ظل صمت دولي”.
ولفت إلى أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي لها تداعيات قانونية تؤثر على كافة الدول والأمم المتحدة، مبرزا أن “هناك انتهاك إسرائيلي متواصل لقواعد ومبادئ القانون الدولي”.
وإزاء ما يجري، طالب ممثل الجزائر محكمة العدل الدولية “بضرورة الإسراع بإصدار رأي استشاري يمهد لأفق سياسي”، مشددا على “ضرورة تطبيق القوانين الدولية على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل”.
وأضاف ممثل الجزائر أن “إسرائيل تعمل على تجويع الفلسطينيين وعدم توفير ضروريات الحياة وتكديس رفح بالنازحين”، محذرا من “مذبحة محتملة إذا أقدم الاحتلال الإسرائيلي على الاجتياح البري لمدينة رفح المكتظة بالنازحين”. كما شدّد على أنه “لا يحق للاحتلال الإسرائيلي ممارسة سيادته على الأراضي الفلسطينية”، وفق ما ينص عليه القانون الدولي.
ويمتلك لعرابة تأهيلا قانونيا عاليا، حيث كان قد اختير على مرتين للإشراف على لجنة الخبراء لتعديل الدستور في الجزائر وهو حاليا عضو لجنة القانون الدولي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أحمد لعرابة. وتشارك الجزائر في هذا الاجتماع من خلال فريق قانوني يضم إلى جانب لعرابة، الخبيرة في مسائل حقوق الإنسان ونائبة رئيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب مايا ساحلي فاضل.
وتُخصص هذه الجلسات بمحكمة العدل الدولية بلاهاي للاستماع للمرافعات الشفوية المتعلقة بالرأي الاستشاري حول التبعات القانونية المترتبة عن سياسات وممارسات الكيان الصهيوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وذلك في إطار الاستجابة لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار رأي استشاري في هذا الشأن.
وقد استهلت الجلسات بالاستماع للعرض الشفهي المقدم من الوفد الفلسطيني الذي يرأسه وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، والذي تحدث عن نية الاحتلال الصهيوني للبقاء الدائم بالأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال إقامة المستوطنات وتوسيعها.
وتعمل الجزائر في سياق مكمل على استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي باعتبارها عضوا غير دائم فيه، لتفعيل القرارات المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، عبر طرح مشروع قرار في هذا الشأن.
وكانت الجزائر وجنوب إفريقيا عقب لقاء وزير خارجيتهما مؤخرا في أديس أبابا، قد أكدتا أن جهودهما اليوم تتكامل في العمل لوقف الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، من خلال العمل على تفعيل قرارات محكمة العدل الدولية.
وذكر بيان للخارجية الجزائرية في هذا الشأن أن الطرفين نوّها بـ”تكامل المساعي القضائية لجنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية مع جهود الجزائر الدبلوماسية الحثيثة بمجلس الأمن الأممي بغرض تفعيل التدابير المؤقتة التي أصدرتها المحكمة وتحقيق الأهداف المشتركة المُتمثلة في وقف العدوان الصهيوني وحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات الإنسانية وجهود الإغاثة بدون أية عراقيل والدفع إلى تسوية دائمة للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية”.
وبدأت الجزائر حشد الدعم لمبادرة جنوب أفريقيا خلال اجتماع دول عدم الانحياز منتصف كانون الثاني/جانفي في أذربيجان الذي سبق القمة. وأكد وزير الخارجية أحمد عطاف أن مبادرة جمهورية جنوب إفريقيا برفع دعوى ضد الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة شن حرب إبادة في غزة تستدعي كل التقدير وكل الدعم وكل الثناء، فهي “الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح”.
وفي سياق دعم مشروع القرار الجزائري أمام مجلس الأمن، قالت المجموعة العربية بالأمم المتحدة، إنها تؤيد بقوة، مشروع القرار الجزائري المطروح للتصويت على مستوى مجلس الأمن بشأن قطاع غزة، داعية “جميع أعضاء مجلس الأمن إلى التصويت لصالحه بقوة”.
واعتبرت المجموعة أنّ “القرار الجزائري ينسجم مع أولويات المجموعة العربية والمجتمع الدولي الأوسع أي وقف إطلاق النار”، مبرزة أنه يحدد النطاق اللازم لوصول المساعدات الإنسانية، ومعارضة التهجير القسري وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز المسار الموازي الذي تتوسط فيه مصر وقطر والولايات المتحدة، بدلاً من تعريضه للخطر”، وفق البيان الذي لمّح في هذه النقطة إلى التحفظ الأمريكي دون الإشارة إليه.
وفي السياق، أبدت المجموعة أسفها لما وصفته خمول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعدم قدرته على إدانة الفظائع اليومية التي ترتكبها سلطات الاحتلال.” وشددت على وجوب ان يتخذ مجلس الأمن إجراءً فوريًا. ولا يصم آذانه عن نداءات المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، الذين يطالبون جميعا بوقف إطلاق النار.” وأكد الفريق العربي أنه “لا يوجد أي عذر يمكن أن يبرر جمود مجلس الأمن، ولابد أن تتضافر كافة المساعي لوقف المذبحة المستمرة في غزة”.
ووفق ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية، ينصّ مشروع القرار الجزائري على “رفض التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين”، ويطالب مرة أخرى “جميع الأطراف بالامتثال للقانون الدولي”. كما يدعو إلى وصول المساعدات الإنسانية “بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق إلى قطاع غزة بأكمله وفي جميع أنحائه”، مع الدعوة “لحماية المدنيين والأهداف المدنية”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات