أخبار عاجلة

أعضاء في “كابينت الحرب”: فشلنا.. وبات ضرورياً عقد صفقة “بأي ثمن”

خلافاً لما يمكن سماعه من تقارير الإعلام، ليس على الطاولة حتى الآن أي اقتراح تسوية متبلور بخصوص صفقة أخرى لتحرير المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. ثمة أفكار للوسطاء القطريين والمصريين بدعم أمريكي. وثمة إدراك لما يتوقع أن تطلبه قيادة حماس المختبئة في أنفاق غزة، وتحيط نفسها بدرع بشري من المخطوفين.
تم التوصل إلى صفقة التبادل الأولى، التي أطلق في إطارها 110 من النساء والأطفال الإسرائيليين إلى جانب مواطنين أجانب. ونسبت إسرائيل الصفقة التي حصلت حماس مقابلها على ثمن منخفض نسبياً (ثلاثة أضعاف عدد المخطوفين) للضغط العسكري الكبير الذي استخدم على حماس، والذي بسببه أملت قيادة حماس بالحصول على وقف طويل لإطلاق النار. كان لرئيس حماس، يحيى السنوار، اعتبار آخر: عشرات الأطفال والنساء الذين اختطفهم رجاله تحولوا إلى عبء عليه، لأنه بذلك (إضافة إلى المذبحة نفسها) تم الكشف عن وحشية حماس القاتلة ووضعتها في نظر المجتمع الدولي في مستوى “داعش”. من ناحية السنوار، بقي لديه ما يكفي من أوراق المساومة حتى بعد إطلاق سراح هؤلاء. ولكن السنوار ارتكب خطأ واحداً في حساباته، فقد افترض أن الصفقة الأولى ستؤدي إلى مفاوضات طويلة أخرى، وأن الجيش الإسرائيلي لن يعود للعملية البرية. عملياً، ما حدث هو العكس، وهجوم إسرائيل استؤنف فوراً بعد انهيار المحادثات ووقف إطلاق النار.
طلبات حماس في الجولة الحالية تبدو مرتفعة جداً. لا يدور الحديث فقط عن خطة “الجميع مقابل الجميع”، بإطلاق سراح جميع المخطوفين مقابل جميع السجناء الفلسطينيين في إسرائيل، بما في ذلك كبار القتلة المخضرمون وبينهم مخربو النخبة الذين شاركوا في 7 أكتوبر وتم اعتقالهم في حينه. حماس تطلب الحصول على أمرين آخرين مرتبطين بذلك: وقف طويل المدى لإطلاق النار، والتعهد بعدم المس بقيادتها. تبدو تعهدات أكثر مرونة يصعب تطبيقها لفترة طويلة. فحماس خرقت كل اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، منها ما جرى في 7 أكتوبر، وبذلك سمحت لإسرائيل بالتملص من تعهداتها وأدت إلى فتح جولات قتال أخرى.
إن موافقة إسرائيل على هذه الصفقة تعني نهاية المعركة بالصيغة الحالية، وستكون اعترافاً من الحكومة والجيش بالفشل مرتين؛ في شن الحرب وفي تحقيق الأهداف.
في القيادة الأمنية والسياسية العليا من يقولون بأنه لا مناص من ذلك؛ لأن الأهداف تصطدم بهدف آخر، وهو تحرير جميع المخطوفين. إن الهدف الثاني هو الوحيد القابل للتحقق في هذه الأثناء. حسب رأيهم، فإن الفشل الذريع للدولة في 7 أكتوبر، الذي عرض عائلات في الغلاف وأشخاصاً كانوا في حفلة “نوفا” للقتل وعمليات الاغتصاب والأسر، يلزم أخلاقياً بإصلاح كهذا، حتى بثمن الاعتراف بالفشل الذي معناه العملي الموافقة على انتصار “مؤقت” (هذا ما نأمله) لحماس في الحرب. بالنسبة لحماس، لم يعد الهدف تحقيق هدنة مؤقتة، بل الصعود على مسار نهايته وقف إطلاق نار يضمن بقاءها في الحكم ويحمي كبار قادتها من الإصابة.
رئيس الحكومة، نتنياهو، سيجد صعوبة في الموافقة على مثل هذه الصفقة: أولاً، لأنه سيكون هنا تنازل غير مسبوق من حيث حجمه لإطلاق سراح مخربين، إلى جانب الاعتراف بالفشل في الحرب. ثانياً، لأنها خطوة ستؤدي وبمستوى كبير جدا إلى انهيار الائتلاف وانسحاب الشركاء المتطرفين بن غفير وسموتريتش وحزبيهما.
في الوقت الحالي، يتملص نتنياهو ويطيل الوقت. من جهة، يوزع وعوداً عبثية عن الحرب حتى الانتصار كل يومين. ومن جهة أخرى، يرسل عبر الوسطاء رسالات ضبابية لحماس تسمح بإبقاء مظهر من المفاوضات بدون أي تقدم حقيقي من أجل التوصل إلى صفقة. في الأسبوع الماضي، سجلت عائلات المخطوفين إنجازاً مهماً من أجل رفاهية أبنائها، صفقة بوساطة قطر لنقل الأدوية المطلوبة لهم، التي لم ينشر حتى الآن ضمان حصولها. سارع نتنياهو لإعلان أنه أمر رئيس الموساد دادي برنياع، بالتوصل إلى صفقة. عملياً، لا يبدو وجود أي عملية لإعادة المخطوفين.
في الفترة الأخيرة، بدا استيقاظ جديد لحملة عامة لصالح إطلاق سراح المخطوفين في البلاد والخارج، تنبع من إدراك بأنه لا وقت أمام المخطوفين. وأعلن الجيش الإسرائيلي عن أكثر من 20 أنهم قتلى من بين الـ 136، استناداً إلى معلومات استخبارية، وأحياناً إلى دلائل للطب الشرعي. ومما قاله المخطوفون الذين أطلق سراحهم، يتبين أنه إزاء الوقت الذي انقضى، فالظروف القاسية التي يحتجز فيها المخطوفون الباقون ووحشية آسريهم، تعرض حياة المتبقين للخطر. هذه خلفية للتغير في الرأي العام الذي تبشر به عدة استطلاعات أجريت في الأسبوع الأخير، والتي تدل على تفوق بسيط لمؤيدي الصفقة حتى بثمن “الجميع مقابل الجميع”.
ثمة شك أن هذا سيغير موقف نتنياهو. في المقابل، سيتم وضع المعضلة قريباً أمام الشركاء المؤقتين في الحكومة وفي مجلس الحرب، خصوصاً الوزيرين غانتس وآيزنكوت، اللذين ينسب لهما أنهما على اتصال مستمر مع عائلات المخطوفين ولا يخشيان الانتقادات الموجهة لهما. ولكن هذا غير كاف؛ فقد برزت الخلافات بينهما وبين نتنياهو إلى الواجهة السبت في جلسة مجلس الحرب عندما طلبا المضي بشكل مستعجل بعقد صفقة تبادل.
ربما يضطر غانتس آيزنكوت في الأسابيع القريبة إلى اتخاذ قرار الانسحاب مع قائمة المعسكر الرسمي من الائتلاف، رغم خطورة الخطوة التي ستزيد تأثير المعسكر اليميني المتطرف جداً على اتخاذ القرارات في الحكومة. هذه مخاطرة معروفة، لكن سيضطر غانتس وآيزنكوت للتساؤل: ألم تستنفد استراتيجية البقاء إلى جانب نتنياهو نفسها ولن تسمح له بالبقاء لفترة طويلة، رغم أنها لن تخدم وبحق أهداف الحرب؟
الحرب عالقة
الإدارة الأمريكية محقة: الحرب في القطاع عالقة حقاً وبشكل كبير. يمكن معرفة ذلك أيضاً من البيان اليومي الإجمالي الذي يصدره المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام كل صباح. فيه إجمال موثوق عن أحداث اليوم السابق، مع تفصيل الأحداث التي تقوم في معظمها طائرة بقتل مخربين بعد تشخيصهم من قبل القوات البرية. عدد المخربين القتلى يتراوح بشكل عام بين 10 – 20 في اليوم. إضافة إلى ذلك، يُبلّغ عن تدمير أنفاق واكتشاف مواقع لإنتاج السلاح وتدمير أسلحة.
هذه بشكل ما هي إنجازات القتال الآن، ويصعب اعتبارها انتصاراً. بقي الجيش الإسرائيلي ثابتاً جداً في معظمه. نشاطات الفرقة 162 في شمال القطاع أقل، وتركز على اقتحام أهداف محددة إلى جانب المكوث على مداخل المناطق المأهولة. الصور التي نشرت في نهاية الأسبوع للفلسطينيين الذين يملأون السوق في مخيم جباليا، تدل على الواقع. في الأماكن التي يتقطع فيها وجود الجيش الإسرائيلي، يحاول السكان الذين اختبأوا العودة إلى روتين حياتهم، وهناك حتى محاولة (قليلة حتى الآن) لحماس من أجل إعادة معالم الحكم.
الوجود العسكري أكثر كثافة في منطقة وادي غزة، حيث تقوم الفرقة 99 بتقسيم القطاع إلى قسمين: مخيمات اللاجئين وسط القطاع، حيث تعمل فيها الفرقة 36؛ وفي خانيونس حيث تستمر العملية الواسعة للفرقة 98 من أجل العثور على منظومة الأنفاق حماس الاستراتيجية. ولكن التقدم في كل هذه القطاعات بطيء، ومن غير المتوقع تغيير وجه المعركة في القريب. حتى تتجنب إسرائيل اتخاذ قرار بشأن عملية في رفح، رغم الخوف من ارتباط حماس مع أنبوب الأوكسجين خاصتها وعودتها لإعادة بناء قوتها العسكرية في ظل غض النظر المصري.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

aziz

بلا عنوان

مؤسف مقال يبدو و كأن نتنياهو من ساغ فقراته.