أخبار عاجلة

انحياز ماكرون إلى إسرائيل يشعل الجدل في الساحة السياسية بفرنسا

أثار مقترح الرئيس إيمانويل ماكرون بتمكين التحالف الدولي المنتشر حاليا في العراق وسوريا لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، من محاربة حركة حماس، انقساما في الساحة السياسية في فرنسا، فيما ذهب بعض المعارضين إلى حد وصف النهج الذي يتبعه الرئيس الفرنسي بـ"الكارثي، في وقت يشكل فيه الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية موضوعا قابلا للانفجار في البلاد التي تضم أكبر جاليتين يهودية وعربية إسلامية في أوروبا.

ولقيت الفكرة التي طرحها ماكرون خلال زيارة إلى إسرائيل الثلاثاء قبولا من اليمين التقليدي مع اعترافه بصعوبة تحقيق ذلك، بينما انتقدها اليسار واليمين المتطرف.

فقد صرح رئيس "الجمهوريين" (يمين) إريك سيوتي لإذاعة فرانس إنتر بأنه يوافق على "فكرة أوسع تحالف ممكن لتدمير حماس" التي وصفها بأنها "منظمة إرهابية مقيتة وضعت سيناريو عمليات قتل متعمدة" في السابع من الشهر الجاري في إسرائيل.

أما رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ سيدريك بيرين فقال إن تحالفا على غرار ما هو موجود ضد تنظيم الدولة الإسلامية سيكون "مبادرة جيدة"، لكنه اعترف بأنه "من الصعب تنفيذ ذلك".

في المقابل رأى النائب الاشتراكي جيروم جيدي أن اقتراح الرئيس الفرنسي هو "ضربة دبلوماسية سقطت بسرعة وتضر بكلمة فرنسا على المستوى الدولي" وعبر لراديو "فرانس إنفو" عن أسفه "لهذا النوع من المفاجآت من رئيس الدولة بنقل النظام إلى وضع لا ينطبق على ما كان عليه الأمر عندما تطورت داعش في سوريا والعراق".

بدورها وصفت نائبة رئيس الجمعية الوطنية الاشتراكية فاليري رابو النهج الدبلوماسي الذي يتبعه الرئيس الفرنسي بـ"الكارثي" وقالت أمام الجمعية العامة "عندما تتقدم باقتراح لتحالف دولي فإن أول شيء يجب فعله هو مناقشته مع الشركاء وهو لم يفعل ذلك"، مضيفة "أجد ذلك كارثيا ومن حيث الشكل لا يمكننا تقديم مقترحات بشأن تحالف دولي وعدم التحدث عنه مع شركائنا، فهذه ليست دبلوماسية جيدة".

أما رئيس حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) جوردان بارديلا فقد صرح لقناة "فرانس أنفو" أن ماكرون "أخرج إعلانا من قبعته"، مدينا "غموض" الاقتراح، متسائلا "هل يعني ذلك نشر قوات برية وقوات من الجيش الفرنسي على أراضي قطاع غزة؟"، مشيرا إلى أن عددا من الدول مثل قطر والأردن والسعودية سترفض المشاركة.

ورأى بارديلا أن هجوم حماس "أضعف الموقف التاريخي لحزبه" المؤيد لإقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل"، مؤكدا أن "الاعتراف اليوم بدولة فلسطينية يعني الاعتراف بدولة يستخدم جزء منها حاضنة للإرهاب الإسلامي وخصوصا قطاع غزة".

وآخر القضايا المثيرة للجدل زيارة رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل براون بيفيه إلى إسرائيل حيث أكدت الأحد أنه "لا شيء ينبغي أن يمنع الدولة العبرية من الدفاع عن نفسها في الحرب ضد حماس.

ورد زعيم حزب اليسار الراديكالي "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون متهما براون بيفيه "بالتخييم في تل أبيب لتشجيع المذبحة" في غزة، مما أثار احتجاجات من كل حدب وصوب.

وردا على تصريحات للوران فوكييه (الجمهوريون، يمين) رئيس منطقة أوفيرن - رون - ألب الذي تحدث عن "تعاون بعد ثمانين عاما"، قال رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف) يوناثان عرفي إن هذه التصريحات أشبه "باعتبار اليهود حزبا للخارج والحرب".

ويرفض جان لوك ميلانشون أي اتهام بمعاداة السامية، معتبرا ذلك أشبه بفرض "رقابة على الكلام" كما يعارض حزبه أساسا اعتبار حماس منظمة "إرهابية" بعد الهجمات التي شنتها على إسرائيل.

ويرى جان غاريغ أستاذ التاريخ السياسي في جامعة أورليان أن الخلافات الحالية "تكشف إلى أي مدى يمكن اشتعال الجدل في فرنسا. وحتى بين الخبراء هناك الكثير من المواقف المنحازة ومن الصعب جدا الحفاظ على حياد موضوعي".

وهو يذكّر بأهمية مسألة "الندم" ويتعلق الأمر ببعض أنصار القضية الفلسطينية المرتبطة جزئيًا باستعمار المغرب العربي الذي جاء منه جزء كبير من السكان المسلمين في فرنسا.

ويقول مارك هيكر الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن "صدى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في فرنسا يتجاوز إلى حد كبير الانتماء المجتمعي"، مشددًا على أن "حالات التعبئة أطلقتها تاريخيًا جهات فاعلة متنوعة جدا".

وفي صفوف المؤيدين للفلسطينيين، جاء إطلاق التعبئة من التضامن "العربي" إلى الديغوليين الحريصين على التقرب من العالم العربي بعد حرب الجزائر، بما في ذلك الشبكات الكاثوليكية اليسارية واليسار المتطرف المناهض للإمبريالية.

وقال هيكر إن النزاع في الشرق الأوسط يبقى في فرنسا، على المستوى الدولي "الموضوع الوحيد الكفيل بإنزال عشرات الآلاف من الأشخاص في الشوارع"، خلافا للحرب في أوكرانيا مثلا.

وتجمع آلاف الأشخاص في جميع أنحاء فرنسا في نهاية الأسبوع الماضي دعما للشعب الفلسطيني بينما قتل أكثر من خمسة آلاف فلسطيني معظمهم من المدنيين، منذ بدء القصف المتواصل الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات