أخبار عاجلة

المهبول تبون يقمع الحريات في الجزائر وفي نفس الوقت يتباهى بالإعلام كأداة تغيير

 رسم الرئيس الجزئري عبدالمجيد تبون في أحدث تصريحات له صورة وردية لبلاده عدّد خلالها ما اعتبرها إنجازات وكيف أن صوتها أصبح مسموعا دوليا وإقليميا، متحدثا في الوقت ذاته عن وضع الإعلام كـ"أداة قوية لإرساء الديمقراطية ومجابهة المحاولات التي تستهدف الجزائر"، داعيا الإعلاميين الجزائريين إلى "فرض أنفسهم" والتفطن لمحاولات الاستغلال المدبرة من خارج الوطن، بينما تبدو تصريحاته مناقضة تماما للواقع على الأرض مع حملة قمع واسعة للحريات واستهداف ممهنج بالاعتقالات والمحاكمات لصحفيين ونشطاء معارضين.  

وكان تبون قد أكد خلال لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام الجزائرية يوم الجمعة سعيه إلى بناء "ديمقراطية حقة"، معتبرا أن الإصلاحات التي تمت مباشرتها في السنوات الأخيرة مكنت الجزائر من "استعادة مكانتها التي سيتم تعزيزها إلى أبعد حد"، مضيفا أن "الجزائر حاليا يأخذ برأيها وأصبح صوتها مسموعا دوليا وإقليميا".

وقال إن الجزائر تمكنت في السنوات الأخيرة من استرجاع المكانة التي تستحقها وأصبح صوتها مسموعا دوليا وإقليميا رغم محاولات استهدافها، مشددا على أن البناء الحقيقي للجمهورية الجزائرية بدأ فعلا وأن الشعب اليوم هو السيد، داعيا الجزائريين إلى "الإيمان بقدرات بلادهم".

وحذر من "أوساط تستهدف الجزائر وترفض أن تعلو كلمة الحق ونصرة المستضعفين"، مشيرا إلى أن الجزائر "لا تقبل ما يحدث في العالم حاليا"، كما ترفض "أجندات" لم تشارك فيها.

وأضاف "نحن بالمرصاد لكل محاولات استهداف البلاد"، موضحا أن الأطراف التي تريد استهداف الجزائر تحاول ذلك "من الداخل" من خلال استغلال بعض الجزائريين الذين "باعوا وطنهم وولاؤهم هو للسفارات الأجنبية" نظرا إلى صعوبة استهداف الجزائر من الخارج لأنها قوية وتملك مقومات تحمل الأزمات.

وادعى أن الجزائر "مستهدفة لأنها لا تقبل الانبطاح والمواطن الجزائري يفتخر بدولته التي تسير برأسها مرفوعا بين الأمم".

وأكد تبون مرارا أنه بصدد إرساء "الجزائر الجديدة" متعهدا بتعزيز الحريات والقطع مع النظام السابق، فيما يرى مراقبون أن البلاد تتجه بنسق متسارع إلى الاستبداد وخنق حرية التعبير في خضم محاكمة العديد من الصحافيين بتهم مختلفة من بينها ما يتعلق بالمساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها.

لكن في الوقت ذاته وعلى خلاف ما جاء في لقائه الدوري بالإعلاميين، تشهد الجزائر حملات قمع لحرية التعبير ولنشطاء الحراك الشعبي تستهدف الصحافيين لتؤكد أن الواقع مناقض تماما للخطاب الرسمي، لتبقى الوعود مجرد شعارات.

وعرّت قضية الناشطة أميرة بوراوي حقيقة ما يحدث من قمع وسلطت الضوء على حالة من التشنج السياسي في التعاطي مع حرية التعبير والمواقف المنتقدة لأداء النظام الجزائري ولسياساته، بينما تشكل جزءا فقط من مشهد القمع والتنكيل بالمعارضين، في الوقت الذي سبقتها انتهاكات واسعة أخرى.

ويقبع المئات من نشطاء الحراك والإعلاميين في السجون ولئن صدر بحق بعضهم أحكام فإن البعض الآخر معتقل دون تهم واضحة، فيما يفرض النظام حصارا مشددا على معارضيه من المدافعين عن حقوق الإنسان.

وتعدّ محاكمة الصحافي الجزائري إحسان القاضي مدير إذاعة "راديو أم" وموقع "مغرب ايمارجون" الإخباري التي حدد موعدها ليوم 12 مارس/آذار أحد فصول ملاحقة النظام الجزائري للأصوات المعارضة، إذ تم إيقافه على خلفية مقال نشره في العام 2021 على موقع "راديو أم" دافع فيه عن حق "حركة رشاد" الإسلامية المحظورة في المشاركة في الحراك الشعبي للمطالبة بالديمقراطية.

كما أوقفت السلطات الجزائرية مؤخرا الصحافي مصطفى بن جامع رئيس تحرير صحيفة "لوبروفنسيال" التي تتخذ مقرا في مدينة عنابة (شمال شرق) على مقربة من الحدود مع تونس في القضية المتعلقة بهروب الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي.

وسبق أن خضع بن جامع للرقابة القضائية بسبب تهم وجهتها له السلطات الجزائرية على خلفيه آرائه السياسية وتم منعه من السفر بسبب نشاطه في الحراك الشعبي والتزامه بالقضايا الاجتماعية، ليمثل بذلك صوتا مقلقا للنظام. 

كما يستثمر تبون الاضطرابات الجيوسياسية الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا، مستغلا أزمة الطاقة وحاجة الشركاء الأوروبيين للغاز، مستخدما ورقة الغاز للمساومة وإخماد الانتقادات المتعلقة بملف حقوق الإنسان، لكنها قد لا تدوم طويلا في ظل وضع سياسي واجتماعي هش.

ووجهت عشرات من المنظمات الجزائرية والدولية في وقت سابق رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أشارت من خلالها إلى ارتفاع وتيرة القمع والتجريم المتزايد لحريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات بالجزائر.

وبدأت ملامح "المرحلة الجديدة" التي وعد بها تبون تتكشف، بينما وصفت تقارير دولية الوضع المتعلق بالحريات وحقوق الإنسان في البلاد بـ"القاتم"، لافتة إلى أن الجزائر انزلقت نحو الاستبداد.

وتتجاهل السلطات الجزائرية كافة الانتقادات في هذا الشأن وتدافع عن النظام عبر الترويج لراوية مفادها أن الجزائر مستهدفة من الخارج متهمة أطرافا داخلية بخدمة أجندا أجنبية تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد والنيل من مصالحها.  

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات