عبّر كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما من قيام الرئيس قيس سعيد بالاستحواذ على هيئة الانتخابات، معتبرين أن ذلك يؤثر سلباً في مصداقية أي عملية انتخابية مقبلة.
وقال نيد برايس، المتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية: “يساور الولايات المتّحدة قلق عميق حيال قرار الرئيس التونسي بإعادة هيكلة أحادية الجانب للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بتونس”.
وأضاف، في بيان نشرته السفارة الأمريكية في تونس، الأربعاء: “إنّ وجود هيئة انتخابات مستقلّة بحقّ أمر بالغ الأهمّية نظراً للدور المنوط بها دستورياً في تنظيم الاستفتاء والانتخابات البرلمانية القادمة في تونس”.
وتابع بالقول: “لم تنفكّ الولايات المتّحدة تبلّغ المسؤولين التونسيين بأهمّية الحفاظ على استقلال المؤسّسات الديمقراطية الرئيسة وضمان عودة تونس إلى نظام الحكم الديمقراطي. تظلّ الولايات المتّحدة ملتزمة بدعم الشعب التونسي في مساره الديمقراطي ونجدّد دعوتنا لإطلاق عمليّة إصلاح سياسي واقتصادي شفّافة تشمل الجميع يشارك فيها المجتمع المدني والنقابات العمّالية والأحزاب السياسية”.
فيما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن مرسوم سعيد الجديد “يخاطر بتقليص استقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في لحظة سياسية مهمة وقبل فترة وجيزة من الأحداث الانتخابية الرئيسية في تونس”.
وقال إن استقلال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هو “عنصر حاسم في ضمان مصداقية العملية الانتخابية التي تهدف إلى العودة إلى الحالة الطبيعية المؤسسية في البلاد. وسنتابع بأكبر قدر من الاهتمام تعيينات أعضائها المستقبليين حتى يظلوا ضماناً للحفاظ على استقلاليتها وقدرتها على تنفيذ ولايتها بشفافية كاملة”.
كما ذكّر الاتحاد الأوروبي بـ”أهمية تنفيذ أي إصلاح وكذلك الجدول الزمني الانتخابي على أساس حوار شامل بين جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين من أجل ضمان استقرار تونس وازدهارها”.
وكان الرئيس قيس سعيّد أصدر أخيراً مرسوماً يمنحه صلاحية تعيين أعضاء هيئة الانتخابات، وهو ما دفع المعارضة للتحذير من تزوير الانتخابات.
وطالب ائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات، بإحداث هيئة وطنية لاستطلاعات الرأي وسن قانون لتنظيم قطاع سبر الآراء.
وأكد عضو المكتب التنفيذي للائتلاف عليّ السدراوي، في ندوة صحافية في العاصمة، أن هناك فراغاً تشريعياً، وقطاع سبر الآراء يشكو عدة نقائص، مشيراً إلى أنه “تم تقديم بعض المقترحات في السنوات الماضية لكنها بقيت مجرد مشارع في الرفوف”.
كما عبر عن رفضه للمرسوم الرئاسي المتعلق بتنقيح القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، واعتبر أن الإبقاء على الهيئة بتركيبتها الحالية أفضل من تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء جدد.
فيما قدم الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي ما اعتبر أنه “وصفة” لإنقاذ تونس، تتلخص بعزل الرئيس الحالي قيس سعيد ومحاكمته وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكّرة.
وكتب على صفحته في موقع فيسبوك تحت عنوان “وصفة الإنقاذ”: “العزل والمحاكمة، واستئناف نشاط كل المؤسسات المنحلة، وترتيب المرحلة الانتقالية وفق الدستور، وتغيير القانون الانتخابي، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تشرف عليها الهيئة المستقل، وتكوين حكومة وحدة وطنية لها ثلاث أولويات: الاقتصاد والاقتصاد ثم الاقتصاد، كل هذا طبعاً تحت راية دستور الثورة المجيدة. وإلا فإنه مواصلة تضييع الجهد والوقت، وتونس تغرق”.
وقبل أيام، اعتبر المرزوقي أن سعيّد فقد شرعيته للمرة الثانية، وتوقع لجوءه إلى تزوير الانتخابات المقبلة بعد استحواذه على هيئة الانتخابات.
وطالبت منظمات محلية ودولية بعدم المساس بالمرسوم 88 المتعلق بتنظيم جمعيات المجتمع المدني في البلاد، معبرين أن مشروع تعديل هذا المرسوم الذي اقترحته الحكومة أخيراً “غير سليم بوصفه معادياً ومعرقلاً لعمل الجمعيات”.
وقال مدير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية أمين الغالي، إن مضمون المشروع الحكومي لتعديل المرسوم 88 سيؤدي إلى الحد من حرية الجمعيات ومجال تدخلها وآليات عملها، مضيفاً: “عوّض نظام التصريح عند تكوين الجمعيات بنظام الترخيص، وهو ما يجعل الجمعيات ملزمة بالحصول على ترخيص قبل أن يتم تكوينها، وفي ذلك انتكاسة كبيرة في حرية عمل الجمعيات”.
وأضاف، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة: “مشروع هذا التعديل يعطي سلطة تقديرية كبيرة جداً للإدارة التي أصبح لديها الحق في التدخل في عمل المجتمع المدني، بما في ذلك حل الجمعيات دون إذن قضائي، ليلغي بذلك الضمانة التي جاء بها المرسوم عدد 88 الذي يخول للقضاء وحده تعليق نشاط جمعية ما أو حلها”.
فيما اعتبرت القاضية الإدارية أنوار المنصري، أن “مراقبة الجمعيات التي تحيد عن مسارها ومعاقبتها واجب وأمر حتمي، لكنه لا يستوجب بالضرورة تعديل المراسيم بقدر ما يستوجب تفعيل القوانين الموجودة بطريقة فعالة”.
وأشارت إلى وجود “محاولات لتنقيح المرسوم 88 والمساس به تحت ذريعة التصدي للجمعيات الناشطة في مجال الإرهاب وتمويل الأحزاب، في حين أن المنظومة القانونية والردعية تضمن مكافحة هذه التجاوزات، ومن الأجدى العمل على حسن تطبيق المرسوم 88 وإنفاذه بدلاً من تعديله”.
وحذرت المنصري من “تداعيات المساس بحرية تكوين الجمعيات، الذي سيؤدي آلياً إلى الحد من مساهمتها في مجالات الاقتصاد والتنمية والتكافل الاجتماعي وواجباتها الجبائية تجاه الدولة”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات