شكلت الذكرى 66 للاستقلال عن فرنسا مناسبة للتحذير من مصير الديمقراطية الوليدة في تونس، حيث طالب آلاف التونسيين برحيل “الانقلاب” و”دولة البوليس”، فيما دعا المجتمع الدولي لتشكيل حكومة ديمقراطية، في وقت حذرت فيه بعض الأطراف من تواصل “التبعية الغذائية” للخارج.
وتظاهر آلاف التونسيين، الأحد، في مسيرة نظّمها حراك “مواطنون ضد الانقلاب” بمشاركة عدد من الأطراف السياسية، وامتدت من ساحة “باب سعدون” في العاصمة إلى ساحة “باردو” أمام مقر البرلمان، مرددين عبارات تطالب برحيل “الانقلاب” و”دولة البوليس” واستقلالية القضاء وعودة المسار الديمقراطي وغيرها، كما عبّر المشاركون أيضا عن رفضهم لـ”الاستشارة الإلكترونية” التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد.
وخلال مشاركتها في الاحتجاجات، وجّهت سميرة الشواشي نائبة رئيس البرلمان انتقادات لاذعة لرئيسة الحكومة نجلاء بودن، التي وصفتها بـ”المنقلبة” وتوعدت بـ”محاسبتها” أمام الشعب، بسبب “إهدار المال العام على الاستشارة الوطنية التي أطلقها الرئيس قيس سعيد”، مشيرة إلى أن القوى الديمقراطية في تونس لن تقبل بنتائج ما سمتها “استشارة الاحتيال”.
ودعا الحبيب بو عجيلة، القيادي في حراك “مواطنون ضد الانقلاب”، اتحاد الشغل للانضمام إلى معارضي الرئيس قيس سعيد، كما دعا سعيد لـ”الرحيل” بعدما أصبح يمثل “مأزقا للدولة والثورة، من خلال محاولته تفريق الشعب ودفعه إلى الاحتراب مع شيطنة جميع القوى السياسية”.
وقال منسق الحراك، جوهر بن مبارك، إنه “حان الوقت ليُغلِق الانقلاب قوسه بنفسه وأن يذهب إلى طاولة حوار وطني نستطيع من خلاله أن ننقذ وضعية هذا الانهيار الذي يؤذن بخراب البلاد”.
وأضاف “هذه المرحلة فارقة في تاريخ تونس ويجب أن تقف الطبقة السياسية المناضلة من أجل الديمقراطية صفا واحدا لإسقاط وإغلاق هذا القوس. ونزلنا مرة أخرى إلى الشارع لنقول إن البلاد وصلت إلى مأزق اقتصادي وسياسي كبير لم يعد يحتمل هذه السياقات الاستثنائية الانقلابية”.
فيما استغل اتحاد الفلاحة والصيد البحري المناسبة في الدعوة إلى “قطع حبل التبعية إلى الخارج في تأمين غذائنا بالعمل على تحقيق سيادتنا الغذائية التي تشكل دعامة أساسية للاستقلال الحقيقي، خاصة أمام التداعيات الجسيمة والخطيرة التي ما انفكت تخلفها الحروب والنزاعات الدولية والكوارث الطبيعية. ويدعو بالمناسبة إلى ضرورة إرساء منوال تنموي عادل وشامل يحظى فيه قطاع الفلاحة والصيد البحري بالأولوية المطلقة تشريعا واستثمارا ودعما. فلا استقلال حقيقيا ومكتملا لشعب يأكل من وراء البحار”.
من جانب آخر، دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى تشكيل حكومة ديمقراطية تستجيب لمطالب التونسيين وتحمي حقوق الإنسان.
وقال، في بيان نشرته السفارة الأمريكية في تونس يوم الأحد “بالنيابة عن حكومة الولايات المتّحدة الأمريكية، أودّ أن أهنّئ الشعب التونسي بمناسبة الذكرى 66 لاستقلال وطنهم والذكرى الحادية عشرة للثورة التونسية. ما يجمع بين بلدينا من روابط إنّما تستند على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، قيم نتقاسمها ونرى فيها دعائم لمجتمع حرّ، فضلا عن الروابط الاقتصادية والثقافية العريقة القائمة بيننا”.
وأضاف بلينكن “نستحضر هنا الدور التاريخي للمجتمع المدني التونسي الذي نال جائزة نوبل للسلام لعام 2015 بفضل إسهامه في بناء ديمقراطية تعدّدية، ما يدل على الطابع الحقيقي للشعب التونسي. تدعم الولايات المتّحدة تطلّعات الشعب التونسي إلى حكومة ديمقراطية فعّالة تستجيب لحاجاته وتحمي حقوق الإنسان العالمية وتبسط الأمن وتنمّي الفرص الاقتصادية”.
وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتيانماير “نكن عميق الاحترام للمؤسسات الديمقراطية والحقوق المكتسبة من قبل التونسيين، وهي تبقى الأساس الذي لا غنى عنه من أجل الوفاء بالمسؤولية تجاه شؤون جميع الناس وتطلعهم للحرية والعيش بكرامة في بلدهم”.
وأضاف في رسالة تهنئة نشرتها السفارة الألمانية في تونس “يتطلع كل من التونسيين والتونسيات منذ الاستقلال إلى الحرية والعيش بكرامة وقد تابع مواطنونا ثورة عام 2011 بتعاطف كبير ودعموا تونس بشكل نشيط على دربها نحو الديمقراطية وهكذا استطعنا أن نكثف علاقاتنا الثنائية على أصعدة كثيرة في العقد الأخير”.
وتابع بالقول “لا بد من ضمان مشاركة جميع التونسيات والتونسيين على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي”، مشيرا إلى أن “تحقيق الإصلاحات الضرورية يتطلب عزما وروحا من التعاون بين المسؤولين بغية العمل لصالح البلد بعيدا عن المصالح المؤسساتية والسياسية الحزبية”.
وكانت الولايات المتحدة وألمانيا ودول غربية أخرى عبّرت في مناسبات عدة عن رفضها لتدابير الرئيس قيس سعيد، ودعت لعودة المؤسسات الدستورية المنتخبة للعمل، فضلا عن احترام حقوق الإنسان مع تزايد حملة الاعتقالات ضد عدد من السياسيين والحقوقيين والإعلاميين في البلاد
تعليقات الزوار
لا تعليقات