كشفت صحف أمريكية أن اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ظهر في ملفات وزارة العدل الأمريكية عن منتهك القاصرات جيفري إبيستين.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” و “نيويورك تايمز” ومراسلات إعلامية أخرى إن النائبة العامة بام بوندي أخبرته بأن اسمه في الملفات بشهر أيار/مايو.
ويواجه الرئيس الأمريكي أزمة جديدة بسبب الكشوفات الجديدة وضغوط قاعدته الانتخابية عليه للإفراج عن الملفات المتعلقة بإبستين، وفي ضوء الطلبات القانونية المقدمة من الكونغرس لصديقة وشريكة المجرم السابق غيسلين ماكسويل لتقديم شهادة أمام المشرعين.
ونفى المتحدث باسم الرئيس الأمريكي ما ورد في صحيفة “وول ستريت جورنال”، يوم الأربعاء، من أن النائبة العامة بوندي أخبرته بأن اسمه وارد في الملفات سيئة السمعة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بارزين في الإدارة قولهم إن ترامب أخبر بظهور أسماء شخصيات بارزة في وثيقة، وأن الرئيس لا يخطط للإفراج عن ملفات جديدة متعلقة بالتحقيق.
وسعى البيت الأبيض إلى التقليل من شأن العلاقة بين ترامب وإبستين. وصرح مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، في بيان عبر البريد الإلكتروني: “الحقيقة هي أن الرئيس طرده من ناديه لكونه شخصًا بغيضًا، وهذه ليست سوى استمرار للأخبار الكاذبة التي اختلقها الديمقراطيون ووسائل الإعلام الليبرالية”.
وكان ترامب قد قدم دعوى تشهير ضد “وول ستريت جورنال” التي يملكها حليفه السابق روبرت ميردوخ مطالبًا إياها بدفع 10 ملايين دولار، وذلك بعد نشر الصحيفة تقريرًا قالت فيه إن ترامب أرسل للمجرم الذي قتل نفسه في السجن عام 2019 رسالة في عام 2003 يهنئه بعيد ميلاده احتوت على رسم لامرأة عارية وكلمات فاضحة.
ونفى الرئيس كتابة الرسالة، وقرر مقاضاة الصحيفة. ومنع البيت الأبيض مراسلًا للصحيفة من مرافقة الوفود الصحافية على متن الطائرة الرئاسية في رحلة قادمة للرئيس إلى اسكتلندا.
وكانت وزارة العدل قد توصلت، في وقت سابق من هذا الشهر، إلى عدم وجود أساس لمواصلة التحقيق في قضية إبستين، ما أثار ردة فعل عنيفة بين قاعدة مؤيدي ترامب بشأن ما اعتبروه منذ فترة طويلة سترًا على جرائم إبستين واتصالات رفيعة المستوى. كما أثار ذلك تكهنات حول صداقة ترامب التي استمرت 15 عامًا مع إبستين. وفي حزيران/يونيو، غرد إيلون ماسك، الملياردير الصديق الذي تحول إلى عدو للرئيس، بأن ترامب “موجود في ملفات إبستين”.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الأربعاء: “عندما راجع مسؤولو وزارة العدل ما وصفته المدعية العامة بام بوندي بـ”حمولة شاحنة” من الوثائق المتعلقة بجيفري إبستين، في وقت سابق من هذا العام، اكتشفوا أن اسم دونالد ترامب ظهر عدة مرات”.
وقالت بوندي ونائبها، تود بلانش، في بيان: “لا يوجد في الملفات ما يستدعي مزيدًا من التحقيق أو الملاحقة القضائية وقد قدمنا طلبًا إلى المحكمة للكشف عن محاضر هيئة المحلفين الكبرى الأساسية. وكجزء من إحاطتنا الدورية، أبلغنا الرئيس بالنتائج”.
وجاء ذلك بعد وقت قصير من رفض قاضٍ فدرالي في جنوب فلوريدا طلبًا من وزارة العدل للكشف عن محاضر هيئة المحلفين الكبرى المتعلقة بإبستين، وهو الحكم الأول في سلسلة محاولات من جانب إدارة ترامب للكشف عن مزيد من المعلومات حول القضية.
وبناءً على وثائق المحكمة، نبع الطلب من التحقيقات الفيدرالية في قضية إبستين عامي 2005 و2007. وقد وجد قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية، روبن روزنبرغ، أن طلب وزارة العدل في فلوريدا لا يندرج ضمن أي استثناءات للقواعد التي تشترط إبقاء مواد هيئة المحلفين الكبرى سرية. ولدى وزارة العدل طلبات معلقة للكشف عن محاضر في محكمة فدرالية في مانهاتن تتعلق بلوائح اتهام لاحقة وجهت ضد إبستين وشريكته السابقة ماكسويل. وفي عام 2008، أبرم إبستين صفقة مع المدعين الفدراليين في فلوريدا سمحت بإلغاء اتهامات فدرالية أكثر شدة، وبدلاً من ذلك أقر بالذنب في اتهامات الولاية المتعلقة بتجنيد شخص يقل عمره عن 18 عامًا للدعارة والتحريض عليها.
واعتقل الممول الثري لاحقًا في عام 2019 بتهم تجارة الجنس، واتهمت شريكته السابقة ماكسويل بمساعدته في تجنيد الفتيات القاصرات.
وبعد شهر من اعتقاله، عثر على إبستين ميتًا في زنزانته بسجن فدرالي في نيويورك، وقد توصل المحققون من أن تاجر الجنس قتل نفسه. وتمت إدانة ماكسويل بالسجن لمدة 20 عامًا.
وطلبت وزارة العدل من محامي ماكسويل لجس نبض رغبتها في التحدث مع المدعين العامين، وصرح بلانش، يوم الثلاثاء، بأنه يتوقع مقابلتها خلال الأيام المقبلة. كما يضغط الديمقراطيون ونحو 12 جمهوريًا في مجلس النواب للحصول على إجابات.
وفي يوم الأربعاء، صوتت لجنة الرقابة في مجلس النواب بأغلبية 8 أصوات مقابل صوتين على استدعاء وزارة العدل للإفصاح عن ملفات متعلقة بإبستين، وانضم ثلاثة جمهوريين إلى جميع الديمقراطيين. كما استدعت اللجنة ماكسويل للإدلاء بشهادتها في المؤسسة الإصلاحية الفدرالية في تالاهاسي، فلوريدا، في 11 آب/أغسطس. وكتب رئيس اللجنة، جيمس كومر، في خطاب استدعاء إلى ماكسويل: “بينما تبذل وزارة العدل جهودًا للكشف عن معلومات إضافية تتعلق بقضيتك وقضية السيد إبستين والإفصاح عنها علنًا، من الضروري أن يشرف الكونغرس على إنفاذ الحكومة الفدرالية لقوانين الاتجار بالجنس بشكل عام، وعلى تعاملها تحديدًا مع التحقيق والملاحقة القضائية لك وللسيد إبستين”. و “وعلى وجه الخصوص، تسعى اللجنة إلى الحصول على شهادتك لتنوير دراسة الحلول التشريعية المحتملة لتحسين الجهود الفدرالية لمكافحة الاتجار بالجنس وإصلاح استخدام اتفاقيات عدم الملاحقة القضائية و/أو اتفاقيات الإقرار بالذنب في تحقيقات الجرائم الجنسية”.
وفي تقريرها قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن إخبار الرئيس كان في إحاطة روتينية، تطرقت لعدة مواضيع لم يكن فيها ظهور اسم الرئيس في الملفات مركز الحديث.
وأخبروا الرئيس أن الملفات احتوت على أقاويل غير مؤكدة عن عدة أشخاص، بمن فيهم ترامب، ممن تواصلوا مع إبستين سابقًا، وفقًا لبعض المسؤولين. وقال أحد المسؤولين المطلعين على الوثائق إنها تحتوي على مئات الأسماء الأخرى. كما أخبروا ترامب أن كبار مسؤولي وزارة العدل لا يعتزمون إصدار أي وثائق أخرى تتعلق بالتحقيق مع المدان بجرائم جنسية، نظرًا لاحتوائها على مواد إباحية للأطفال ومعلومات شخصية عن الضحايا، وفقًا للمسؤولين. وقال ترامب في الاجتماع إنه سيحيل القرار لوزارة العدل بشأن إصدار أو عدم إصدار أي ملفات أخرى. وقد مهدت الإحاطة والاجتماع على مستوى عال مع الرئيس الطريق لاختتام المراجعة رفيعة المستوى.
وكانت بوندي قد قالت، في شباط/فبراير، إن قائمة عملاء إبستين “على مكتبي الآن للمراجعة”. وقال ترامب، الأسبوع الماضي، ردًا على سؤال أحد الصحافيين، إن بوندي لم تخبره بوجود اسمه في الملفات. ولم تعلن الإدارة عن القرار علنًا إلا بعد أسابيع في 7 تموز/يوليو، عندما نشرت وزارة العدل مذكرة على موقعها الإلكتروني بيانًا شرحت فيه دواعي عدم نشر ملفات جديدة. وفي بيان لـ “وول ستريت جورنال” يوم الجمعة، قالت بوندي ونائبها بلانش، إنه لا يوجد في الملفات ما يستدعي مزيدًا من التحقيق أو الملاحقة القضائية. وقالا: “في إطار إحاطتنا الدورية، أطلعنا الرئيس على النتائج”.
وقد قال كل من ترامب وإبستين، قبل سنوات، إن علاقاتهما قد تدهورت، وأكد مدير الاتصالات في البيت الأبيض تشيونغ بأن ترامب طرد تاجر الجنس من ناديه لكونه رجلًا غريب الأطوار. وقال ترامب إن علاقاتهما قد انتهت قبل إدانة تاجر الجنس بتهم الدعارة عام 2006. كما وأخبر مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) كاش باتيل في محادثات خاصة مع مسؤولين بأن اسم ترامب ورد في الملفات، وذلك وفقًا لأشخاص مقربين من الإدارة. ورفض باتيل الرد على سؤال من صحيفة “وول ستريت جورنال” حول قضية إبستين، لكنه قال، في بيان، إن المذكرة المنشورة على موقع وزارة العدل، والتي تشرح سبب عدم نشر الوزارة المزيد من وثائق إبستين “تتوافق مع المراجعة الشاملة التي أجراها أف بي آي ووزارة العدل”.
وكان ترامب وعدد من المسؤولين في حملته الانتخابية 2024، قد لمحوا إلى إمكانية نشر الملفات. وزعم الداعمون للخطوة بمن فيهم مسؤولين حاليين في الإدارة من أن الإفراج عن الملفات ستكشف عن النخبة العالمية والديمقراطيين المؤثرين الذين قضوا أوقاتًا مع الممول. وقد أثار قرار عدم نشر الملفات، وما نتج عنه من تداعيات قاسية بين أنصار ترامب، غضب بعض كبار موظفي ترامب، الذين رهنوا سمعتهم بالكشف عن العلاقات بين إبستين والنخب الثرية. وأفاد أشخاص مطلعون على جهود باتيل، مدير أف بي آي، ونائبه دان بونغينو، بأنهما كانا يؤيدان نشر المزيد من الوثائق. وأخبر بونغينو زملاءه أن ارتباطه بقرار الإدارة إبقاء الملفات سرية قد أضعف مصداقيته بين قاعدة الدعم التي غذت صعوده كمؤثر ناجح على بودكاست وشخصية إعلامية في معسكر اليمين، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة. ولم يستجب بونغينو لطلبات التعليق.
وعلقت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير مماثل، قائلة إنه ليس من الواضح مدى أهمية الإشارات إلى ترامب. لكن الإحاطة تلقي الضوء على المناقشات الخاصة في الجناح الغربي في البيت الأبيض، في وقت يحاول فيه فريق الرئيس يائسا المضي قدماً وقمع التمرد بين مؤيدي ترامب الذين يشعرون أنه، وبعض كبار المعينين لديه، قد ضللوهم بمزاعم الحملة بأنهم سيجعلون الملفات متاحة.
وكان أكبر اثنين من المعينين من قبل ترامب في مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) من بين أولئك الذين أصروا، قبل توليهم مناصبهم الحكومية، على أن هناك المزيد لاكتشافه في الملفات.
وفي وقت سابق من هذا العام، قالت بوندي بأن الملفات هي مادة مهمة يجب التعامل معها. وظهر ترامب بالفعل في وثائق متعلقة بالتحقيق تم الكشف عنها.
وكان صديقًا لإبستين حتى حدث ما وصفه ترامب بالخلاف في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي البيت الأبيض، في شباط/فبراير، وزعت بوندي سلسلة من الملفات المتعلقة بملفات إبستين، تضمنت، من بين أمور أخرى، أرقام هواتف بعض أفراد عائلة الرئيس، بمن فيهم ابنته. وتقول “نيويورك تايمز” إن ورود اسم الرئيس في الملفات التي راجعتها وزارة العدل وأف بي آي أثار بعض القلق لدى المسؤولين الذين واجهوا صعوبة إخبار رئيس معروف بتوبيخه لمستشاريه حتى بشأن قضايا بسيطة ظاهريًا. وقال أحد الأشخاص المقربين من ترامب، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته إن مسؤولي البيت الأبيض لم يكونوا قلقين بشأن أحدث الكشوف، نظرًا لظهور اسم ترامب في الجولة الأولى من المعلومات التي أصدرتها بوندي.
وقال ترامب في عام 2019، خلال رئاسته الأولى، عندما اتهم إبستين بالاتجار بالجنس، إنه “ليس من المعجبين” به. ومع ذلك، كان الرجلان صديقين لسنوات عديدة، وجزءًا من دوائر نفوذ متداخلة في مدينة نيويورك. ويبدو أنهما أصبحا صديقين في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وظلّا كذلك حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي عام 2002، أخبر ترامب لمجلة نيويورك بأن إبيستين “رجل رائع”، وأضاف: “يقال إنه يحب النساء الجميلات بقدر ما أُحبهن، وكثيرات منهن من الفئة العمرية الأصغر سناً”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات