أطلقت سلطات مدينة مرسيليا الفرنسية، اسم الرسامة الجزائرية الراحلة باية محي الدين على مدرسة جديدة في الدائرة الحادية عشرة من المدينة، في خطوة وُصفت بأنها بادرة صداقة جديدة تجاه الجزائر في ظل علاقات متوترة بين البلدين.
وقد حضرت حفل التدشين فيرجيني أفيروس، نائبة محافظ المنطقة، إلى جانب ممثلين عن السلطات المحلية وأولياء التلاميذ، حيث جرى التأكيد على أن المدرسة الجديدة "باية" تمثل فضاءً تعليميًا عصريًا يوفّر ظروفًا مثلى للتلاميذ.
وتندرج المؤسسة التربوية الجديدة تندرج ضمن المخطط الحكومي الفرنسي "مرسيليا الكبرى" والذي يهدف إلى إعادة تأهيل أو إنشاء 188 مدرسة جديدة بحلول عام 2031، وهو أحد المشاريع الهيكلية الهادفة إلى تحسين جودة التعليم في ثاني أكبر المدن الفرنسية.
وقد اختير اسم باية لتخليد إحدى أبرز الأيقونات الثقافية الجزائرية، في سياق يشهد انفتاحًا ملحوظًا من بلدية مرسيليا نحو تعزيز العلاقات مع الجزائر، رغم التوتر السياسي الذي يطبع العلاقات الثنائية بين باريس والجزائر العاصمة.
وباية محي الدين، المولودة سنة 1931 في برج الكيفان (ضاحية من ضواحي العاصمة الجزائرية)، والمتوفاة سنة 1998 بمدينة البليدة، تُعد واحدة من أهم الأسماء في الفن التشكيلي الجزائري والعالمي.
اكتُشفت موهبتها في سن مبكرة، وبدأت مسيرتها الفنية وهي لا تزال مراهقة، حيث التقطت أنظار الفنان الفرنسي أندريه مالرو والمستشرقين في باريس، الذين ساهموا في إدخالها إلى عالم الفن الأوروبي من أوسع أبوابه.
كان أول معرض لها سنة 1947 في غاليري "مايم روز" الباريسي، وقد حظي باهتمام واسع دفع بابلو بيكاسو نفسه إلى لقائها والإشادة بتجربتها.
تتميز أعمال باية بمحاكاتها لعوالم الطفولة والأنوثة والخيال الشعبي، وتغلب عليها الألوان الزاهية والأشكال العضوية المستلهمة من الزخرفة المحلية والأساطير المتوسطية.
ونجحت رغم عدم تلقيها تكوينًا أكاديميًا تقليديًا، في ترك بصمة فنية استثنائية ما تزال تُعرض في متاحف كبرى بفرنسا والجزائر والولايات المتحدة.
وتأتي هذه المبادرة من مرسيليا امتدادًا لجهود عمدة المدينة الاشتراكي بنوا بايان، الذي زار الجزائر في أيار/ماي 2024، وأعلن خلالها أن "مرسيليا والجزائر ليستا فقط مدينتين شقيقتين، بل توأمان"، في تعبير واضح عن الرغبة في تجاوز الإرث الاستعماري والعمل على بناء شراكة إنسانية وثقافية جديدة.
وفي السياق نفسه، يتواجد حاليًا النائب البرلماني الفرنسي عن المدينة، سيباستيان ديلوغو، في الجزائر، حيث بدأ زيارة رسمية في 26 حزيران/جوان الجاري، تأكيدًا على استمرار هذا المسعى نحو التهدئة والتقارب الشعبي
تعليقات الزوار
لا تعليقات