أخبار عاجلة

محكمة الدار البيضاء تدين المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث بالسجن 5 سنوات

صدرت محكمة الدار البيضاء بالجزائر العاصمة، حكمًا يقضي بإدانة الباحث في التاريخ الدكتور محمد الأمين بلغيث بالسجن النافذ لمدة خمس سنوات، في القضية المتعلقة بتصريحاته التي تشكك في الأمازيغية على قناة إماراتية.

وكانت نيابة الجمهورية قد التمست، خلال المحاكمة التي جرت قبل نحو أسبوع، تسليط عقوبة مشددة مدتها 7 سنوات حبسا نافذا في حق بلغيث الذي توبع بجنحة نشر خطاب الكراهية والتمييز عن طريق تكنولوجيات الإعلام الاتصال وجنحة الترويج عمدا بأي وسيلة كانت لأخبار أو أنباء مغرضة بين الجمهور يكون من شأنها المساس بالنظام العام وجنحة المساس بسلامة وحدة الوطن.

وعقب النطق بالحكم، عبّر عضو هيئة الدفاع المحامي توفيق هيشور عن تمسكه ببراءة موكله، معتبرًا أن “مهما كان منطوق الحكم، يبقى يقيننا ثابتًا لا يتزعزع: نحن نؤمن بعدالة قضية الدكتور بلغيث، ونؤمن ببراءته كما نؤمن بأن الحق، وإن تأخر، لا يموت”.

وأضاف هيشور في تدوينة له أن “هذا الحكم – وإن كان قاسيًا – لا يُنهي المسيرة، ولا يُسقط القناعة، بل يزيدنا إصرارًا على مواصلة الدعم والوقوف الصادق إلى جانبه، كما كنا، وكما سنبقى”، مؤكدًا أن “العدالة قد تتعثر، لكنها في النهاية تنتصر”.

وشدّد المحامي على أن “الحكم قد يُقيّد الجسد، لكنه لا يُقيّد الحقيقة”، مشيرًا إلى أن فريق الدفاع سيواصل العمل القانوني بكل الوسائل الممكنة إلى حين “انفراج الغمة وإحقاق الحق”. وختم بالقول: “سنظل معك يا دكتور بلغيث، فإيماننا بعدالة قضيتك أعمق من أن تهزه الأحكام، وأقوى من أن تنال منه العثرات”.

وسبق هذه المحاكمة إسقاط القضاء الجزائري التهم الجنائية في ملف المؤرخ بلغيث الذي حوكم وهو رهن الحبس المؤقت، وهو ما فهم على أنه رغبة في تخفيف عبء هذه المحاكمة بعد الضجة الواسعة التي أثارها حبسه. وسبق هذه المحاكمة مطالبات بالإفراج عن عنه تحت قبة البرلمان من قبل عدد من النواب تحدثوا عن وطنيته وكونه ابن شهيد وباحث مؤلف في مجاله، وهي معطيات رأى النواب في أنها تشفع له في تجنيبه مصير السجن.

وكان المؤرخ محمد الأمين بلغيث، وفق ما تسرب من التحقيقات، قد صرّح أنه وقع ضحية “تلاعب مونتاج” من طرف قناة سكاي نيوز عربية، التي أجرت معه الحوار. لكنه قال إنه لا يملك أي تسجيل يؤكد صحة تصريحاته لإثبات وقوعه ضحية هذا التلاعب من قبل القناة.

وذكر وفق ما نقله موقع “النهار” المحلي، أنه “تم حذف عدة عبارات من حواره” بخصوص كلامه عن “الأمازيغية”، لغرض ما، مشيراً إلى أن الصحفية “طرحت عليه سؤالاً مفخخاً”، لكنه أجابها “بناءً واستناداً إلى دراسات تاريخية تعود لباحثين قدامى”.

أما بخصوص وصفه لبعض المهاجرين في فرنسا بـ”الحركى”، فذكر بلغيث أنه كان يقصد من كلامه “بعض المغتربين الذين كانوا ضد الوطن ومصلحته في وقت سابق”، ثم أصبحوا “يدّعون الوطنية بعد حصولهم على الإقامة بفرنسا”، نافياً أن يكون قد قصد كل المهاجرين المقيمين هناك.

وعن حيثيات هذا اللقاء الصحفي، قال بلغيث إن أحد الصحفيين اتصل به بتاريخ 5 آذار/مارس وطلب منه المشاركة في حصة تلفزيونية مسجلة على قناة “سكاي نيوز عربية” بعنوان “العلاقات الجزائرية الفرنسية”، فوافق على الدعوة، وتم إرسال سائق تابع للقناة نقله إلى مكتب الاستوديو الكائن ببئر خادم في العاصمة.

وكان القضاء الجزائري بعد الضجة الواسعة التي أثارتها تصريحاته حول “الأمازيغية”، قد تحرك مع مطلع شهر آذار/مارس باتجاه توقيف المؤرخ محمد الأمين بلغيث الحبس المؤقت، حيث تمت متابعته عن طريق فتح تحقيق قضائي ضده بجناية وجنحتين.

وكان تصريح المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، الذي قال فيه إن الأمازيغية “مشروع أيديولوجي فرنسي-صهيوني”، وإن أصل البربر يعود إلى “عرب فينيقيين”، قد أثار موجة واسعة من الاستياء وجدلا حادا في الأوساط السياسية والثقافية في الجزائر. ورأى كثيرون في هذه التصريحات مساسا مباشرا بأحد مقومات الهوية الوطنية الثلاثة، كما نص عليها الدستور الجزائري: الإسلام، والعروبة، والأمازيغية.

وجاءت تصريحات بلغيث خلال مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”، حين طُلب منه توضيح آرائه المثيرة للجدل حول الهوية الأمازيغية، وما إذا كانت تلك المواقف تمثل طمسا لهوية شعب بأكمله. وردّ بالقول: “ليست هناك ثقافة. هذا مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي بامتياز. لا وجود لشيء اسمه أمازيغية، هناك بربر، وهم عرب قدماء وفق ما يدين به كبار المؤرخين في الشرق والغرب”.

وأضاف بلغيث أن “قضية الأمازيغية تُعد، بإجماع عقلاء ليبيا والجزائر والمغرب، مشروعا سياسيا هدفه تقويض وحدة المغرب العربي، خدمةً لمشروع فرنسي يسعى إلى فرض مغرب فرنكوفوني”. وختم حديثه بالقول: “نحن نعود في أصولنا إلى الفينيقيين الكنعانيين، وهذا هو السر بيننا وبين خصومنا في الداخل والخارج”.

وفور انتشار المقطع، واجه بلغيث موجة انتقادات حادة من نشطاء وباحثين وصحافيين، وصفوا تصريحاته بأنها استفزازية وتحمل خلفيات سياسية. وطالب عدد منهم بإحالته للتحقيق بتهمة التشكيك في الثوابت الوطنية، في مقارنة مع قضية الكاتب بوعلام صنصال، الذي يقبع حاليا في السجن بعد أن نُسبت إليه تصريحات اعتُبرت مسيئة للوحدة الترابية الجزائرية.

وتحدث البعض بأن بلغيث مارس ”تحريضا عرقيا” على منصة إعلامية خليجية لها سوابق في استهداف السيادة الجزائرية، وهو ما اعتبره سلوكاً يخرج من خانة حرية التعبير إلى خانة الطعن في وحدة الأمة.

وتطورت القضية إلى حد التسبب في توتر جديد في العلاقات مع الإمارات. وهاجم التلفزيون الجزائري الرسمي، بضراوة أبو ظبي على خلفية استضافة قناة تابعة لها للمؤرخ وبث تصريحات اعتبرت أنها “استهداف خطير لثوابت الشعب الجزائري العريقة ومحاولة التشكيك في أصولها وتاريخها العميق”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات