أخبار عاجلة

تأييد الحكم على الكاتب بوعلام صنصال بـ5 سنوات سجنا نافذا

أصدر مجلس قضاء الجزائر، قرارا بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة الدار البيضاء في العاصمة الجزائرية، والقاضي بسجن الكاتب بوعلام صنصال لمدة 5 سنوات نافذة وتغريمه نحو 4 آلاف دولار. وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها الأول بتاريخ 27 مارس/آذار الماضي، في حين كانت النيابة قد التمست الأسبوع الماضي تشديد العقوبة ورفعها إلى عشر سنوات.

وقد دافع صنصال عن براءته من التهم الموجهة إليه، والتي تتعلق بـ”المساس بوحدة الوطن، وإهانة هيئة نظامية (مؤسسة الجيش)، والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، إضافة إلى حيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني”.

وعبّرت فرنسا، اليوم الثلاثاء، عن أسفها لتأييد الحكم ضد صنصال، داعية السلطات الجزائرية إلى “التصرف برأفة وبلورة حل سريع وإنساني”. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، إن “هذا القرار ليس مفهوماً وغير مبرر”، داعية إلى “إبداء الرأفة وإيجاد حل سريع وإنساني وكريم لوضع مواطننا، مع مراعاة صحته واعتباراته الإنسانية”، معربة عن أملها في أن “يُطلق سراحه ويتلقى العلاج”.

كما أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو عن أمله في صدور عفو رئاسي عن صنصال، معتبرا أن ما يتعرض له “وضع لا يُطاق في نظر الفرنسيين والحكومة الفرنسية”، وأضاف: “يمكننا أن نتصور صدور عفو عنه، لاسيما بالنظر إلى حالته الصحية”.

وأوضح “أعلم أن جميع الأجهزة التنفيذية، من رئيس الجمهورية إلى الحكومة، تعمل في هذا الاتجاه حتى تنتصر الإنسانية”.

وأكد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو الذي دعا إلى “رد تدريجي” على الجزائر في هذه القضية، إلى جانب بايرو أنه لا يريد “إضاعة أي فرصة، وعلى الأخص من الآن وحتى نهاية الأسبوع، لإطلاق سراح بوعلام صنصال”.

ويحق لصنصال الطعن في هذا القرار لدى المحكمة العليا في الجزائر التي في حال نقضت الحكم، سيتم إعادة المحاكمة بتشكيلة جديدة من القضاة. أما في حال رفضت الطعن، فسيكون الحكم حينها نهائيا، ما سيفتح الباب لإمكانية العفو الذي يمنحه الدستور حصريا في يد الرئيس عبد المجيد تبون بعد استنفاد كل أدوات التقاضي الممكنة.

صنصال الذي مثل في الاستئناف أمام مجلس قضاء الجزائر، صباح الثلاثاء، دون محامٍ، فضّل الدفاع عن نفسه مقدما تفسيرات لأسباب إدلائه بالتصريحات الصادمة التي اعتبرت في الجزائر مساسا بالوحدة الوطنية.

وخلال المحاكمة، سئل عن مقابلته الصحافية التي أجراها مع صحيفة “فرونتيار” اليمينية المتطرفة، التي أدلى خلالها بتصريحات حول الحدود الجزائرية، لا سيما الغربية منها، فأوضح: “قلت ببساطة إن الحدود الحالية رُسمت من طرف الفرنسيين، وهي من مخلفات الاستعمار. وذكّرت بأن الاتحاد الإفريقي أقرّ بعد الاستقلال بضرورة احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار”.

واستعرضت القاضية لاحقا بعض الرسائل والمراسلات التي جمعته مع السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر كزافييه دريانكور، والوزير الفرنسي السابق هوبرت فيدرين، وأشارت خصوصا إلى قوله: “لدينا البترول وشنقريحة”، ليرد قائلا: “كانت محادثات خاصة، أحيانا مازحة. لا أرى ما هو الخطير فيها”، حسبما نقله الموقع ذاته.

وبخصوص علاقاته بحركة الماك (المنظمة المصنّفة إرهابية في الجزائر)، أجاب: “أنا أتحدث مع الجميع”. ثم طرحت القاضية سؤالا مفاجئًا: “هل زرت إسرائيل من قبل؟”، فأجاب: “نعم، سنة 2012″، واستفسرت: “في أي إطار؟”، فردّ: “كنت مدعوا من طرف منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات الإسرائيلية معا”.

وسألته ما إذا كان ما زال مقتنعا بتصريحاته ومواقفه، فأجاب بهدوء: “نعم، ما زلت مقتنعا، لكن الإنسان قد يغيّر رأيه في الحياة”. كما ناقشته القاضية حول سبب تركيز رواياته على السياسة بدل الثقافة أو الأدب، فقالت: “لماذا لا تتحدث عن الأدب والثقافة، بل تركز فقط على السياسة الداخلية؟”، إلا أن صنصال التزم الصمت.

وفي مرافعته، ذكّر ممثل النيابة بتاريخ صنصال حيث “ولد ونشأ وتعلّم وعولج في الجزائر”، مضيفا أنه “لم يظهر يوما أي عرفان تجاه وطنه”، قبل أن يلتمس في حقه عشر سنوات سجنا نافذا وغرامة قدرها مليون دينار.

بعدها وُجهت لصنصال الكلمة الأخيرة، قال “إنها محاكمة للأدب، وهذا لا معنى له. الدستور الجزائري يضمن حرية الضمير والتعبير والرأي، ومع ذلك أجد نفسي اليوم أمامكم”.

يقبع صنصال في السجن بعد إدانته بوقائع تتعلق بالمساس بوحدة الوطن وعدة تهم أخرى، عقب تصريحاته التي نسب فيها جزءا من التراب الجزائري للمغرب. وكان الكاتب قد اعتقل في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لدى وصوله لمطار الجزائر، بعد تصريحاته لقناة يمينية متطرفة شكك فيها في أحقية الجزائر لحدودها الحالية. وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

وتسببت هذه القضية في تفاقم الأزمة بين الجزائر وفرنسا، ووصولها إلى أعلى مستوى بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون أن “الجزائر لا يشرفها أن تسجن كاتبا” ما أثار ردود فعل قوية في الجزائر، وحديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في المقابل ووصفه للكاتب بمجهول الهوية واللص الذي يدعي أن نصف الجزائر مملوك لدولة أخرى.

وظهرت بارقة أمل في الإفراج عنه عقب المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الجزائري الفرنسي نهاية شهر أفريل/نيسان الماضي، إلا أن كل شيء أعيد إلى نقطة الصفر عقب تفجر ما يعرف بقضية أمير ديزاد التي أغلقت قوس التهدئة بين البلدين.

ويُعرف صنصال الذي شغل منصبا حكوميا رفيعا في الجزائر بداية سنوات الألفين (مدير الصناعة)، بمواقفه الصادمة والتي صنفت لدى البعض ضمن دائرة “الخيانة”، حيث لم يتورع عن وصف الثوار الجزائريين الرموز بالإرهاب، ناهيك عن تبنيه أكثر الأطروحات تطرفا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاماوية.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات