تتجه أغلبية الدول الأوروبية إلى غلق المكاتب التمثيلية لبوليساريو بسبب الاشتباه في ارتباطها بمنظمات إرهابية، على ما أكدته مصادر أمنية، فيما ينتظر أن يشكّل هذا القرار المحتمل ضربة موجعة للجبهة الانفصالية، وسط توقعات بأن تصنفها واشنطن تنظيما إرهابيا، ما من شأنه أن يطوي نهائيا صفحة بوليساريو ويُجبر داعميها القلائل على قطع علاقاتهم بها، تفاديا لعقوبات غربية وأميركية.
ويأتي هذا التوجه في وقت تتصاعد فيه الأصوات داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية بوضع حدّ لتسلل الجبهة الانفصالية إلى التكتل عبر اللوبيات المعادية لمصالح المغرب، وحماية العلاقات الوثيقة بين التكتل والرباط والعمل على مزيد تقوية الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.
ومن المقرر أن يناقش الاتحاد الأوروبي هذه القضية في اجتماع استثنائي لوزراء داخلية الدول الأعضاء في التكتل خلال الأيام المقبلة، كجزء من خطة أوسع لمكافحة التهديدات العابرة للحدود.
وأشار موقع "ساحل أنتليجنس" إلى أن "تحقيقات أجرتها أجهزة الاستخبارات الأوروبية كشفت عن تفاعلات مالية ولوجستية وعملياتية بين قادة بوليساريو وجماعات متطرفة مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى شبكات موجودة في سوريا واليمن وإيران والعراق".
وتشير المعلومات إلى وجود تحويلات مشبوهة للأموال وتبادل المعدات وتوفير التدريب، وخاصة في المناطق غير المستقرة في الشرق الأوسط.
ورغم أن السلطات لم تعلن هذه النتائج رسميا بعد، فإن حجم الشكوك كان كافيا لإثارة سلسلة من المشاورات الطارئة داخل الحكومات الأوروبية، مشيرة إلى الحاجة إلى ضمان الأمن الوطني والأوروبي.
ولدى البوليساريو مكاتب تمثيلية في عدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك بلجيكا وفرنسا، وإسبانيا وإيطاليا والسويد، وتعتمد الجبهة الانفصالية على هذه المقار في التواصل مع الحكومات والبرلمانات والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الأوروبية.
وقال مسؤول أوروبي كبير طلب عدم الكشف عن هويته "إن الأمن الداخلي يتطلب منا أن نتصرف بأقصى درجات الحزم عندما تكشف العناصر المتقاربة عن مخاطر مرتبطة بشبكات إرهابية، سواء كانت من منطقة الساحل أو الشرق الأوسط أو أي مكان آخر".
وبحسب المصدر ذاته، فإن أوروبا لا يمكن أن تتسامح مع المنظمات المشتبه في ارتباطها بالإرهاب والتي تستفيد من أي شرعية أو بنية تحتية على أراضيها.
وإذا تأكدت هذه الإجراءات، فإنها ستمثل تشددا كبيرا في الموقف الأوروبي تجاه جبهة البوليساريو والمنظمات الإرهابية الأخرى، في سياق إقليمي ودولي.
وأحبط المغرب العديد من المخططات التي كانت تهدف إلى الإضرار بمصالحه دبرتها لوبيات معادية تربطها علاقات وثيقة بالجبهة الانفصالية وتدعم طرحها الانفصالي بذريعة "الحق في تقرير المصير"، ومن شأن غلق مكاتب بوليسايو في الفضاء الأوروبي أن يضع حدا لأي محاولات للتشويش على التعاون والشراكة الإستراتيجية بين الرباط والتكتل.
ورجحت تقارير سابقة أن الجبهة الانفصالية تستفيد من التنظيمات الإرهابية في شمال افريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي التي تشهد فوضى بعد الانقلابات العسكرية من أجل تهريب السلاح وتمويل أنشطتها عبر عمليات تهريب البشر وتجارة المخدرات.
وسلطت منظمات حقوقية في أكثر من مناسبة الضوء على تحول مخيمات تندوف التي تديرها الجبهة الانفصالية إلى حاضنة للإرهاب والتطرف، محذرة من أن الانتهكاكات التي ترتكبها بوليساريو دفعت الكثير من شباب المخيم إلى الارتماء في أحضان الجماعات المتطرفة.
وبحسب المصادر نفسها فإن بعض قيادات بوليساريو انضموا إلى جماعات متطرفة، مثل عدنان أبووليد الصحراوي، الذي أصبح أميرًا لتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.
وأشارت تقارير حديثة إلى وجود صلات بين بوليساريو وإيران عبر حزب الله اللبناني، بما في ذلك تدريب مقاتلين في الجبهة الانفصالية من قبل الجماعة المدعومة من طهران، ما يثير مخاوف بشأن أجندات إقليمية أوسع.
وتدرس واشنطن تصنيف بوليساريو تنظيما إرهابيا، في وقت تتصاعد فيه الدعوت من قبل بعض مراكز الأبحاث والمسؤولين الأميركيين لاتخاذ هذا القرار، خاصة بعد تزايد المخاوف بشأن صلات محتملة بين بعض عناصر الجبهة الانفصالية وجماعات متطرفة في منطقة الساحل والشرق الأوسط.
وتضغط الولايات المتحدة من أجل تسريع إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، متمسكة بالموقف التاريخي الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب في العام 2020 باعترافه بسيادة المملكة على الإقليم وتأييده التام والراسخ لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لتسوية الأزمة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات