أخبار عاجلة

أحمد الشرع يصر على محاكمة المئات من الجنود الجزائريين ومرتزقة البوليساريو شاركوا في جرائم نظام الأسد

لم يعد هدف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، من بعث رسالة خطية إلى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، سِراً، وذلك بعدما تأكد أن الأمر كان يتعلق بمحاولة لاستعادة 500 عنصر من القادة العسكريين والجنود النظاميين ومن عناصر جبهة "البوليساريو" الانفصالية، الذين قاتلوا إلى جانب نظام الرئيس المعزول بشار الأسد، والمتورط في جرائم ضد الإنسانية طيلة نحو 14 عاما من عمر الثورة.

رحلة وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية، أحمد عطاف، إلى دمشق، لم تتكلل بالنجاح، بعدما قرر الشرع إحالة المعنيين بالأمر على المُحاكمة رافضا تسليمهم، إلا أنها في المقابل "نجحت" في إثبات تورط الجزائر في العديد من النزاعات المسلحة على المستوى الإقليمي، سواء في المنطقة العربية أو في القارة الإفريقية، وفتحت الباب أمام مُساءلتها القانونية على الجرائم المرتكبة ضد المدنيين.

    

كان واضحا أن الاهتمام الجزائري بزيارة عطاف إلى دمشق، الأولى من نوعها لمسؤول جزائري إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لا تلقى الاهتمام نفسه من الطرفين، فالسلطات السورية الجديدة تعاملت مع الأمر بفتور، مكتفية بالإشارة إلى لقاء عطاف مع نظيره وزير الخارجية أسعد الشيباني، ثم الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في حين كان الاهتمام الرسمي والإعلامي الجزائري أكبر.

وخَلْفَ هذا التباعد يقف تاريخٌ طويل من دعم النظام الجزائري، القائم أساسا على سطوة الجيش في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، وبشكل أقل وضوحا في عهد سلفه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، لنظام بشار الأسد، هذا الأخير الذي استمرت علاقته مع قصر المرادية قوية إلى آخر أيامه على كرسي الرئاسة، وتعود آخر محادثة هاتفية مُعلنة بينه وبين تبون إلى ماي من سنة 2023.

خبر نشرته صحيفة "الشروق" المقربة من الجيش الجزائري حول وفاة أول مقاتل جزائري ضمن صفوف قوات بشار الأسد

والثابت أن مُسلحين جزائريين انضموا مبكرا إلى الميليشيات الداعمة للأسد، وهو ما أكدته صحيفة "الشروق" الجزائرية المقربة من السلطة، حين كشفت، بتاريخ 19 ماي 2016 عن "مقتل أول جزائري يحارب في صفوف قوات بشار الأسد"، والذي يُدعى حسين بن عيسى، قائلة إنه كان مُنخرطا ضمن من وصفتهم بـ"رجال المقاومة".

إلا أن ما كشفت عنه المعطيات التي نشرتها إذاعة "مونتي كارلو" الدولية، وتلفزيون "سوريا" الدعم للسلطة الحالية في دمشق، لا يتعلق فقط بانتقال أفرادٍ لحمل السلاح في إحدى بؤر الصراع لأسباب أيديولوجية، بل يُحيل على المساهمة المباشرة للسلطات الجزائرية، عبر جيشها النظامي، في الصراع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 230 ألف مدني سوري إلى غاية نهاية 2023، حسب معطيات الشبكة السرية لحقوق الإنسان.

ووفق ما أورده المصدران الإعلاميان، فإن الرئيس السوري الجديد أبلغ وزير الخارجية الجزائري أن العسكريين الجزائريين من رتبة "لواء" وحوالي 500 جندي من الجيش الجزائري ومليشيات البوليساريو سيخضعون للمحاكمة إلى جانب بقايا فلول الأسد الذين تم القبض عليهم، كما أكد على أن "جميع المعتقلين، سواء من الجيش الجزائري أو البوليساريو، سيُعاملون وفق القواعد الدولية المنظمة لمعاملة أسرى الحرب".

خبر طلب وزير الخارجية الجزائري إطلاق سراح عدد من الضباط والجنود الجزائريين ومقاتلين من جبهة البوليساريو الانفصالية ممن قاتلوا إلي جانب نظام بشار الأسد (المصد: التلفزيون السوري)

وإلى جانب المسؤولية الحقوقية والأخلاقية على المجازر المرتكبة في سوريا خلال السنوات الماضي، يفتح هذا المعطى الباب أمام مُساءلة الجزائر قانونيا، وهو الأمر الذي أعلنت عنه الإدارة الحالية، إذ في 17 يناير الماضي، اجتمع مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم أحمد خان، بكل من الشرع والشيباني، بدعوة من الحكومة الانتقالية.

وقال بيان صادر عن مكتب المدعي العام، إن خان سافر إلى دمشق بدعوة من الحكومة الانتقالية، حيث بحث كيفية تقديم المحكمة الجنائية الدولية شراكتها لدعم جهود السلطات السورية نحو المساءلة عن الجرائم المرتكبة في البلاد، وذلك بعدما كان الشرع قد التزم مباشرة بعد سقوط نظام الأسد، بـ"محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري".

سوريا ليست أول بلد يشير بأصابع المسؤولية للجزائر في التورط في صراعاتها الداخلية، مع أن المختلف هذه المرة هو أن المسألة تتعلق بتحول عناصر جيش نظامي، من بينهم مسؤولون عسكريون برُتب كبيرة، إلى "مرتزقة" مُتورطين في حرب بالوكالة ضمن صراع بعيد جدا عن حدودهم، وفي جرائم تقتيل الآلاف من المواطنين السوريين.

خبر رفض رئيس سوريا آحمد الشرق طلب الجزائر بإطلاق جنودها ومقاتلين من البوليساريو كما نشرته الإذاعة الدولية الفرنسية مونت كارلو

فدولة مالي، التي كانت قد سحبت سفيرها من الجزائر سنة 2023، بسبب ما وصفته بـ "الأعمال غير الودية التي ارتكبتها السلطات الجزائرية تحت ستار عملية السلام"، عادت مع بداية 2025، لاتهام جارتها المغاربية الشمالية بـ"دعم المجموعات الإرهابية"، وطالبتها وزارة الخارجية في باماكو بـ "الكف عن جعل مالي رافعةً لتموضعها الدولي".

النيجر أيضا توجه أصابع الاتهام للجزائر بالتدخل في شؤونها الداخلية، لدرجة أن وزارة الخارجية في حكومتها الانتقالية أعلنت، في أكتوبر من سنة 2023، أنها "فوجئت" بتصريحات الحكومة الجزائرية التي ذكرت فيها أن نيامي "قبلت الوساطة التي عرَضت على الجيش فترة انتقالية مدتها 6 أشهر"، وهو ما دفع الرئيس تبون لإعلان "سحب" وساطته بعد وقوعه في حرج دولي.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات