بدى حزب العمال الجزائري رفضه القاطع لأي عملية تطبيع مع الكيان الصهيوني على أساس حل الدولتين، معتبراً أن هذا المسار يشكل إنكاراً لحق العودة وتنكراً لتضحيات ونضالات الشعب الفلسطيني. وجاء هذا الموقف في سياق رد الحزب ضمنيا على تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون لجريدة “لوبينيون” الفرنسية، التي أكد فيها أن الجزائر مستعدة للتطبيع مع إسرائيل في اليوم الذي تُعلن فيه الدولة الفلسطينية الكاملة.
وأكد حزب العمال (اليساري التروتسكي التوجه) في بيان له أن تاريخ الجزائر النضالي ضد الاستعمار الاستيطاني يجب أن يظل البوصلة التي توجه مواقفها، مشيراً إلى أن الدولة الجزائرية لم تقم أي علاقات مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا حتى سقوط ذلك النظام رسمياً. وأوضح أن الجزائر يجب ألا تغفل عن المخططات الأمريكية والصهيونية والإماراتية التي تستهدف منطقة شمال إفريقيا والساحل، معتبراً أن هذه التحالفات تمثل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة.
وفي هذا الصدد، شدد الحزب على أنه لا يمكن تصور أي تغيير في الموقف الرسمي الجزائري تجاه القضية الفلسطينية، قائلاً: “إن موقف الجزائر ثابت وغير قابل للتغيير منذ عام 1946، ولا يمكن لنا الاعتراف بكيان إرهابي محتل يمارس الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.” ودعا السلطات الجزائرية العليا إلى التعجيل بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة، تشمل الخيام والمستشفيات الميدانية والأدوية والمعدات الطبية والملابس الشتوية والمواد الغذائية، تأكيداً على التزام الجزائر بدعم الشعب الفلسطيني.
وأضاف الحزب أن ما يسمى بحل الدولتين ليس سوى خدعة وسراب، مشيراً إلى أن الكيان الصهيوني نفسه قد أعلن رسمياً رفضه لقيام أي دولة فلسطينية، سواء ضمن حدود 1967 أو حتى وفق اتفاقية أوسلو. كما أوضح أن الإدارة الأمريكية، رغم تصريحاتها المضللة، تتبنى نفس الموقف الرافض لهذا الحل، إذ يدعم الرئيس ترامب مخططات تهدف إلى “تطهير غزة” وتهجير سكانها، وهو ما ينفذه جيش الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة بدعم مباشر من واشنطن.
وفي هذا السياق، ندد حزب العمال بالدور “الذي تلعبه بعض الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، والتي تخدم مصالح الاحتلال أثناء حرب الإبادة في غزة، محملاً إياها مسؤولية كبيرة في الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين. وأعرب الحزب عن دعمه لموقف الشعبين المصري والأردني الرافضين لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيداً بموقف حكومتي البلدين في هذا الشأن. واعتبر أن أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني هو تواطؤ إجرامي يهدف لإنقاذ كيان فقد شرعيته أمام شعوب العالم، خاصة بعد أن قطعت العديد من الدول علاقاتها به”.
ولم يغفل الحزب الإشارة إلى الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة ولبنان، حيث لا يلتزم باتفاقات وقف إطلاق النار، ويواصل اغتيال المدنيين وتدمير القرى والبنية التحتية. كما أشار إلى أن الاحتلال نقل عدوانه إلى الضفة الغربية، لا سيما في جنين وطولكرم، مخلفاً آلاف الشهداء والجرحى ودماراً واسع النطاق، في ظل مباركة ودعم أمريكي غير محدود.
وفي ختام بيانه، جدد حزب العمال التأكيد على أن مسؤولية الجزائر دولة وشعباً تكمن في رفض وتجريم كل محاولات تهجير الفلسطينيين، ودعم حقهم غير القابل للتصرف في العودة إلى أراضيهم. ودعا الحزب إلى توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة العدوان الصهيوني وتحقيق المزيد من الانتصارات التي ستقرب الشعب الفلسطيني من نيل استقلاله الكامل وممارسة حقه في تقرير المصير.
ويتقاطع بيان الحزب اليساري الذي تقوده لويزة حنون، مع موقف أكبر الأحزاب الإسلامية “حركة مجتمع السلم” التي تحفظت بدورها على تصريحات الرئيس تبون. وذكرت الحركة أن “الضغوط الدولية المتزايدة، خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى جر الدول الصامدة، ومنها الجزائر، إلى مستنقع التطبيع”، مشددة على أن الموقف الجزائري يجب أن يظل ثابتًا في دعمه للحقوق الفلسطينية المشروعة، ورفضه لكل أشكال التطبيع. كما أكدت أن الشعب الجزائري يرفض بشكل قاطع أي مسار يمكن أن يؤدي إلى القبول بالتطبيع مع الاحتلال، لافتة إلى أن الممارسات الصهيونية من إبادة جماعية، وتهجير قسري، وحصار ظالم، تتطلب مواقف صلبة تعزز صمود الفلسطينيين، بدل الحديث عن أي شكل من أشكال التسوية.
بالمقابل، ثمنت أحزاب في الأغلبية الرئاسية تصريحات تبون، منها جهة المستقبل التي عبّر رئيسها فاتح بوطبيق عن مباركته لتصريحات الرئيس. وذهبت تحليلات إلى أن الرئيس تبون أراد مخاطبة الغرب بخصوص نظرته لحل الصراع، مع الإدراك بأن التطبيع مع اسرائيل مستبعد للغاية، كونها ترفض حتما العودة إلى حدود 67.
تعليقات الزوار
لا تعليقات