سجلت الحكومة المغربية بقيادة رئيسها عزيز أخنوش، مستويات غير مبشّرة في توقعات معدلات المديونية خلال سنتي 2025 و2026، متجاوزة النسب المسجلة قبل أزمة كوفيد-19، وفقًا لتقديرات المندوبية السامية للتخطيط، التي أكدت أن الدين على الخزينة سيواصل اتجاهه التصاعدي في عام 2025 ليصل إلى حوالي 69,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، ما يعكس مستوى متزايد من الاعتماد على الدين لتمويل الأنشطة الاقتصادية، رغم التحديات التي فرضتها الأزمة الصحية العالمية أو الازمات الجيوسياسية.
ووفقًا للمذكرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول الميزانية التوقعية لسنة 2025، تكشف الأرقام أن الدين العمومي للخزينة قد شهد زيادة كبيرة بعد تفاقمه في عام 2020 نتيجة الأزمة الصحية العالمية، ففي هذه السنة، ارتفع الدين من معدل 75,5% من الناتج الداخلي الإجمالي الذي كان مسجلًا بين عامي 2016 و2019، إلى 84,8% بين سنتي 2020 و2023، وهذا الارتفاع يعكس التأثير العميق للأزمة الصحية على المالية العامة للمغرب، حيث لجأت الحكومة إلى زيادة الاقتراض لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تسببت بها الجائحة.
وتتوقع المندوبية، أن يستمر الدين العمومي في الارتفاع على الرغم من التوقعات الإيجابية التي تشير إلى تعافي الاقتصاد الوطني، إذ تُظهر التقديرات أنه في الفترة الممتدة من عام 2024 إلى 2025، سيظل الدين العمومي الإجمالي في مستويات تفوق تلك التي كانت مسجلة قبل الأزمة الصحية، ليبلغ 83,3% من الناتج الداخلي الإجمالي مقارنة بـ 82,1% في سنة 2023.
وتشير المندوبية إلى أن الدين على الخزينة، الذي يُعتبر العنصر الأساسي في الدين العمومي، سيواصل ارتفاعه في سنة 2025 ليبلغ 69,9% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو نفس المستوى الذي تم تسجيله في عام 2024.
يُعزى هذا الارتفاع المستمر إلى تزايد الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل البرامج التنموية والاستثمارية، حيث من المقرر أن يرتفع الدين الداخلي على الخزينة، المكون الرئيسي لهذا الدين، ليصل إلى 52,4% من الناتج الداخلي الإجمالي في سنة 2025، وهو الارتفاع أو التصاعد الأكبر للمديونية الداخلية، الذي يعكس حاجة الحكومة المستمرة لتمويل الإنفاق العام، ويشير إلى توجه مستمر نحو زيادة الاعتماد على الدين الداخلي لسد العجز المالي.
أما بالنسبة للدين الخارجي للخزينة، فسيشهد هو الآخر زيادة ملحوظة. إذ من المتوقع أن يصل هذا الدين إلى حوالي 17,5% من الناتج الداخلي الإجمالي في كل من سنتي 2024 و2025، بعد أن ارتفع من 12,9% من الناتج الداخلي الإجمالي في الفترة الممتدة بين 2016 و2019 إلى 17% بين عامي 2020 و2023. وهذه الزيادة تعكس تزايد اعتماد الحكومة على التمويل الخارجي، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى تمويل المشاريع الكبرى على المستوى الوطني.
وفيما يتعلق بالدين الخارجي المضمون، تشير التوقعات الرسمية الواردة في المذكرة، إلى أنه سيرتفع ليبلغ حوالي 13,4% من الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنتي 2024 و2025، وهذا الارتفاع يأتي بعد تقلبات شهدتها مستويات هذا النوع من الدين منذ عام 2018، حيث يُتوقع أن يستمر في الزيادة في السنوات المقبلة في ضوء احتياجات التمويل المتزايدة للمشاريع الكبرى، وخاصة تلك التي تشمل بنية تحتية ومشاريع تنموية استراتيجية.
من جهة أخرى، وفي سياق تراجع الضغوط التضخمية، قرر بنك المغرب في دجنبر الماضي، وللمرة الثانية في العام ذاته، خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,5%.
وهذا القرار يعتبر بمثابة دعم قوي للنشاط الاقتصادي، حيث يساهم في تحفيز الاستثمار من خلال تحسين شروط الاقتراض للقطاع غير المالي، كما يعزز هذا التوجه من قدرة المؤسسات على تمويل مشاريعها، مما يدعم بشكل غير مباشر الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية. ويُتوقع أن يُسهم هذا التحسن في تعافي النشاط الاقتصادي، خاصة في قطاعات مثل البناء والتجهيزات.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط، أن تستمر القروض على الاقتصاد في النمو خلال سنة 2025، حيث يُتوقع أن ترتفع بمعدل 6,2% بعد زيادة متوقعة بنسبة 6,5% في سنة 2024. وتعكس هذه الزيادة توقعات بنمو النشاط الاقتصادي وزيادة الاقتراض من القطاع الخاص لتمويل المشاريع الاستثمارية.
كما يتوقع، وفق المصدر الرسمي ذاته، أن تستمر وتيرة نمو القروض الصافية الموجهة إلى الإدارة المركزية في تسارع، حيث من المتوقع أن تبلغ نسبة نمو هذه القروض 6,9% في سنة 2025، مقابل 4,8% في سنة 2024، وعموما يُعتبر هذا التوجه مؤشرًا إيجابيًا على تحسن القدرة على تمويل الإنفاق العام، خاصة في ظل ضغوط الديون المتزايدة.
أما بالنسبة لصافي الموجودات الخارجية، فيتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 2,2% في سنة 2025، بعد الزيادة الاستثنائية التي شهدها في عام 2024 والتي بلغت 17%، وهذه الزيادة تشير إلى تحسن في مستوى احتياطيات العملات الأجنبية، وهو ما يعكس قدرة بنك المغرب على الحفاظ على استقرار العملة الوطنية وتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات الخارجية.
وفيما يتعلق بالكتلة النقدية، يُتوقع أن تشهد زيادة بمعدل 6,4% في سنة 2024، على أن تستقر هذه الزيادة عند 5% في سنة 2025، وهذه الزيادة تعكس النمو المستمر في حجم السيولة المتداولة في السوق، مما يسهم في تعزيز قدرة النظام المالي على تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني.
تعليقات الزوار
لا تعليقات