رغم الإعلان عن مزيد من قوائم العفو الرئاسي لمسجونين بتهم مختلفة، إلا أن اليأس ما زال مخيما، خاصة في أوساط معارضي السلطة، أولئك الذين باتوا يعتقدون أن إطلاق سراح ذويهم يحتاج لما يشبه المعجزة. وأمرت نيابة أمن الدولة العليا، خلال الساعات الماضية بإخلاء سبيل 13 متهما بنشر أخبار كاذبة وتكدير السلم والأمن العام. وأعلنت وزارة الداخلية، عن تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بالعفو عن باقي مدة العقوبة لـ(605) نزلاء من المحكوم عليهم من كبار السن، ذوي الحالات الصحية المتراجعة ممن انطبقت عليهم شروط العفو الرئاسي من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل. يأتي ذلك في خطوة استثنائية ذات بُعد إنساني، في إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لتعزيز القيم الاجتماعية والوطنية ومراعاة للظروف الإنسانية، بعد أن شكل قطاع الحماية المجتمعية لجانا لفحص ملفات النزلاء على مستوى الجمهورية. وأعرب النائب علاء عابد عن تقديره لقرار العفو، معتبرا إياه تعبيرا عن التزام القيادة السياسية بمبادئ التسامح والمصالحة الوطنية. وأوضح أن هذه الخطوة تعزز تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتمنح الأفراد فرصة جديدة لإعادة الاندماج في المجتمع، مما يحافظ على النسيج المجتمعي ويعزز الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأشاد “حزب الغد”، بقرارات العفو الرئاسي بالنسبة للمحكوم عليهم في جرائم مختلفة من السيدات والرجال كبار السن، وهو القرار الذي توقع الحزب أنه سيُدخل البهجة والراحة على 605 أسر مصرية جديدة. وأكد الحزب أن قرارات الرئيس المتتالية والمتكررة بالعفو تكشف أنه لم يعد إصدارها قاصرا على المناسبات الوطنية أو الأعياد الدينية.
وحول الخلاف الذي بدأ يطفو على السطح مع المقاومة الفلسطينية، استنكر الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري، تصريحات نائب رئيس المكتب التنفيذي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق، محذرا بأنها تعمل على فتح جبهة جديدة واختلاق أزمة مع مصر، في وقت يتطلب تكاتف الجهود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وكشف بكري أن القيادي الفلسطيني “وجه اتهامات لمصر يعرف أنها بريئة منها، متهما إياها بأنها لا يمكن أن تعتبر نفسها وسيطا محايدا، وألا تقف بجانب الفلسطينيين، وأنها تخلت عن غزة، ووقعت اتفاقية كامب ديفيد، وجعلت فيلادلفيا محورا بين الفلسطينيين والمصريين والآن سمحت للإسرائيليين بالوجود فيه”. ولفت إلى أن القيادي في “حماس”، زعم أن “مصر تقف عاجزة عن إيصال الغذاء والدواء وعليها أن تقوم بواجباتها، وأن مصر تستطيع وقف المجازر في غزة خلال يوم واحد”. وأوضح بكري، أن تصريحات أبو مرزوق في مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية»، الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، يوم 6 مايو/أيار الماضي، كانت مغايرة تماما، لتلك التي أطلقها مؤخرا للتلفزيون العربي واتهم خلالها القاهرة بالتخلي عن الفلسطينيين، وذكر أن ابو مرزوق، ثمّن سابقا المجهود الكبير الذي يبذله الرئيس السيسي، من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأكد أن عينه على فلسطين وأطفالها ونسائها. وتوجه بحديثه إلى القيادي في حركة “حماس”: «ألا ترى أن هناك تناقضا فجا بين تصريحاتك لتلفزيون العربي وتلفزيون إم بي سي مصر.. أنت تدرك أن مصر لم تتخل ولن تتخلى عن القضية الفلسطينية، لا أريد أن أعدد المواقف، فالكل يعرف دور مصر، ومواقفها من القضية الفلسطينية، ولكن يكفي القول إن ما أكد عليه الرئيس السيسي أكثر من مرة، أن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حسابها، ولن تقبل أبدا بمخطط التهجير مهما كانت المبررات لأن ذلك معناه نهاية القضية».
ستزول حتما
تملك الدولة الصهيونية الكثير من العتاد العسكري والقوة المفرطة من السلاح المتطور الذي تغذيه بها أمريكا. تملك ذلك ومعه، وفقا لرفعت رشاد في “الوطن” الدعم الغربي غير المتراجع ولو بنسبة بسيطة، ومع ذلك لا تستطيع دولة الاحتلال العيش دون قلق وخوف على مدى 24 ساعة يوميا. السلاح الأمريكي لدى إسرائيل العنصر الحاسم في تفوقها على القوى العربية، ومنها القوى الفلسطينية المقاومة بأسلحتها البسيطة. ولا تستطيع إسرائيل الاستمرار وفرض وجودها في المنطقة دون المساندة الأمريكية الشاملة والكاملة، في دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس ومجلس الشيوخ وفي وسائل الإعلام. تعيش دولة الاحتلال في منطقة متجانسة حضاريا وتاريخيا وثقافيا ودينيا، وتعد الدولة الصهيونية بين دول المنطقة جسما غريبا ترفضه وتلفظه شعوب المنطقة. ولا يمكن لإسرائيل أن تبقى في أمان ما دامت حقوق الشعب الفلسطيني مهدرة بسبب احتلالها الوطن الفلسطيني، ورفضها التعايش السلمي مع الفلسطينيين في دولتهم المحررة والمستقلة. لا تهدأ دولة الاحتلال لحظة دون أن تثير المشاكل والحروب مع جميع الأطراف عربية أو غيرها، ولا يمكنها أن تعيش دون إثارة دائمة لشعبها وتحفيزه باستمرار على العيش تحت ضغط الخوف من الحرب، حتى يمكن لحكوماتها أن تواصل وجودها. لو لم تجد دولة الاحتلال مشكلة لاخترعت العديد من المشاكل توزعها على جبهات متعددة في الوقت نفسه، وتستعرض عضلاتها بأنها قادرة على خوض الحرب في عدة جبهات. ضرب طوفان الأقصى أسطورة إسرائيل في مقتل، وبعد ما يقارب العام فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية من تدميرها غزة، وكل ما فعلته أن دمرت القطاع المدني والبشر الذين ليس لهم أي ذنب، إلا أنهم أنجبوا أبناءهم المقاومين وهذا حقهم كرجال ونساء في الدفاع عن حريتهم واستقلال وطنهم المسلوب. اختارت “حماس” يحيى السنوار قائد طوفان الأقصى خليفة لإسماعيل هنية في رسالة لا تخطئها العين، بأن “حماس” ستستمر في المقاومة، وأن الشعب الفلسطيني لن تحطمه الطائرات والدبابات، وستظل إرادته قوية. وما زالت إسرائيل تنتظر ردا عسكريا من إيران وحزب الله على مقتل شكر وهنية وفي كل الأحوال هذه حلقة من ضمن حلقات من الكفاح ضد الاحتلال وصلفه وغروره، ما دام هناك مقاومون ستظل إسرائيل تعيش على جمر النار حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه ويعلن عاصمته الأبدية في القدس.
أوقات مفزعة
إنها أوقات تزدحم بها الفضاءات على اختلافها بكثير من التكهنات والمخاوف وربما الأسئلة المستعصية، ومنها متى تكون الحرب؟ ومن سيبدأها؟ وعلى أي الجبهات؟ هناك تبرز الفرصة كما تخبرنا خولة مطر في “الشروق” لمقتنصى اللحظة من خبراء ومحللين وباحثين وصحافيين ميدانيين أو حتى فقط مدعي المعرفة بهذا الفريق أو ذاك، حتى راح بعضهم يسطر صفة بعد اسمه “مقرب من حزب أو فصيل أو دوائر صنع القرار في العاصمة الفلانية”. هناك كثير من «الخبراء» تخصصهم فن اقتناص الفرصة، وهم من يتطوعون لعرض قائمة طويلة من السيناريوهات مدركين ربما بوعي، أو دون وعي أنها مجرد تكهنات، وكأنهم في ذلك كمن باع الأهرامات لأول سائح خليجى وطأ أرض مصر بعد الطفرة النفطية لا يستطيع ذاك الذي بقي لأكثر من تسعة أشهر حاملا عصاته ليشير للتحركات العسكرية والتوقعات المقبلة بين المخيمات والبلدات والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء والجوامع والكنائس، إلى مدن بعيدة يعرف الجاهل منا أنها مشاركة في صنع قرار المذبحة وواضعة لأسس الإبادة، لأنها ربما مارستها من قبل على كثير من الشعوب والأمم.. يسهل على الجالسين في ذاك المبنى الصغير هنا أو هناك، في مدينة أو مدن تبعد سنوات ضوئية عن الأرض المحترقة، يسهل عليهم أن يضعوا تفاصيل معارك وحروب وهم أبعد ما يكونون عن صانعي القرار، أو حتى متلقي الخبر أو الإنذار وما يضيرهم إذا ما قالوا للجالس فوق قبور لأحبته إن المقبل أسوأ. ذاك الذي تعود أو عود نفسه ومن حوله على أن يكون إعلان الموت هو الإعلان الوحيد الملازم له كل صباح وضحى وظهر ومساء وليل، فالعدو لا يفرق. وهم أيضا لا تعنيهم أن الحروب لم تعد تقليدية ولها قواعدها، بل أصبحت متطورة حيث الدبابة والصاروخ على أهمية منع الماء والغذاء والاغتصاب، فكلها أسلحة حرب وقد تكون أكثر دمارا. هم أيضا وللتذكير قد لا يكونون جميعا مدركين لحجم الدمار النفسي الذي يتسببون فيه، أو حتى إنهم في لحظة ما يتحولون إلى جزء من أسلحة الإبادة الصهيونية، ألا يساهمون في هدم المعنويات، كما تهدم الصواريخ البيوت بما تحمله من ذكريات وتاريخ ومشاعر وصور؟
أيام الظلم معدودة
أي تكهنات الآن بتوقيت أو تفاصيل الحرب المقبلة ردا على ما تم من اغتيالات وقصف للأبرياء في فلسطين، ولبنان واليمن، مجرد تكهنات لا قيمة لها، لأن القرار حسب خولة مطر، يصنع في أضيق محيط ومحدود بمجموعة صغيرة جدا، وفيه تفاصيل بالتأكيد لا علم لمعظم حاملي لقب “خبير أو محلل” بها. وللأهمية فكما يستخدم الاحتلال الصهيوني ولسنين عدة الحروب النفسية، فقد بدأ المقاومون في مواجهته ليسقوه من الكأس نفسه كما نقول بالعامية. في هذه الأجواء المشحونة بالخوف للواقفين تحت سماء المذبحة أو المرعوبين وطائراتهم الحربية تكسر حاجز الصوت فتزلزل الحجر قبل القلوب، التي عرفت الحروب، أو ربما لم تعرف سواها لسنين، في مثل هذه الأوقات أليس من المهم أن نواجه الحرب النفسية بحرب مثلها، إما بالتوقف عن التكهن والتخمين و«ضرب الودع» وقراءة الفنجان والمنجمين والمنجمات أو عبر رسم خرائط موسعة للموت المقبل الذي لن يترك روحا ولا حجرا ولا نخلة ولا شجرة ولا حيوانا ولا عصفورا ولا سمكة في البحر؟ الانتظار سلاح حرب، ونشر الرعب عبر الكلمات وما يسميه البعض “شعارات” هو سلاح حرب أيضا، وشل الحركة الاقتصادية أو في الموانئ هو سلاح حرب دون قطرة دم كلها أسلحة بالطبع لا تضاهي بشاعة سلاح الماء والغذاء والحصار و«الاحتفال» بقتل الأطفال وتصوير اغتصاب المعتقلين السياسيين من قبل الجنود، والتباهي بهذه الجرائم، بالطبع تلك أسلحتهم وهذه أسلحتنا فلنتعلم كيف نستخدمها بإتقان بدلا من تضييع الوقت والنفس والجهد والقلب في الاستماع لتحاليل بضع أشخاص، لن نطلق عليهم التسميات، ولكن بعضهم من «تجار الحروب». ربما حين يتراسل الأصدقاء ويتواصلون بحثا عما يمكن أن يسكن القلوب المتعبة، فلا يجدون سوى صدى خوفهم يعبر البحور والمحيطات ويرفعون الأمنيات وكثيرا من الدعاء، ويرسلون الرسائل الخجلة والخانعة لأهلنا في غزة ولبنان واليمن مفادها اليقين أن للحق يوما كما كانت للظلم أيام وسنون.
بعلم العالم
أذن المؤذن أذان الفجر، فاستعد النازحون المتكدّسون في مدرسة للإيواء تُلقب بـ«التابعين» لأداء الصلاة، وفرشوا السجاد في ساحة المدرسة، وتم رفع أذان إقامة الصلاة، واصطف المصلون وبدأت الصلاة، وأثناء سجودهم وفق ما تابع محمد عبد الحافظ في “الوطن” أغارت طائرات العدو الإسرائيلي وقصفت المدرسة بثلاثة صواريخ، فقتلت المصلين وهم ساجدون ومعهم عشرات من الأطفال والنساء الذين كانوا نائمين في فصول وأروقة المدرسة المكتظة بالنازحين. ارتكبت قوات الاحتلال هذه المجزرة اللاإنسانية عشية الجهود المضنية التي بذلتها مصر وقطر للتوصّل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن، ووقف الحرب في غزة، الذي أعلن نتنياهو عن موافقته مبدئيا على الإطار العام له، وكانت المجزرة هي رد إسرائيل الرسمي والعملي على أي مبادرات سلام وتهدئة للوضع المشتعل في المنطقة، وما زاد الطين بلة، أن أمريكا التي من المفروض أنها كانت طرفا ثالثا في مبادرة التهدئة، أعلنت في أعقاب وقوع المجزرة الإفراج عن 3.5 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل ضمن حزمة مساعدات عسكرية تبلغ 14.5مليار دولار، وافق عليها الكونغرس في أبريل/نيسان الماضي، وكان الإفراج عن هذا المبلغ موافقة أمريكية ضمنيا على ارتكاب المجزرة، بل هي تحريض لإسرائيل على ارتكاب المزيد من المجازر لتنفيذ مخطط الإبادة الجماعية.. وكان هدف مشاركة أمريكا في مبادرة التهدئة الإفراج فقط عن الرهائن، وليس وقف إطلاق النار، وبعد تسلم الرهائن ستخرق إسرائيل الهدنة وستعاود ارتكاب مجازرها وستستمر في تنفيذ مخططها للإبادة والتهجير القسري للشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا.
الإبادةش مستمرة
وحسب محمد عبد الحافظ، تحاول إسرائيل حاليا تصدير صورة ذهنية كاذبة لحلفائها -أمريكا ودول حلف الناتو- بأنها مُستضعفة ومستهدفة، وأنها تحتاج إلى مساعدة لإنقاذ الرهائن المحتجزين لدى “حماس”، وأن شعبها يعيش في حالة رعب وخوف من أي عمليات انتقامية، وأنها في حالة انتظار “وقوع البلاء” بين لحظة وأخرى، جراء سقوط صاروخ هنا أو هناك، تطلقه إيران أو الحوثيون أو حزب الله أو “حماس”.. فالأربع جهات توعّدت إسرائيل، وتريد الثأر من قوات الاحتلال، انتقاما لانتهاك سيادة إيران بقتل ضيف يزور أراضيها، وقصف ميناء الحديدة في اليمن، واغتيال رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، وقتل فؤاد شكر القيادي في حزب الله. وبدأت إسرائيل في بث مقاطع فيديو لمواطنين يُخزّنون المؤن والأغذية والمواد البترولية، ويتأهبون لاستخدام المولدات الكهربائية المنزلية تحسّبا لأي ضربة من المنتقمين، ومقاطع للاستعدادات في المخابئ والملاجئ الموجودة تحت الأرض لاستقبال الفارين من الانتقام، بل إنها بثّت مقاطع لاستعدادات إقامة مستشفيات مفتوحة في صحراء النقب، بينما تستعد قوات الاحتلال العسكرية هي الأخرى لرد أي ضربة. هذه الصور والمشاهد المزيفة التي تبثها إسرائيل لم تعد تنطلي على شعوب العالم التي كشفت كذب قوات الاحتلال، ولكن الإدارة الأمريكية ودول حلف الناتو ما زالوا يتخذونها ذريعة ومبررا لاستمرار تقديم الدعم العسكري والمادي لها. الرأي العام العالمي الشعبي ضد إسرائيل، والمنظمات الدولية ضد إسرائيل، والمحاكم الدولية ضد إسرائيل، ولكنها ما زالت وستستمر في مخطط الإبادة للشعب الفلسطيني.
فجر دامٍ
في أعقاب تكبيرة الإحرام، تمهيدا للدخول إلى شعائر صلاة الفجر، هاجمت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مصلى في مدرسة «التابعين» الواقعة في حي الدرج شرق مدينة غزة، أثناء تأدية النازحين صلاة الفجر صباح السبت الماضي. يواصل عبد المحسن سلامة في “الأهرام” كلامه، قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف «المصلى» بـ3 صواريخ متتالية ما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 من المصلين، وإصابة أكثر من 150 آخرين من الذين كانوا يستعدون لأداء صلاة الفجر في «المصلى» التابع لمدرسة تؤوي نازحين جاءوا إليها امتثالا لأوامر الجيش النازي الإسرائيلي، بإخلاء منازلهم والتوجه إلى مناطق بعينها ومن بينها هذه المدرسة. صور مجزرة الفجر مرعبة، حيث أظهرت الصور ومقاطع الفيديو دمارا كبيرا، وجثثا محترقة، وأشلاء متناثرة، ورؤوسا مفصولة، وأجسادا تحولت إلى قطع صغيرة متناثرة، ما أدى إلى تحويل «المصل» إلى بركة من الدماء والأشلاء. سلوك همجي وإرهابي ووحشي ليس له نظير، وسط صمت عالمي، وتخاذل عربي، ما ساعد على توهج واتساع موجات التطرف الإسرائيلية، وبدلا من أن تكون دعوات الإبادة للشعب الفلسطينى سرا، أصبحت تلك الدعوات علنية الآن من الحكومة الإسرائيلية، أما الإدارة الأمريكية الراعي الرسمي للإرهاب الإسرائيلي، فهي تقول الشيء، وتفعل عكسه تماما، حيث تدعو إلى التهدئة، وفي الوقت نفسه تمد إسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات، وتنتقد سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، ثم تسمح بدفعة مساعدات ومنح مالية للخزانة الإسرائيلية بلغت نحو 3 مليارات دولار دفعة واحدة خلال الأسبوع الحالي في إطار تدفق مفتوح ولا نهائي من الخزانة الأمريكية إلى الخزانة الإسرائيلية. مذبحة صلاة الفجر في غزة ليست أولى المذابح، وللأسف لن تكون آخر المذابح، طالما ظل الصمت العربي، والتخاذل الدولي، والحماية الأمريكية الدائمة والمستمرة للاحتلال الإسرائيلي، والاكتفاء بازدواجية الأفعال. للأسف الشديد العرب في أسوأ حالاتهم، فهم يكتفون بالحد الأدنى من المواقف في الوقت الذي لا ينفع فيه سوى الحد الأقصى وربما أكثر من ذلك، وربما يكون الانضمام إلى دعوى الإبادة الجماعية أمام محكمة الجنايات الدولية خير شاهد على ذلك.
الضحايا ينتظرون
في غضون ساعات قليلة كانت لوحة «العشاء الأخير» للفنان الإيراني محمد علي الصنوبري مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إيران، وهي حسب نعمة عز الدين في “الوفد” محاكاة للوحة «العشاء الأخير»، للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي، قد انتشرت بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي العربي بسرعة البرق، نشرها فنانون تشكيليون ومثقفون وأساتذة جامعة ومواطنون عاديون من كل الفئات، شبابا وأطفالا وكبارا في السن، الكل يريد أن يشارك في تلك الصفعة المدوية التي ضربها الفنان الإيراني محمد علي الصنوبري على وجة العالم القبيح والمتجسد في عرض افتتاحية «أولمبياد 2024.. المقامة في العاصمة الفرنسية باريس، حيث كان من بين فقرات الحفل، عرض تضمن محاكاة للوحة «العشاء الأخير»، للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي، التي تجسد مشهد وجبة العشاء الأخيرة، التي تجمع على تناولها السيد المسيح مع تلاميذه من الحواريين، قبل القبض عليه وصلبه، وفقا لمعتقدات الديانة المسيحية، جاء هذا العرض بشكل ساخر ومسيء لسيدنا عيسى (عليه السلام)، ولمقامه الكريم، حسبما تقول الدكتورة غادة محمد عبدالرحمن، مضيفة أنه لاسيما أن من شارك في العرض مجموعة من الشواذ والمتحولين جنسيا، ما أدى إلى حدوث حالة من الغضب العالمي، وموجة عارمة من الانتقادات الحادة لهذا العرض. ولم يجد منظمو حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، وأمام ثورة الغضب العارمة التي اجتاحت العالم، مفرا من تقديم اعتذار رسمي عن العرض المسيء، حيث أعلنت المتحدثة الرسمية باسم أولمبياد باريس 2024 آن ديكا في مؤتمر صحافي باهت وكاذب أنه بالتأكيد لم تكن هناك نية على الإطلاق لإظهار عدم الاحترام لأي طائفة دينية، وأن حفل الافتتاح حاول الاحتفاء بقيم التسامح، وقالت إنهم يعتقدون أن هذه الرغبة تحققت، وإذا شعر الناس بأي إساءة فهم يأسفون لذلك حقا. لوحة العشاء الأخير للفنان الإيراني محمد علي الصنوبري تمثل السيد المسيح وهو يتوسط طاولة متواضعة يحيط به أطفال غزة يتحدثون إليه وتعبيرات وجوههم البريئة تشي إليه بالأهوال التي يعيشونها تحت القصف الصهيوني المجرم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
عشاء أخير
جمال لوحة الفنان الإيراني محمد علي الصنوبري، من وجهة نظر نعمة عز الدين في عودة اليقين مرة أخرى إلى سطوة الإبداع وقدرته على التغيير في الفكر الجمعي حينما يخرج صادقا، تعاطف السيد المسيح عيسى عليه السلام وجلوسه حول أطفال غزة رسالة شفيفة تصل إلى قلب كل مؤمن في أرجاء العالم بالقيم الانسانية من حب وخير وجمال، لوحة رغم محاكتها للوحة الأشهر للفنان الأيطالي ليوناردو دافنشي، فهي الأعمق برسالتها لعالمنا الحالي الذي يروج له الغرب بالشذوذ وازدراء الأديان وتخريب العقول بأفكار سامة كالعولمة والتجارة عبر القارات، والبعد عن العادات والتقاليد والهوية التاريخية لكل بلد ومنطقة جغرافية. هل لوحة «العشاء الأخير» للفنان الإيراني محمد علي الصنوبري هي الأولى التي يلجأ فيها الحس الإبداعي إلى السماء طالبا الشفاعة والنصر؟ الإجابة بالنفي ففي شهر ديسمبر/كانون الأول 2023 أي بعد شهرين فقط من بداية الهجوم الصهيوني الوحشي على قطاع غزة قام الفنان المصري محمد دمراوي في معرضه الجديد (العشاء الأخير)، الذي يرصد الأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، جراء القصف الإسرائيلي الهمجي لقطاع غزة، من خلال مشهد فني بانورامي يجسد أطفال غزة كأنهم ملائكة تحلِّق على مائدة العشاء الأخير مع السيد المسيح عيسى عليه السلام. المعرض استضافه في ذلك الوقت «غاليري ديمي» في ضاحية الزمالك في القاهرة، ويوثق دمراوي من خلاله معاناة الفلسطينيين، خصوصا أطفال غزة، الذين طالهم العدوان الإسرائيلي، ما أدى لاستشهاد أكثر من خمسة آلاف طفل حتى الآن.
مسكن موضعي
بدَت صورة السفير علاء يوسف، سفيرنا في عاصمة النور، وكأنها نقطة مضيئة، وسط ظلام كثير رافق الحصيلة التي خرجنا بها من أولمبياد باريس. يواصل سليمان جودة في “المصري اليوم” كلامه، كان السفير في الصورة مع المصارع الأولمبي محمد إبراهيم كيشو، الذي كان قد حصل في لحظتها على البراءة من تهمة التحرش بفتاة فرنسية، وكانت السلطات الفرنسية قد أفرغت الكاميرات في مكان الواقعة، فتبين لها أنه لا شيء يدين “كيشو”، وأنه بريء تماما من التهمة التي حاولت الفتاة، وربما آخرون معها إلصاقها به لسبب غير مفهوم. أعرف أن حصيلة الأولمبياد أغضبت قطاعات عريضة من الرأي العام في البلد، وبالذات بعد مباراة المنتخب مع المغرب، وأعرف أنها رفعت منسوب الإحباط لدى الناس، ولكن هذا يجب ألّا يستدرجنا إلى هذه المنطقة السوداء في الحياة، ويجب أن يدفعنا إلى التفتيش عن نقاط مضيئة في حياتنا لنتخلص بها من أي طاقة سلبية، فالمحروسة لا تحتمل مثل هذه الطاقة، ولا تقوى عليها. وإذا كانت الصورة التي ضمت السفير يوسف مع المصارع نقطة واحدة مضيئة، وإذا كان السفير قد رافقه في رحلة الحصول على البراءة الكاملة، فلم يفارقه إلا وهو في المطار في طريقه إلى قاهرة المعز، فهناك الكثير من النقاط التي يمكن أن نضمها مع النقطة التي تحملها هذه الصورة، وكلها في النهاية يمكن أن ترسم لوحة تبعث على شيء من الأمل. بدا لي أننا لو ذهبنا إلى أولمبياد دبلوماسي مثلا فسوف نحصد الكثير من الجوائز لأننا إذا كنا قد أخفقنا في أولمبياد باريس إلى حد كبير، فمن الممكن تعويض ذلك في أولمبياد آخر.. ولو تصورنا بعين الخيال أننا خضنا «أولمبياد» مختلفا على المستوى الدبلوماسي، وإذا تصورنا أن ممثلينا فيه كانوا من نوع السفير يوسف، ومن قبله السفير بدر عبدالعاطي، الذي عاد بالكاد من بروكسل وتولى حصن الخارجية، فسوف نفوز عند ذلك بالتأكيد، وسوف يكون مثل هذا الفوز مما يبعث التفاؤل في النفوس.
الجشعون يمتنعون
حسب أحمد عبد التواب في “الأهرام”، فإن المُبادَرة الجديرة بالتقدير أطلقها محافظ بني سويف، الدكتور محمد هاني غنيم، وقد دعا رئيس جهاز حماية المستهلك إبراهيم السجيني، الأسبوع الماضي، للقاء في المحافظة، لتنسيق التعاون بين أجهزة المحافظة ومراقبي الجهاز، لتحقيق هدف ضبط الأسعار، الذي أعلنه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، وهو الهدف الذي صارمطلوبا جماهيريا بشدة، بعد أن لم يظهر الأثر المرجو لحل أهم مشاكل التجار، رغم القرارات التي اتخذتها الحكومة، تحقيقا لمطالبهم، بالسيطرة على أسعار صرف الدولار، والإفراج عن جميع السلع من الموانئ وتوفيرها بالأسواق، وهو ما كان يستوجب أن تكون له نتيجة مباشرة في انخفاض حقيقي في الأسعار بما يتناسب مع هذه الإجراءات. وقد أقرّ رئيس جهاز حماية المستهلك أنه لاحظ، من خلال الجولات الميدانية في مختلف المحافظات، تفشي ظاهرة عدم الإعلان عن الأسعار بشكل واضح، رغم أن هذه مُخالَفة يُحدِّد لها قانون حماية المستهلك عقوبات صارِمة. وقال إنه تحقق بعض النجاحات في سلاسل البيع الكبرى، إلا أن هناك صعوبات مع تجار التجزئة وصغار البقالين، الذين لم تنخفض الأسعار لديهم، وهو ما يتطلب تكثيف الرقابة على الأسواق من مختلف الأجهزة الرقابية والتنفيذية. وأوضح المحافظ أن المبادرة تستهدف الإعلان عن الأسعار، وتتضمن وضع ملصق على كل المتاجر في المحافظة، يتضمن تنويها بوجوب الإعلان عن الأسعار، ويُبيِّن طرق تقديم شكوى المواطنين، إذا لم يعلن التاجر عن الأسعار، لأن من أهداف هذه المبادرة تفعيل دور الرقابة المجتمعية، إلى جانب الرقابة المؤسسية، ضد الممارسات السلبية غير المنضبطة. يبقى أنه من المُلاحَظ أن هناك مُخالَفات جسيمة واضحة، وليست في حاجة إلى رقابة ميدانية ولا إلى شكوى المستهلكين، وهي المخالَفات المتفشية بالتفصيل على الإنترنت، بإصرار على تحدي القانون بعدم إشهار الأسعار في نشاطات متعددة، تتراوح بين بيع العقارات الفخمة من فيلات وشاليهات، إلى بيع الأحذية وأدوات المطبخ، بتعمد حجب السعر. وعند سؤال واحد من الجمهور يجيبونه بأنهم ردّوا عليه على بريده الخاص، بما يعني استمرارهم في حجب السعر عن عموم المستهلكين فليت القانون يُطَبَّق على هؤلاء المخالِفين، وليت هذه المُبادَرة تُعَمَّم في كل المحافظات.
كتب ملغمة
في مذكرات عبد الوهاب المسيري التي احتفى بها مصطفى عبيد في “الوفد” في أكثر من موضع حكاية لافتة تستحق الالتفات، ففى صباه كان يستغرب دعاء إمام مسجد دمنهور كل جمعة وهو يستعيذ بالله من علمٍ لا ينفع. كان المفكر يسأله وهو صغير، إن كان هناك بالفعل علم لا ينفع، وظل السؤال حاضرا حتى سافر للدراسة في الولايات المتحدة. وهناك في أحد الأيام نظمت إدارة الجامعة للطلاب زيارة للعالم الكبير أوبنهايمر الذي اخترع القنبلة الذرية، وتناقشوا معه في الفلسفة والحياة والفكر. وسأله الطالب المصري عن شعوره عندما قامت أمريكا في 1945 بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، وقتل آلاف الأبرياء. ولاحظ المسيري تغير ملامح الرجل، وسكوته لفترة طويلة يفكر، قبل أن يقول له «لقد تقيأت». ووقتها فقط أدرك معنى دعاء خطيب الجمعة في دمنهور مستعيذا من علم لا ينفع، بل يضر ويخرب ويدمر. وهكذا فإن المعرفة ليست جميعا نفعا وخيرا ونورا، فهناك علوم مدمرة، وبالمثل هناك كُتب أحرقت قلوبا وبدلت عقولا وفتت دولا وسحقت شعوبا. وفي ظني فإن هناك قوائم لأسوأ الكتب في بلادنا، مثلما توجد قوائم لأفضل الكتب. وربما كان كتاب «الأمير» لنيكولا ميكافيللي واحدا منها، إذ يحتوي على أساليب وأفكار تروّج للانتهازية والهيمنة السلطوية. ويُذكر أن محمد على، والي مصر سمع به، فطلب من مترجمه قراءته واطلاعه على ما به. وبالفعل استمع منه لفقرات من الكتاب، لكنه شعر بأن مستوى الشر فيه أقل مما ينبغي، فطلب من مترجمه أن يكف عن إطلاعه على المزيد لأن ما يعرفه من حيل أعظم مما يطرحه ذلك الكتاب.
للعلم لا للرقص
مع أو ضد؟ المؤكد من وجهة نظر كرم جبر في “الأخبار” أنه ضد، لأن حفلات التخرج يجب أن تكتسي باحترام ووقار «الحرم الجامعي»، ولكن من دون أن نحمل السيوف ونُقطِّع الرقاب أو نمارس دور «حُراس الفضيلة» على شباب الجامعات، وأن نفهم الأسباب. أولا: أتوقع أن تضرب معدلات الرقص بحفلات التخرج رقما قياسيا، لأن الطالب الراقص أو الراقصة يحقق «الترند»، ومعدلات مشاهدة وشهرة لا يحصل عليها لو اشتغل ليل نهار لسنوات طويلة.. والرقص أقصر طريق للشهرة. وقنوات الوصول إلى الشهرة هي وسائل التواصل الاجتماعي، وتتعدد الأشكال والألوان لشباب وشابات ألقت بهم الشهرة السوداء وراء القُضبان والسجن مثل فتيات «تيك توك» وارتكاب جرائم الاتجار بالبشر. ثانيا: بعض أساتذة الجامعة فقدوا الكثير من المواصفات الضرورية لأستاذ الجامعة، وأهمها الوقار والهيبة والاحترام، والسمو برسالة الجامعة وقدسيتها.. وأتذكر عند دخول الجامعة في السبعينيات، كان حلمي أن أرى «أستاذ جامعة» وخُيِّل لي أنه غير البشر العاديين. الآن أصبحت بعض رسائل الدكتوراه مُزيفة، وانتشرت عصابات تمنح الشهادات في الداخل والخارج، وانتشرت أوكار بيع الدكتوراه المضروبة، ما أفقد هذه الشهادة العظيمة كثيرا من سمعتها، ولم تعد كلمة «دكتور» تستحوذ على الهيبة والقوة نفسها. ثالثا: قبل أن تسأل عن الخريجين الراقصين اسألوا إدارات الجامعات.. كيف دخل «الدي جي» والزينات والموسيقى الصاخبة لمطربي المهرجانات، التي حازت إعجاب الدكاترة جنبا إلى جنب الطلبة، فصفقوا لها وتمايلوا على صخبها. واسألوا إدارات الجامعات: لماذا يختارون مطربين ومطربات وبعضهم مهرجانات لإحياء الحفلات السنوية، على الموسيقى والرقص بصورة جماعية، وليست فردية؟ رابعا: لو عقدت ندوة ثقافية في الجامعة يحضرها عشرة، ولو مطرب مهرجانات يحضر عشرات الآلاف، وهذا تقصيرٌ من الجامعات في إعلاء شأن الثقافة والفكر وتزويد الشباب بمكونات توعوية لتحقيق التوازن مع محتوى التفاهة والإسفاف على مواقع التواصل الاجتماعي. أين الجمعيات الثقافية في الجامعات والأسر والرحلات والندوات والمهرجانات الموسيقية والفنية رفيعة المستوى، ولماذا تراجع دور الجامعة من «القدوة» إلى «المتلقي»، وأين الدراسات المُتعمقة التي تكشف أفكار الأجيال الجديدة وتوجهاتها المستقبلية؟ خامسا: نحن نؤذن في مالطة إذا مارسنا دور «حُراس الفضيلة» مع الأجيال الجديدة، لن يستمعوا ولن ينصتوا، وسوف يطأطئون رؤوسهم بالموافقة الشكلية «واللي في دماغهم في دماغهم»، والحل هو أن يتحدث الشباب عن الشباب، القدوة والمثل والقيادة، وليس «تصديع» رؤوسهم بالحكم والمواعظ الإنشائية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات