أخبار عاجلة

لقاء تبون-ماكرون في ايطاليا يثير غضب المؤسسة العسكرية

كشفت تقارير إعلامية مقربة من عصابة الجنرالات أن خلافات مكتومة بين الرئاسة الجزائرية والمؤسسة العسكرية بدأت تظهر للعلن عقب اللقاء المفاجئ بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي امانويل ماكرون على هامش قمة مجموعة السبع التي استضافتها ايطاليا مؤخرا وهو اللقاء الذي تم على الأرجح بطلب من تبون ذاته والذي تأجلت زيارته لباريس لأكثر من مرة بسبب خلافات عالقة بين الجانبين.

ويبدو حسب المصادر ذاتها أن المؤسسة العسكرية التي لم تبلغ مسبقا باللقاء ولم يتم استشارتها، غير راضية على تصرف الرئيس تبون ورأت في اجتماعه بماكرون استنقاصا من قيمة الجزائر خاصة بعد تعذر زيارته لباريس لأسباب من بينها استياء جزائري من التقارب الفرنسي المغربي واتجاه فرنسا للاعتراف بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب حلا وحيدا واقعيا لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.

وكانت باريس قد أطلقت في الفترة الماضية إشارات قوية على تعزيز علاقاتها بالمغرب وإنهاء سوء التفاهم والعمل على الارتقاء بمستوى التعاون إلى شراكة إستراتيجية خاصة بعد اطلاق العاهل المغربي الملك محمد السادس مبادرة الولوج للأطلسي والتي ستساعد بشكل كبير في التكامل والترابط الاقتصادي الأوروبي الافريقي في وقت انحسر فيه النفوذ الفرنسي بشدة في افريقيا.

وترى مصادر فرنسية أن في التقارب مع المغرب فرصة لاستعادة بعض من النفوذ في إفريقيا إذ تشكل المملكة من خلال مبادرة الأطلسي ومن خلال علاقاتها المتينة مع دول منطقة الساحل وغرب افريقيا، حلقة وصل موثوقة.

وبنظر المؤسسة العسكرية التي تلعب منذ عقود دورا محوريا في صناعة الرؤساء وتدير البلاد من خلف ستار، فإن لقاء تبون بماكرون يشكل تنازلا مجانيا لفرنسا بينما لا تزال الكثير من القضايا الخلافية عالقة ومنها موقف باريس من نزاع الصحراء، اذ تعمل الدبلوماسية الجزائرية على دفع ماكرون لتبني الطرح الانفصالي للصحراء تحت مسمى تقرير المصير وادناه أن لا تدعم باريس مبادرة الحكم الذاتي وتستمر في موقفها الملتبس من الملف.

وذكر موقع 'مغرب أنتلجنس' نقلا عن مصادره أن المؤسسة العسكرية أعربت عن رفضها المطلق للأجندة التي اعتمدها تبون في اللحظة الأخيرة، مشيرة إلى أنه لم "يُعلم ويبلغ مسبقا بمسألة عقده لقاء خاص ورسمي مع ماكرون" وأنها لم تستسغ الغموض الذي ساد حول طبيعة المواضيع والملفات التي تناولها الرئيسان في اللقاء المثير.

وقالت المصادر ذاتها إن العلاقات مع فرنسا وقادتها بالنسبة لرئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة وغيره من صناع القرار في الجيش يجب أن تخضع للإشراف والمراقبة بسبب تباين المصالح حول العديد من القضايا الجيوسياسية على غرار قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية، التي خالفها الرئيس الجزائري وسارع إلى لقاء نظيره الفرنسي بعد ساعتين فقط من وصوله إلى الأراضي الإيطالية.

وأفادت المصادر الجزائرية ذاتها بأن العديد من المواضيع التي يناقشها تبون وماكرون تظل سرية ونادرا ما يتقاسم القصر الرئاسي بالمرادية مضمونها مع مراكز صنع القرار الأخرى في النظام الجزائري، مشيرة إلى أن هذا التصرف أزعج هيئة الأركان وأجهزة أخرى.

وكان تقرير صادر عن "ميناس أسوسييتس" الشركة البريطانية المتخصصة في التحليلات الإستراتيجية والسياسية قد أشار في شهر مارس الماضي إلى وجود ضغوط متزايدة يمارسها شق من قادة الجيش على الرئيس الحالي من أجل التنحي، لافتا لوجود خلافات وجهود من قبل بعض القيادات العسكرية الكبرى للتخلي عن تبون في ظل إخفاقات سياسية ودبلوماسية عديدة من بينها ملف الصحراء المغربية الذي حققت فيه الرباط انتصارات دبلوماسية كبرى وتوتر علاقة الجزائر بدول الساحل الافريقي وكذلك بعض الدول الأوروبية.

وشدد التقرير على أن بعض أجنحة النظام لا تفضل الرئيس الحالي الذي صعد في سنة 2019 بدعم من المؤسسة العسكرية لاحتواء غضب الحراك الشعبي الذي أنهى حكم الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.

لكن مجلة الجيش نشرت بعد ذلك تقريرا اثنت فيه على انجازات تبون خلال عهدته الرئاسية الأولى في خطوة وصفت بأنها دعاية سياسية وتزكية مسبقة لترشحه لولاية رئاسية ثانية.

إلا أن البعض اعتبرها أيضا محاولة للرد على ما راج من تقارير حول خلافات بين الرئاسة وقادة في المؤسسة العسكرية التي تشكل  جزء من النواة الصلبة للنظام ومحاولة أيضا لإبقاء الخلافات طي السرية كما جرت العادة خشية ارتداداتها على الشارع الذي يعيش حالة احتقان اجتماعي لم تهدأ منذ الحراك الشعبي في 2019.

وتذهب بعض القراءات إلى أن الخلافات المكتومة نسبيا قد تؤثر على موقف المؤسسة العسكرية التي كانت قد أعلنت في بيان افتتاحي سابق نشرته مجلة 'الجيش'، دعمها القوي والصريح لاستمرار الرئيس الحالي في الحكم لولاية رئاسية ثانية.

 وجاء البيان بعد أقل من أسبوعين من دعوات مباشرة من نواب كتل أحزاب الموالاة لتبون بالترشح لسباق الرئاسة.

وسلط التعليق الافتتاحي للمجلة الضوء على التقدم الذي تحقق خلال الفترة الرئاسية الأولى لتبون، مشيدا "بما تحقق في ظرف أربع سنوات، مضيفة أن "كل المؤشرات والمعطيات تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أن بلادنا تتطور بسرعة".

وفي مواقف معاكسة استمرت العديد من الأحزاب ومعظمها لا يتمتع بوزن سياسي مؤثر، في الدعوة وفي مناشدة تبون للترشح لولاية رئاسية ثانية وذلك على اثر دعوات سابقة من أحزاب الموالاة.

وفي المقابل تعمل المعارضة الجزائرية في الداخل والخارج لتوحيد صفوفها وسجلت الانتخابات ترشّح كل من زعيمة حزب العمال التروتسكية لويزة حنون والناشطة الحقوقية ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير زبيدة عسول.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات