أخبار عاجلة

22 فيفري الذكرى الخامسة للحراك الشعبي السلمي الرافض للإستبداد العسكر

يصادف اليوم 22 شباط/ فبراير، الذكرى الخامسة في الجزائر لانطلاق الحراك الشعبي، تلك الموجة الشعبية العارمة التي باغتت النظام السياسي وأنهت حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يستعد للاستمرار في الحكم لعهدة رئاسية خامسة.

ولا يزال يمثل هذا اليوم في الوجدان السياسي الجزائري، تاريخا فاصلا يؤرخ لمرحلة جديدة، تولى فيها الجزائريون بأنفسهم تصحيح المسار عبر مسيرات شعبية ضخمة اجتاحت كل الولايات دون استثناء مرددة شعارات “لا للعهدة الخامسة”، بعد محاولات فرض رئيس مريض عاجز عن الحركة والكلام، ليقود البلاد لعهدة رئاسية خامسة، مدعوما بزمرة من المنتفعين من السياسيين ورجال الأعمال الذين كان همهم الوحيد بقاء مصالحهم.

وهكذا، كان الحراك الشعبي في جوهره، ردّة فعل على شعور عميق للجزائريين بالإهانة، عبّر فيها المواطنون عن وعي كبير باللحظة والتزموا فيها بالسلمية التي صارت شعارا يطلق على المسيرات الشعبية العارمة كل يوم جمعة، في موقف كسر فيه الجزائريون كل التصورات النمطية التي كانت تجعل خروجهم للشارع مرادفا للعنف. وقد استمرت المسيرات على هذا النحو أشهرا طويلة، بهدف محدد هو التغيير الجذري حتى وإن اختلفت المسارات والتفاصيل في تحقيقه.

ولا تزال إرهاصات تلك الفترة حاضرة اليوم، على الرغم من الهدوء الذي يعرفه الشارع. ومن أبرز الملفات التي لا تزال عالقة، وفق ما يقول حقوقيون، قضية المعتقلين التي وإن عرفت تصفية لعدد كبير من الملفات، إلا أنها العديد من السجناء لا يزالون ينتظرون الإفراج، كما أن منهم من يزال قيد المتابعة القضائية، سواء ما تعلق بأحداث الحراك الشعبي أو ما تبعه من ملاحقات تتعلق بما تلا تلك الفترة. كما توجد قضية الأحزاب والجمعيات التي تم تجميد عملها أو حلّها بموجب قرارات قضائية ومسائل تتعلق بالحريات الإعلامية والسياسية لا تزال محل نظر.

وتأتي هذه الذكرى اليوم وسط جدل متجدد حول الطريق الذي أخذته الجزائر في مرحلة ما بعد الحراك الشعبي، بين من يقول إنه كان آمنا بتنظيم الانتخابات الرئاسية سنة 2019، وبين من يعتبر أنه كان التفافا على مطالب الحراك. وهو نقاش يتزامن مع استعداد الجزائر لتنظيم انتخابات رئاسية يرجح أن تكون نهاية هذا العام، لكن في ظل معطيات سياسية تبدو مختلفة، أهمها تلاشي الكتلة الضاغطة في الشارع، ما يوفر للسلطة السياسية أريحية في التعامل مع هذا الاستحقاق الانتخابي، ويفرض على المعارضة تبني خيارات أخرى من بينها العودة للمشاركة في الانتخابات بعد المقاطعة التي تكرست منذ فترة الحراك الشعبي بهدف الضغط على النظام السياسي.

ومن هذا المنطلق، برزت عدة دعوات مؤخرا لاستغلال مناسبة الانتخابات الرئاسية، من أجل تقديم مرشح توافقي يجمع المعارضة، لكن لا يلقى الإجماع دائما. ومؤخرا، قال الناشط عبد الكريم زغيلش إن الفكرة التي أطلقها حول اختيار مرشح توافقي للمعارضة بمناسبة رئاسيات 2024، قد باءت بالفشل.

وتحسّر زغليش لكون هذا المشروع كان سيسمح للمعارضة الحقيقية أن تبرهن للجزائريين أن لديها مشروعا وتستطيع أن تكون البديل، وبالتالي الخروج ممّا سمّاه حالة التصحر السياسي الذي نعيشه، ومن سياسة الأمر الواقع المفروضة علينا، على حد قوله.

وتقابل فكرة المرشح التوافقي عادة لدى من يرفضونها، بكون المشاركة في الانتخابات تعطي شرعية للنظام السياسي، وهو ما ردّ عليه زغليش بأن هذا التصور خاطئ، معتبرا أن من يظن أن “النظام يحتاج إلى شرعيته فهو يحلم”.

ومن جانب السلطة وأحزابها، تبدو الرؤية واضحة في كون الانتخابات الرئاسية سنة 2019 مكّنت الجزائر من تجاوز المجهول، على حد وصفهم. وتعزز هذا الشعور لدى مساندي الرئيس عبد المجيد تبون، في ظل ما تعيشه الجزائر من تحديات كبيرة فرضها الواقع الإقليمي والدولي المضطرب، ومحاولة قوى تفتعل أزمات على الجوار الجنوبي والشرقي، لمحاولة ضرب استقرار البلاد، وهو ما يوجب حسبهم  توحيد الجبهة الداخلية ومواجهة هذه التحديات بروح من المسؤولية.

وعلى هذا الأساس، يبدو ترشح الرئيس تبون لعهدة ثانية الخيار الأنسب لدى الأحزاب التي دعمت عهدته الرئاسية الأولى، مع جعل الإنجازات الاقتصادية التي تحققت بحسبهم في عهده منطلقا لإقناع الجزائريين بضرورة استمراره.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات