أخبار عاجلة

المغاربة يبدعون في صيغ التضامن مع الشعب الفلسطيني من الأغنية إلى الكاريكاتير

تعددت في المغرب صيغ التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، ودعم القضية الفلسطينية، وكانت الكلمة واللحن والرسم والموقف الثقافي ضمن تلك التعابير.
ومن الفنانين المغاربة، الذين بادروا إلى التعبير بشكل ابداعي عن موقفهم، نجد الموسيقار نعمان لحلو، الذي بادر إلى إطلاق أغنية كان لها الوقع الحسن، ونالت الاعجاب بشكل كبير، واختار لها عنوان «غزة وشهود الزور».
وعن هذه «التحفة النضالية»، كما سماها عدد من المتتبعين للمشهد الفني، قال نعمان لحلو في تصريح لـ «القدس العربي»، إنه «شخصيا لا أظن أن أي مبدع في أي مجال أو صنف إبداعي يمتلك حسا إنسانيا، لا يمكنه التفاعل مع ما يقع للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من تقتيل وتهجير قسري، فما بالك بمبدع تجري في عروقه دماء الانتماء لهذا الوطن العربي الكبير، وأكثر من ذلك مغربي له تاريخ تليد مع الانتصار للقضية الفلسطينية ودعم شعبها دون قيد أو شرط».
ويضيف الموسيقار المغربي، «لذلك فأغنية (غزة وشهود الزور) هي نتاج متابعتي اليومية لمجريات المجازر، التي تقع في قطاع غزة، نتاج ألم وغضب يستبد بي من هول هذه البشاعة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق إخوتنا في فلسطين، والتي أيقظت الضمير الإنساني بعد توالي يوميات القتل، وخرجت الحشود في كل بقاع العالم لدعم ونصرة الشعب الفلسطيني».
وأضاف المتحدث، أن «كلمة شهود الزور تلخص المعنى الأساس من الأغنية، فهي ليست للتضامن العابر والتعبير عن الموقف بشكل مناسباتي، بل ثبات على المبادئ التي عبرت عنها، مثلما يعبر عنها المغاربة وهم يجوبون الشوارع في مسيرات تضامنية أو وقفات احتجاجية ضد ما تقترفه آلة القتل الإسرائيلية».
و«خلاصة القول» يبرز الموسيقار لحلو، «الأغنية هي محطة في مسيرتي الخاصة المناصرة للقضية الفلسطينية، والداعمة لإخوتنا في فلسطين، هي قناعة راسخة بأن تلك الأرض يجب أن تتحرر وذلك الشعب يجب أن ينعم بالحرية والاستقلال والعيش في سلام وكرامة».
فنيا دائما، وفي مجال فن الكاريكاتير، نجد الفنان عبد الله الدرقاوي الفائز بجائزة «ناجي العلي» للعام 1993، وقد أبدع لوحات غاية في التعبير عما يجري في غزة، لوحات حرص على أن يعبر من خلالها عن موقفه الذي يتوحد فيه كل المغاربة.
الدرقاوي في تصريح لـ «القدس العربي»، أكد أن ذلك يدخل «في إطار اهتمامنا كمغاربة بالقضية الفلسطينية»، أما «اهتمامنا كرسامي الكاريكاتير بالقضية فقد كان منذ ظهور هذا الفن في بلادنا في الستينات الى اليوم، وكانت لنا لوحات تعكس معاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي على صفحات الجرائد الوطنية، وما زالت القضية الفلسطينية تأخذ حيزا مهما من رسومات فنانينا المغاربة باختلاف أجيالهم إلى جانب قضيتنا الوطنية في لوحاتهم الكاريكاتيرية على صفحات الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي».
وعاد الفنان الدرقاوي في حديثه لـ «القدس العربي»، إلى الذاكرة: «بداياتي الأولى في فن الكاريكاتير، حين بدأت خطواتي الأولى بفوزي بجائزة «ناجي العلي» للكاريكاتير التي نظمت في لندن سنة 1993 كما سبق لي أن فزت بالجائزة الاولى لموقع الكاريكاتير الإيراني الشهير (إيران كارتون) وقد نالت اللوحة الفائزة شهرة عالمية واسعة بسرعة فائقة، خاصة بعد أن تم تداولها على كل المواقع الالكترونية، كما عبر عدد كبير من المتفاعلين معها عن تعاطفهم الشديد مع الفلسطينيين، خاصة وأنهم اليوم في غزة يعيشون تكرار الظروف المأساوية نفسها التي مر منها اليهود في معاناتهم مع الاضطهاد والقمع والتنكيل». وأوضح أن «اليوم نلاحظ كرسامي الكاريكاتير وكمغاربة وكعرب أننا لسنا وحدنا من يتضامن ويناصر غزة في حرب الإبادة التي تشن عليها بتواطؤ دولي، بل هناك عدد كبير من رسامي الكاريكاتير في العالم بدأت رؤيتهم للقضية الفلسطينية تتغير بشكل منصف للقضية ولحقوق الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أبشع احتلال عرفه التاريخ».
وبالنسبة لعبد الله الدرقاوي، فإن «رسامي كاريكاتير لهم شهرة عالمية، لأول مرة يرسمون انتصارا لأطفال غزة وهي سابقة يرجع الفضل فيها لوسائل التواصل الاجتماعي التي كشفت وجه اسرائيل البشع والاحتلال العنصري الذي ما زال يستعبد ويحاصر ويقتل بدون رقيب أو حسيب أو احترام للقانون الدولي».
واستشهد الفنان الدرقاوي بما قاله رسام الكاريكاتير الشهير فاسكو جارجالو في حديث لمجلة «دومينغو» البرتغالية (أنا لست من الذين يعتقدون أنَّ الرسوم الكاريكاتيرية يمكن أن تغير العالم، إنها من وجهة نظري يمكن أن تساعدنا على التفكير في القضايا، وبإمكاننا أن نبتسم في القضايا الجادة من خلال الفكاهة المصورة، كما لو كانت مُسكنا لآلامنا….) ويوضح المتحدث، «في لوحته (محرقة غزة) عبر هذا الفنان التقدمي بضميره الحي وإحساسه الإنساني المرهف عن مآسي هذا الشعب الفلسطيني المناضل ضد أبشع احتلال عرفه التاريخ».
في الضفة الرحبة للموقف الثقافي، يؤكد الناقد والباحث المغربي محمد الديهاجي، أن «غزة وصمة عار على جبين البشرية جمعاء»، ويقول في تصريح لـ «القدس العربي»، «إن ما يقع اليوم، في قطاع غزة، يعتبر كارثة إنسانية حقيقية، بكل المقاييس والأعراف الدولية، من تأليف وإخراج الكيان الصهيوني الغاشم».
ويبرز، أنه «لا يمكن لأي عاقل في العالم، إلا أن يُدين ويستنكر بشدة، فعل التقتيل الممنهج، من طرف عسكر هذا الكيان، في حق أطفال ونساء وشيوخ مدنيين عزل، سوى لأنهم فلسطينيون، حيث ستبقى غزة وصمة عار على جبين البشرية جمعاء».
ويصف ذلك بأنه «إرهاب منظم، مع سبق الإصرار والترصد، تحت شرعية المؤسسات الدولية، ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، إذ ليست إسرائيل سوى مقاولة عسكرية أمريكية متقدمة، الهدف منها حماية مصالح (ماما أمريكا)في منطقة الشرق الأوسط».
وبحق، يؤكد المتحدث، فإن «سردية الإرهاب الصهيوني، في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، مستفزة، متخصصة في صناعة الموت، ولا تريد لأي سلام أن يقوم في المنطقة، على الرغم من أنها تدعي في ظاهر خطاباتها ذلك».
ومن سردية «الإرهاب الصهيوني» يمر الديهاجي إلى «سردية المقاومة»، التي «أحرجت.. وجعلت الضمير الحي الإنساني يستيقظ من جديد، بعد أن عطلته الآلة الاستعمارية الجديدة، التي ما فتئت تحاربه بكل مظاهر التفاهة، إذ أصبحنا نلاحظ، يوما بعد يوم، تعاطفا كبيرا من طرف الشعوب مع الفلسطينيين المعزولين في خندق المواجهة لوحدهم».
ويتابع المتحدث كلامه عن «سردية المقاومة»، مؤكدا أنها «فضحت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر»، كما أنها «جعلت للموت، في فلسطين، معنىً وفلسفة، أشهى من حياة الذل والهوان.
وبالنسبة لمحمد الديهاجي، فإن «كل هذه المآسي، التي تقع للشعب الفلسطيني، كل يوم، لم تكن لتقع، لولا أنه شعب فلسطيني.. فلسطيني حر، اختار المقاومة سبيلا إلى سردية الحياة الحقة، نكاية بالظلم والجنون والغباء، الذي أصاب زعماء الكيان الصهيوني، وغطرسة السردية الأمريكية، في شخص سياساتها الدولية الفاشلة، الراعية الأولى والأخيرة، لهذا الإرهاب البربري. فمعنى أن تكون فلسطينيا، يفرض عليك أن تسلم بقدرك كمواطن فلسطيني أولا، وأن تجعل من القضية الفلسطينية مسألة حياة أو موت، حتى وإن كنت ما تزال صبيا في المهد».
قال الشاعر والباحث الأكاديمي المغربي أحمد زنيبر، إن «فلسطين الذاكرة والوجدان»، و»مهما تعددت الأسباب والمبررات، ومهما تشابكت الرؤى والتقاطعات بشأن التفكير في فلسطين، باعتبارها قضية وطن وإنسان؛ فإنها لم تحد عن منزع مركزي يستحضر الحق في الوجود، هدفا ومطلبا». ويوضح متحدثا لـ «القدس العربي»، أنه «لعل ما تحيل إليه هذه الأرض المباركة من أبعاد رمزية، قبل أبعادها الجغرافية، يؤكد الأهمية الكبرى التي تحظى بها، عربيا ودوليا. فمنذ اندلاع الأزمة في أربعينيات القرن الماضي، والحديث عن فلسطين مرتبط بسؤال الهوية والكينونة».
ويشدد الشاعر المغربي على أن «فلسطين جزء من ذاكرتنا ووجداننا، يجمعنا وإياها أفق عربيّ مشترك، وصلات ثقافية ممتدة في الزمان والمكان، تجسدت في أواصر المحبة والإخاء في أكثر من مناسبة»، وخير شاهد على ذلك ما دبجته «أقلام المؤرخين والأدباء والشعراء المغاربة من نصوص خالدة عن فلسطين».
ويختم الشاعر والباحث المغربي بقوله «لنا في الكتابة طوفان، ولنا في الكلمة انتفاضة محبة وأخوة، ولنا في هذا وذاك، دعوة نبيلة لاستحضار صوت الحكمة».

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات