أخبار عاجلة

جون أفريك: عندما وعد بوتفليقة بـ”فتح سفارة جزائرية في تل أبيب

بينما اعترفت إسرائيل لتوها بسيادة المغرب على صحرائه، في قرار وصفته الدبلوماسية الجزائرية بأنه يعد “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.”، عادت مجلة “جون أفريك” الفرنسية في تقرير أعده الصحافي الجزائري فريد عليلات إلى حدث اعتبرت أنه كان من الممكن أن يغير وجه العلاقات الإسرائيلية العربية في عام 1999.

وبحسب الكاتب، أوشكت العلاقات الجزائرية- المغربية أن تشهد تقارباً حقيقاً، في عام 1999، وكذلك أيضا العلاقات الجزائرية- الإسرائيلية، مع وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة.

وبحسب التقرير، اعتبر العاهل المغربي حينها، الملك الراحل الحسن الثاني، أن وصول بوتفليقة للحكم يعد فرصة حقيقية لتسوية قضية الصحراء ، التي تسمم العلاقات بين الرباط والجزائر، بشكل نهائي؛ لاسيما أن الرئيس الجديد (بوتفليقة) – وهو من مواليد مدينة وجدة المغربية عام 1937 وعاش هناك حتى رحيله إلى الجزائر بعد الاستقلال في يوليو 1962 حين كان وزيرا للخارجية الجزائرية  لم يكن في الحقيقة غير مؤيد لخطة الحكم الذاتي المغربية لتسوية هذا الصراع المستمر منذ عام 1975.

ويذكر الكاتب أنه بعد أن أصبح رئيسا، لم يخف بوتفليقة رغبته في لعب دور قيادي في هذا الملف. فقد تباهى أمام دبلوماسيين جزائريين، في مايو 1999، بعد أقل من شهرين من انتخابه، قائلاً: “سترون أنني سأكون قد حسمت مسألة الصحراء الغربية في غضون ستة أشهر”. وأضاف أنه بعد أيام قليلة من ذلك، في 21 يونيو على وجه التحديد، استقبل بوتفليقة إدريس البصري، وزير الداخلية المغربي آنذاك وأحد المقربين من الحسن الثاني، وكان على جدول الأعمال: تسوية نزاع الصحراء الغربية، وإعادة فتح الحدود البرية المغلقة منذ أغسطس 1994، وتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين. وتم التفاهم على لقاء بين الرئيس الجزائري والعاهل المغربي في شهر يوليو عام 1999.

وقال الكاتب إنه بدا أن ساعة المصالحة بين البلدين والشعبين دقت أخيراً، لكن القدر سيقرر خلاف ذلك، ففي يوم الجمعة 23 يوليو 1999، توفي الحسن الثاني بالرباط بعد ثمانية وثلاثين عاما من الحكم، تاركاً الحكم لولي عهده ابنه الأكبر محمد السادس.

وأضاف أن اختفاء الحسن الثاني أدى إلى إغراق بوتفليقة في مأزق، وقد أصدر هذا الأخير، بعد وقت قصير من إعلان الوفاة، قرارا بالحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام قبل توجهه إلى الرباط لحضور الجنازة المقررة يوم الأحد 25 يوليو عام 1999. وعلى هامش هذه الجنازة، حصل حدث غير مسبوق أمام الكاميرات والمصورين، قيل لاحقا إنه لم يكن مخططاً له.

وزعم الكاتب أنه بينما كان على متن الطائرة متوجها إلى الرباط، أُبلغ عبد العزيز بوتفليقة من قبل أحد أفراد طاقمه بأن المغاربة يريدونه أن يلتقي برئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك (تم انتخابه يوم يوليو عام 1999)، والذي وصل المغرب هو الآخر لحضور جنازة الراحل الحسن الثاني. فلم يبد بوتفليقة أي اعتراض على مصافحة الزعيم الإسرائيلي. وأضاف أن الرئيس الجزائري، الجديد وقتها، كان يكرر مرارا أنه موجود لكسر التابوهات (المحرمات)، وأنه سيكون وسيظل رجل جميع المصالحات وأنه لا يخاف من أي شيء أو أي شخص.

وقال الكاتب إنه قبل انطلاق موكب الجنازة، في القصر الملكي بالرباط، تقدم الرئيس الجزائري بخطوة حازمة نحو إيهود باراك ليصافحه بحرارة. وقال له هذا الأخير: “إذن، سيدي الرئيس، ألا تنضمون إلى عملية السلام في الشرق الأوسط من أجل تطبيع علاقاتنا؟” فرد بوتفليقة: “اعترفوا بحقوق الشعب الفلسطيني وسأفتح أكبر سفارة هناك في تل أبيب”. وتابع: “إذا كنتم بحاجة إلى مساعدة، فأنا على استعداد تام”. وأشار الكاتب إلى أن الحديث بين الرجلين استغرق سبع دقائق، في سابقة من نوعها.

ويؤكد التقرير أنه من المسلم به أنه تم إجراء اتصالات سرية في الماضي بين مسؤولين جزائريين وإسرائيليين، لكن هذه هي المرة الأولى التي يصافح فيها رئيس جزائري أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين قادوا القوات خلال الحربين العربيتين- الإسرائيليتين اللتين شارك فيهما جنود جزائريون. لكن بوتفليقة الذي كان قد حذر من أنه لن يكون مثل أسلافه، أوفى بوعوده، عندما خرق أحد المحرمات، يوم الأحد 25 يوليو عام 1999 في الرباط: التحدث مع زعيم إسرائيلي ووعده بفتح سفارة جزائرية في تل أبيب في حالة اعتراف إسرائيل بدولة للفلسطينيين.

وبحسب التقرير، فخلال إحدى زياراته إلى باريس إبان فترة ولايته الرئاسية الأولى، التقى بوتفليقة سراً مع رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية وقتها شمعون بيريز. وذلك من خلال جرّاح فرنسي- إسرائيلي بارز مقيم في فرنسا. لكن اليوم وبعد أربعة وعشرين عاما، فإن مثل هذا الاجتماع بين زعيم جزائري ومسؤول إسرائيلي يبدو مستحيلاً ولا يمكن تصوره. تمامًا مثل المفاوضات بين المغرب والجزائر بهدف تسوية مسألة الصحراء الغربية.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات