أخبار عاجلة

ما الجدوى الاقتصادية من انضمام الجزائر الى مجموعة "بريكس"

تراجع الحديث عن إنضمام الجزائر لمجموعة « بريكس » محليا، بينما تربط الصحافة الأجنبية كل تحرك دبلوماسي للجزائر بمساعيها للانضمام إلى هذه المجموعة

وتدخل الزيارة التي يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون للصين (تبون سافر إلى الصين مباشرة من قطر الاي زارها ليومين) لمدة خمسة أيام، ضمن هذه المساعي، حسب صحيفة « لوموند » الفرنسية مثلا. في حين تداولت عدة مواقع إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، خبر معارضة الهند إنضمام الجزائر لمجموعة « بريكس »، دون أن تنقل الخبر وسائل الاعلام التقليدية، من صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعية

ومن المقرر أن تعقد مجموعة البريكس قمتها، شهر أوت القادم بجنوب إفريقيا. وهي القمة التي ينتظر أن تناقش توسيع المجموعة إلى أعضاء أخرين، بعدما بلغ عدد الدول المترشحة لذلك، 13 دولة، منها الجزائر

مجموعة « بريكس » هي تكتل بدأ عام 2001 بين أربع دول، هي روسيا والصين والهند والبرازيل. وعقدت المجموعة أول قمة عام 2009، لتعرف إنضمام دولة خامسة، هي جنوب إفريقيا، عام 2011. وزاد الاهتمام بمجموعة ال »بريكس » مع اندلاع الحرب الاوكرانية التي أدت الى فرض عقوبات إقتصادية على روسيا. وردت هذه الأخيرة بإجراءات وقرارات موازية، خاصة تلك المتعلقة بالطاقة، حيث قررت أوربا مقاطعة الغاز والبترول الروسي، لترد روسيا بوقف تعاملاتها التجارية بالدولار الأمريكي في مجال المحروقات… وهكذا برزت فكرة بعث عملة جديدة تكسر احتكار الدولار الأمريكي للمعاملات التجارية العالمية

ال »بريكس » للحفاظ على الوضع القائم

في هذا السياق برز اهتمام الجزائر بالانضمام الى مجموعة ال »بريكس » دون شرح معمق ولا نقاش كافي لما تريد الجزائر أن تحققه من هذه الخطوة. فمجموعة ال »بريكس » هي تكتل إقتصادي بالدرجة الأولى، وعليه قبل التفكير في الانضمام إليها نحن مطالبون بتقييم شراكاتنا الحالية، أبرزها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوربي. وفي هذا المجال، يجمع الخبراء الاقتصاديون على فشل الجزائر في تحقيق أهداف شراكتها مع الاتحاد الاوربي، خاصة منها نقل التكنولوجيا وفتح أسواق خارجية للإنتاج الوطني وجلب الاستثمارات… وأضحت مراجعة الاتفاق من انشغالات الحكومة الجزائرية، دون معرفة البنود التي نريد مراجعتها أو تلك التي نريد إدراجها لتحقيق شعار « رابح رابح » الذي ترفعه الحكومة الجزائرية

ولا تختلف وضعية الشراكة الجزائرية القائمة مع دول ال »بريكس » حاليا، عن تلك القائمة مع الاتحاد الاوربي. بل أكثر من ذلك، تطغى الاعتبارات السياسية على العلاقات الاقتصادية الجزائرية مع الصين وروسيا مثلا، ما يجعل تقييم نجاعة هذه العلاقات من زواية الربحية أمرا في غاية الصعوبة، وفضيحة الطريق السيار شرق غرب، الذي منحت صفقته للشركة الصينية « سي أر سي سي » بنسبة شبه كلية، نموذج حي عن طبيعة الشراكة التي تربط الجزائر بالصين على الصعيد الاقتصادي المشكل إذن مطروح على مستوى المنظومة الاقتصادية الجزائرية وليس على مستوى اتفاقات شراكتها مع الاقتصاديات العالمية، وطالما الجزائر مستعدة لرهن مصالحها الاقتصادية في سبيل حسابات سياسية، فالانضمام إلى ال »بريكس » ستكون نتائجه مثل نتائج الشراكة مع الاتحاد الاوربي، أي الفشل

وواضح من خلال خطابات الرئيس عبد المجيد تبون وقراراته أن الجزائر ليست مستعدة لاجراء التحول الجذري في منظومتها الاقتصادية. كما لا تسعى الجزائر للانضمام إلى ال »بريكس » من أجل التقدم في الإصلاحات الاقتصادية، بل عكس ذلك يركز الحطاب الرسمي بخصوص هذه الخطوة عن مسألة السيادة واستقلالية القرار… ما يعني أن الجزائر لا تريد إصلاحا اقتصاديا، بل تبحث عن تكتلات تسمح لها باستمرار نموذجها الاقتصادي القائم على الريع البترولي بدرجة كبيرة
الإنشغال الثاني الذي دفع الجزائر إلى الإسراع بالترشح للانضمام إلى ال »بريكس » يتعلق بالضغوط التي تواجهها من العواصم الغربية بخصوص ملف حقوق الانسان واحترام الحريات السياسية والاعلامية وحرية التظاهر… وهي ضغوط تجاوزتها الجزائر إلى حد كبير، طيلة العشريات السابقة، وعادت إلى الواجهة مع انطلاق سياسة القمع التي رافقت الحراك الشعبي منذ جوان 2919

وبعيدا عن ال »بريكس » هناك تكتلات عالمية عديدة، تكتل « سيفتس » الذي يضم تركيا ومصر وكولومبيا واندوتيسيا، أو تكتل « ال11 القادمون » الذي يضم البنغلاداش ومصر والمكسيك وإيران وكوريا الجنوبية ونيجيريا… وكل هذه التكتلات تدل على أن فكرة العالم المتعدد الاقطاب التي ترافع من أجلها الجزائر إنطلقت منذ فترة طويلة، وبلادنا متأخرة في هذا المجال بسبب الشلل الديبلوماسي الذي أصابها خلال فترة حكم بوتفليقة وكذا عدم استعداد الحكومة لأي إصلاح سياسي أو اقتيادي يساعد الجزائر على المبادرة باي تكتل مع دول الجوار أو الانضمام إلى تكتلات عالمية

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات