تحادث الرئيسان عبد المجيد تبون وإمانويل ماكرون عبر الهاتف مجددا واتفقا هذه المرة على اتمام زيارة تبون لباريس واتفقا على العمل بجد على انجاح هذه الزيارة.
تكشف الاخبار المتداولة في الصحافة الفرنسية عن أسباب تأجيل الزيارة من بداية ماي الى منتصف جوان، والحديث أحيانا عن إلغاء الزيارة من الاساس، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية محل مساومات سياسية في الضفتين الشمالية والجنوبية، في ظل المتاعب التي يواجهها الرئيسان، تبون وماكرون
كل رئيس بحاجة إلى الآخر لفك الحصار المفروض عليه داخليا وعلى الصعيد الجيوسياسي. الرئيس ماكرون يواجه تحدي الحفاظ على المصالح الفرنسية في إفريقيا، أمام تقدم النفوذ الروسي في مالي والتشاد… وآخر الاخبار تشير إلى توجه الاهتمام الروسي نحو كوت ديفوار
وحتى الوجود الإسرائيلي في المغرب لا يمكن تجاهل تأثيره على المصالح الفرنسية. وعليه يمكن اعتبار الجزائر الحليف الاستراتيجي الأخير لباريس في القارة السمراء، عكس ما الإعتقاد السائد عند الصحافة الفرنسية، التي تصف تمسك ماكرون بعلاقته مع تبون ب »العمى » (لوفيغارو معازين) أحيانا أو أن خسائر هذا التقارب أكثر من فوائده (لومنوند)، أو اعتبار التقارب مع الجزائر هو سبب تدهور العلاقات مع المغرب…
في الواقع هذه الانتقادات الموجهة لماكرون بخصوص سياسته اتجاه الجزائر، تخضع لخلفيات اخرى، أهمها التراجع الرهيب لشعبية الرئيس الشاب الذي استطاع في ظرف قصير أن يقلب المشهد السياسي الفرنسي رأسا على عقب. والظاهر أن فرنسا تجاوزت مرحلة تفكيك المشهد السياسي القديم، ودخلت مرحلة إعادة ترتيب المشهد السياسي وفق منظومة جديدة. وتعتبر الرؤية الرسمية الفرنسية لمستعمراتها القديمة، واحد من العناصر المشكلة للمنظومة السياسية الفرنسية والتي تحتاج للتجديد. وتشكل الجزائر داخل هذا العنصر، المادة الأكثر إستقطابا للطبقة السياسية الفرنسية
وفي الضفة الأخرى، أي عندنا في الجزائر، لا تقل متاعب الرئيس تبون عن تلك التي يواجهها ماكرون. فهذا الأخير أعيد انتخابه لقطع الطريق أمام ممثلة اليمين المتطرف ليس أكثر. في حين لم يتمكن تبون من بناء تحالفات أو أدوات سياسية جديدة تسمح له بخوض معركة العهدة الثانية، علما أنه فاز بالعهدة دون أي مساندة من حزب أو تيار سياسي وبمشاركة شعبية ضعيفة. وفي ظل جهل تبون ومحيطه لما يخفيه المشهد السياسي حاليا، أصبحت ورقة التخويف من المؤامرة الخارجية هي الورقة الأكثر قابلية للتوظيف وتبرير استمرار الغلق السياسي والاعلامي. وكيف يمكن الحديث عن المؤامرة الخارجية دون اقحام فرنسا والمستعمر القديم؟ الأمر شبه مستحيل طبعا وأي محاولة لإبعاد فرنسا عن هذا الموضوع يعني سقوط مفعوله
إلى أي مدى يستطيع ماكرون تحمل خطاب معاداة فرنسا الصادر عن أوساط سياسي لم تعد خفية علاقتها بمحيط الرئيس عبد المجيد تبون الذي يثق فيه ماكرون كثيرا؟ قد تكون الزيارة المقررة منتصف شهر جوان مناسبة لإزالة آخر ما تبقى من اللبس حول حقيقة العلاقة السائدة بين باريس والجزائر وطبيعة الخلافات المطروحة بينهما منذ بداية الحراك الشعبي في فيفري 2019
تبون يعتبر فرنسا حليف استراتيجي في السراء والضراء

تعليقات الزوار
لا تعليقات