أخبار عاجلة

سانشيز يلعب على الحبلين في نزاع الصحراء لتفادي أزمة مع المغرب والجزائر

طالب رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز في خطابه أمام أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة بحل سياسي لنزاع الصحراء الغربية، وتجنب الحديث عن تقرير المصير لعدم إغضاب المغرب، وتفادى الحديث عن دعم الحكم الذاتي تقربا من الجزائر لتحقيق المصالحة.

وجاءت تصريحات المسؤول الإسباني ليلة الخميس، وكانت أنظار عدد من الدول تتجه لمضمون خطابه حول قضايا على رأسها نزاع الصحراء، لأنه الملف الذي يمارس تأثيرا كبيرا على العلاقات الدولية في غرب البحر الأبيض المتوسط، وأساسا المغرب، والجزائر، وإسبانيا، وفرنسا.

ويأتي الاهتمام بخطاب بيدرو سانشيز بسبب موقفه الداعم للحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب حلا للنزاع، ثم محاولاته خلال الأسابيع الأخيرة للمصالحة مع الجزائر التي سحبت سفيرها من مدريد، وعلقت العمل باتفاقية الصداقة وحسن الجوار كرد فعل على هذا الموقف.

وخصص سانشيز فقرتين أمام الدورة 77 للجمعية العامة، حيث يقول في الفقرة الأولى حرفيا “لا يمكننا جر الصراعات من القرن الماضي. ولهذا السبب، فيما يتعلق بمنطقة مهمة للغاية لإسبانيا مثل الصحراء الغربية، تؤيد إسبانيا حلاً سياسيًا مقبولاً للطرفين، في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبهذا المعنى، فإن عمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يبدو أساسيًا بالنسبة لي، وأود أن أقول إنه يحظى بالدعم الكامل من حكومة إسبانيا”. ويضيف في فقرة أخرى “سيواصل بلدي، إسبانيا، دعم السكان الصحراويين في المخيمات، كما فعل دائمًا، كونه المانح الدولي الرئيسي للمساعدات الإنسانية لمخيمات اللاجئين الصحراويين”.

وكانت تصريحات سانشيز دقيقة للغاية، فقد بحث عن توازن في ظل التحديات التي تواجهها دبلوماسية مدريد في التعامل مع كل من المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو ثم الداخل الإسباني. وعلاقة بهذا، فقد تجنب ذكر تقرير المصير في خطابه، وبهذا تجنب التسبب في أزمة مع المغرب، لا سيما وأن الرباط كانت تحبّذ إشارته إلى الحكم الذاتي ليكتسب المقترح زخما سياسيا، لا سيما وأنه سيكون أمام الجمعية العامة ومن طرف دولة كانت قوة استعمارية وتأخذ الأمم المتحدة برأيها.

ومن جانب آخر، تجنب تأييد الحكم الذاتي عكس ما سطّر عليه في الرسالة التي وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس منتصف مارس الماضي وفي البرلمان في يونيو الماضي. وشدد على حل سياسي مقبول من الطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة. وبهذا، فقد سعى إلى تهدئة الأطراف الداخلية التي انتقدته بسبب دعمه الحكم الذاتي، سواء تيارات وسط الدولة أو حزب “بوديموس” الذي يشكل معه الائتلاف الحكومي وأحزاب المعارضة.

في الوقت ذاته، أرسل رسالة تهدئة الى الجزائر بحثا عن المصالحة من خلال تجنب الحكم الذاتي والاقتصار على قرارات الأمم المتحدة والحل المتفق عليه علاوة على الإشارة إلى صحراويي مخيمات تندوف.

والواقع أن تجنب سانشيز الحديث عن الحكم الذاتي، وهذا لا يعني تجميد دعمه، كان منتظرا نظرا للتصريحات السابقة التي جاءت على لسان مساعديه ومقربين منه. وكانت أبرز هذه التصريحات تلك التي صدرت منذ ثلاثة أسابيع عن المسؤول عن العلاقات الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (كان وزيرا للخارجية في إسبانيا) بقوله إن موقف إسبانيا هو موقف باقي أوروبا والأمم المتحدة. وكل هذه التصريحات تمهد لمصالحة مع الجزائر حتى لا تفقد إسبانيا مصالحها الاقتصادية ومزيدا من الامتيازات في استيراد الغاز لصالح فرنسا وإيطاليا.

وفي انتظار تفاعل الأحزاب السياسية مع خطاب سانشيز حول الصحراء، اهتمت الصحافة كثيرا به. وعنونت جريدة “بوبليكو” الإسبانية مقالها حول مضمون الخطاب عن الصحراء “سانشيز يتجنب ذكر دعمه لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء”، مشيرة الى أنه عاد لاستعمال الصيغ نفسها التي استعملها سنوات 2019، 2020 و2021 حول هذا النزاع. وكتبت جريدة “لافنغورديا”: “سانشيز يتحدث عن الصحراء دون ذكر تغيير الموقف لصالح المغرب”. وذهبت كل الصحف الإسبانية في هذا الاتجاه، وكان تعليق جريدة الباييس مثيرا بقولها “سانشيز يتجاهل المغرب عند حديثه عن نزاع الصحراء في الأمم المتحدة”.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات