أخبار عاجلة

حركة “مجتمع السلم” تتحفظ على استثناء الدفاع والخارجية من المساءلة البرلمانية

أثارت التوجيهات التي قدمها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بخصوص استثناء مسائل الدفاع وأسرار الخارجية من المساءلة البرلمانية، حفيظة حركة “مجتمع السلم”، التي تمثل أكبر حزب معارض بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان).

ويستعد النواب لمناقشة مشروع قانون يتعلق بتنظيم عمل المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وهو قانون يضع الخطوط العريضة لعلاقة البرلمان مع الحكومة وطرق المساءلة في ظل الدستور الجديد للبلاد المعتمد سنة 2020.

ما أثار الجدل حول هذا القانون التوجيهات التي قدمها الرئيس تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء، يوم الأحد الماضي، حيث أكد الرئيس أهمية ما وصفها بـ “العلاقة الوظيفية” بين غرفتي البرلمان والحكومة، مع “مراعاة مساءلة أعضاء الحكومة، في كل المجالات، باستثناء الدفاع الوطني، وأسرار الدولة في العلاقات الخارجية، كونها مجالات تحفظ”، وفق ما ورد في بيان الرئاسة.

ووصف ناصر حمدادوش، مسؤول الإعلام بحركة “مجتمع السلم”، في تعليقه على ذلك، هذا التوجه بغير الدستوري. وقال في تصريح لـ “القدس العربي” إن “الحكومة يجب أن تخضع إلى الرقابة البرلمانية بكل أعضائها، كما هو معمول به في الديمقراطيات والدساتير في العالم، وهذا لا يتعارض مع الأمن القومي وأسرار الدولة وخصوصيات هذه القطاعات، وهي مأخوذة بعين الاعتبار، ولكن لا يمكن إفلاتها من الرقابة والمحاسبة الكلية، في الجوانب التي لا علاقة لها بذلك”.

واعتبر النائب السابق أن هذا الواقع كان معمولا به في السابق، وما يتم اليوم هو “محاولة تسوية وضعيته القانونية فقط”، محذرا من أن هذا التوجه “يطعن في معايير الحكم الراشد، ومنه: الرقابة والمساءلة والشفافية وسيادة القانون”، كما أنه يمثل امتدادا لنفس منظومة الحكم التقليدية والبالية السابقة، على حد وصفه.

وبالعودة لأمثلة سابقة، يقول حمدادوش: “إذا نظرنا إلى ما يمس بالأمن القومي وإفشاء أسرار الدولة فهو من داخل السلطة التنفيذية وليس التشريعية المنتخبة،

ويمكن التدليل على ذلك بحجم المسؤولين الأمنيين والعسكريين المحاكمين بقضايا فساد وإفشاء أسرار الدولة وتسريب المعلومات الخطيرة عن المؤسسات السيادية للدولة، لنتبين ذلك”. أما المساءلة البرلمانية ورقابة السلطة التشريعية فهي من صميم النظام الدستوري الديمقراطي، وفق ما قال.

ويعتقد مسؤول الإعلام في حركة “مجتمع السلم” أن فلسفة تهميش المنتخب هي من صميم طبيعة الأنظمة غير الديمقراطية التي تريد تركيز السلطات في يد السلطة التنفيذية، والتي هي ممركزة أصلا في سلطة الفرد على حساب المؤسسة.

ومن الجانب القانوني، تنص المادة 102 من الدستور الجزائري على إمكانية فتح مناقشة حول السياسة الخارجية بناء على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس إحدى الغرفتين، ولا تنص على استثناء أي موضوع من المناقشة. وتوجد في غرفتي البرلمان لجنتان للشؤون الخارجية والدفاع، مهمتهما متابعة ما يصدر عن هذين القطاعين. كما يلعب البرلمان نظريا دوراً مهما في مسائل الدفاع، حيث لا يمكن إرسال قوات للقيام بمهمات خارج الحدود إلا بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان بغرفتيه.

ويقول المختص في القانون عبد الرحمن صالح إنه لا يوجد نص في الدستوري يستثني مسائل الدفاع والخارجية من المساءلة البرلمانية. وأوضح في تصريح لـ “القدس العربي” أنه على العكس من ذلك، هنالك نصوص تؤكد على إمكانية فتح النواب مناقشة بخصوص السياسة الخارجية.

ويشير صالح إلى أن النواب بإمكانهم التوجه للمحكمة الدستورية للطعن بعدم دستورية القانون في حال قدّروا ذلك. ويلزم لذلك، جمع النصاب القانوني من التوقيعات لإخطار المحكمة الدستورية (هيئة مستحدثة في الدستور الجزائري) التي لا تتحرك من تلقاء ذاتها.

وعادة ما يتكرر النقاش في الجزائر حول هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، رغم أن الدستور يحدد صلاحيات كل طرف وحدود تدخله. وآخر مظاهر الانزعاج، كانت خلال عرض قانون الاستثمار مؤخرا، والذي طلبت الحكومة عدم مناقشته والتصويت عليه مباشرة معللة ذلك بطابعه الاستعجالي، وهو ما اعتبره نواب في المعارضة تمريرا بالقوة للقانون.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات