أخبار عاجلة

رئيس الوزراء الفرنسي يصف بقاء بوعلام صنصال في السجن بأنه “أمر لا يحتمل”

أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو عن استيائه من استمرار سجن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال في الجزائر، فيما لا تزال المناشدات مستمرة في الأوساط الفرنسية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أجل إصدار عفو رئاسي عنه.

وقال بايرو في تصريح أدلى به أمام أعضاء حزبه “الحركة الديمقراطية”، إن إدانة صنصال واستثناءه من العفو الرئاسي يمثلان، ليس فقط للحكومة، بل لكل الفرنسيين، مساساً بمبادئ التضامن والحرية الأساسية”، مضيفا أن سجن صنصال بسبب “آرائه المعلنة” أمر “لا يُحتمل”.

ووفق الإعلام الفرنسي، فإنه ينتظر صدور تعليق رسمي من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضية صنصال قريبا. وذكرت مصادر دبلوماسية أن خيار العفو الفردي لأسباب إنسانية لا يزال ممكناً، نظراً إلى الصلاحيات التقديرية التي يتمتع بها الرئيس الجزائري خارج المناسبات الرسمية.

وتبدو استراتيجية السلطات الفرنسية، سائرة في اتجاه الدفع من أجل إصدار عفو رئاسي عن صنصال، بعد الاقتناع بأن القضاء سيحتفظ بنفس الموقف من الكاتب، وهو ما يؤكده امتناع صنصال عن الطعن في الحكم الأخير الصادر ضده أمام المحكمة العليا، من أجل أن يصبح الحكم نهائيا، وهو ما يخول للرئيس الجزائري استخدام صلاحياته في العفو الرئاسي إن أراد ذلك.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أصدر عفوا بمناسبة عيد الاستقلال، شمل نحو 7 آلاف سجين، مع استثناءات شملت قضايا المؤامرة ضد الدولة، الخيانة، التجسس، وهو ما بدا أنه ينطبق على شخصيات معروفة بينها الكاتب الفرنسي الجزائري.

وبدا أن خيبة الأمل الفرنسية كانت واسعة، عقب الحكم الأخير على صنصال الذي أصدره مجلس قضاء الجزائر بـ5 سنوات سجنا نافذا. وفي سبيل التهدئة مع الجزائر، اتسمت المواقف الفرنسية خلال الأيام الأخيرة قبل النطق بالحكم، بحذر لافت، حيث حرصت شخصيات سياسية فرنسية بارزة، من مختلف التوجهات، على ضبط تصريحاتها وتفادي التصعيد.

ومن مظاهر هذا الحذر تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، المعروف بتشدده في قضايا الهجرة والعلاقات مع الجزائر، والذي اكتفى بوصف العلاقة بين الجزائر وفرنسا بأنها “قطبية”، متجنبًا الخوض في التفاصيل المعتادة التي درج على استخدامها. فرغم تطرقه إلى الخلافات العالقة، على غرار قضية ترحيل الجزائريين غير النظاميين، والاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إلا أن الوزير على قناة “بي أف تي في” الفرنسية، امتنع عن توجيه اتهامات مباشرة للجزائر أو تبني لهجة عدائية، واكتفى بالإشارة إلى “توترات قائمة” دون توسيع نطاق الجدل، في موقف قرأه مراقبون على أنه محاولة لتجنب التأثير على مسار القضية الحساسة التي يتابعها الرأي العام في فرنسا.

كما عمد النائب اليميني المتطرف إيريك سيوتي، بشكل مفاجئ، إلى لائحة كان قد قدمها إلى الجمعية الوطنية الفرنسية لإلغاء اتفاقية الهجرة الموقعة مع الجزائر عام 1968، وهي خطوة مثّلت تهدئة سياسية واضحة، خاصة أن سيوتي كان قد برر سابقًا تقديمه للمشروع بكون الاتفاقية “تمييزية” وتمنح امتيازات خاصة للجزائريين مقارنة بجاليات أخرى. وساد اعتقاد واسع في الأوساط السياسية بأن قرار سحب اللائحة له علاقة مباشرة بقضية صنصال، ومحاولة لخفض مستوى التوتر مع الجزائر تحسبًا لأي رد فعل جزائري قد يعقد الوضع أكثر.

ويوجد صنصال في السجن بعد إدانته بوقائع تتعلق بالمساس بوحدة الوطن وعدة تهم أخرى، عقب تصريحاته التي نسب فيها جزءا من التراب الجزائري للمغرب. وكان الكاتب قد اعتقل في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لدى وصوله لمطار الجزائر، بعد تصريحاته لقناة يمينية متطرفة شكك فيها في أحقية الجزائر لحدودها الحالية. وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

وتسببت هذه القضية في تفاقم الأزمة بين الجزائر وفرنسا، ووصولها إلى أعلى مستوى بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون أن “الجزائر لا يشرفها أن تسجن كاتبا” ما أثار ردود فعل قوية في الجزائر، وحديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في المقابل ووصفه للكاتب بمجهول الهوية واللص الذي يدعي أن نصف الجزائر مملوك لدولة أخرى.

وظهرت بارقة أمل في الإفراج عنه عقب المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الجزائري والفرنسي نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن كل شيء أعيد إلى نقطة الصفر عقب تفجر ما يعرف بقضية أمير ديزاد التي أغلقت قوس التهدئة بين البلدين.

ويُعرف صنصال الذي شغل منصبا حكوميا رفيعا في الجزائر بداية سنوات الألفين (مدير الصناعة)، بمواقفه الصادمة والتي صنفت لدى البعض ضمن دائرة “الخيانة”، حيث لم يتورع عن وصف الثوار الجزائريين الرموز بالإرهاب، ناهيك عن تبنيه أكثر الأطروحات تطرفا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاماوية. واشتهر هذا الكاتب بدفاعه الشرس عن إسرائيل التي يزورها باستمرارها، وهو ما برز بشكل أوضح بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 من خلال كتاباته وتصريحاته المتكررة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات