تكررت خلال الأسابيع الماضية حوادث اعتداء جنسي على أطفال، ما آثار مخاوف المصريين من الظاهرة، وفتحت بابا للحديث عن أسبابها ومدى الأمان الذي يعيشه الأطفال في المجتمع.
فلم تمر أسابيع على عرض مسلسل «لام شمسية» في شهر رمضان الماضي، الذي ناقش قضية التحرش الجنسي بالأطفال، حتى فوجئ المصريون بقضية لم تختلف قصتها كثيرا عما جاء في المسلسل.
لكن القصة الواقعية التي كان بطلها الطفل ياسين ابن مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة شمال مصر، بدأت وقائعها قبل أكثر من عام.
لكنها تحولت إلى قضية رأي عام بعد أن لجأت الأم إلى مواقع التواصل الاجتماعي خوفا من عدم قدرتها على الحصول على حق ابنها.
تعود الواقعة إلى يناير/ كانون الثاني 2024، عندما لاحظت والدة ياسين خوفه الغريب من دخول الحمام، وبعد فترة من الحديث معها، كشف لها أنه تعرض للاعتداء داخل حمام المدرسة من قبل أحد العاملين في المدرسة.
توجهت الأم على الفور لإجراء فحوصات طبية لابنها، فأكد الطبيب تعرضه لاعتداء جنسي متكرر.
ذهبت الأسرة إلى قسم شرطة دمنهور، واستطاع ياسين من خلال صور الإنترنت التعرف على المتهم.
بعد عرض ياسين على الطب الشرعي، أكد التقرير حدوث الاعتداء، لكن المفاجأة كانت عندما تم عرض المتهم على الطفل في النيابة، بعدما غيّر مظهره.
هذه التغييرات جعلت ياسين يخطئ في التعرف عليه، ما استغله المتهم في محاولة لتبرئة نفسه، مدعيًا أن الطفل حفظ ملامحه من الصور فقط.
وجرى إخلاء سبيل المتهم بضمان محل إقامته، ولكن القضية استمرت.
وفي مارس/ آذار الماضي، جرت إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات، ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد لـ25 سنة في 30 أبريل/ نيسان الماضي.
وكما أثارت القضية مخاوف المصريين من تكرار حوادث التحرش الجنسي بالأطفال، أثارت جدلا واسعا بسبب تبعية المدرسة التي شهدت الواقعة للمطرانية في البحيرة التي كان يشرف عليها الأنبا باخميوس، وأن المتهم موظف يتبع المطرانية، دوره المراقبة المالية على المدرسة.
لم يقتنع كثير من الأقباط بوقائع القضية واعتبروا أنها مجرد محاولة من عناصر منتمية لتيار الإسلام السياسي في الهجوم على المسيحيين ومحاولة لنشر الذعر بين المسلمين من إلحاق أبنائهم بمدارس تابعة للكنائس.
واعتمد رافضو رواية الاعتداء على سن الجاني الذي تخطى السبعين عاما.
وأشاد المجلس القومي للطفولة والأمومة «مؤسسة رسمية» بالحكم الصادر في قضية «طفل البحيرة».
وقالت الدكتورة سحر السنباطي رئيسة المجلس، إنها على ثقة تامة في القضاء المصري والعدالة الناجزة للتصدي لما يواجه المجتمع من ظواهر سلبية لا تتفق مع قيم المجتمع، وذلك من خلال الأحكام الرادعة في حق المتورطين.
ووجهت بتقديم جلسات الدعم النفسي وإرشاد أسري للطفل وأسرته لتلافي الآثار النفسية السلبية التي تنتج عن هذه الجريمة، لافتة إلى أن فريقا من الدعم النفسي وفريقا من الأخصائيين النفسيين تابعا للمجلس س سيقومان بزيارة الطفل وأسرته في محل إقامتهم حيث سيتم البدء في خطة متكاملة لإعادة تأهيل الطفل وأسرته نفسيًا، بأساليب علاجية حديثة تقدم للأطفال الذين يعانون من مشاكل اضطراب ما بعد الصدمة لتعزيز الثقة في النفس وتحسين العلاقات الاجتماعية.
إلى ذلك أعلن المحامي عصام مهنا، وكيل الطفل ياسين، انسحابه من القضية.
ولفت مهنا في بيان إلى تعرضه لحملات سب وقذف وتشكيك ممنهجة، لم تقتصر على شخصه، بل امتدت لتطال أسرته أيضًا.
وأضاف أن هذه الحملات كانت السبب الرئيسي لصمته خلال الفترة الماضية، مكتفيًا بالمرافعة فقط للحفاظ على سير العدالة وعدم تعطيلها.
ورغم صدور الحكم الذي كان محل انتظار كبير، قرر مهنا التنحي عن القضية، واصفًا الهجوم الذي تعرض له بأنه «غير مفهوم ومن جميع الأطراف». كما أبدى استعداده لإفساح المجال أمام محامين آخرين لاستكمال إجراءات القضية في المراحل المقبلة.
في المقابل، تقدم محامي المتهم باستئناف على الحكم الصادر وفقا للإجراءات القانونية المتبعة. ومن المقرر أن تحدد محكمة استئناف الإسكندرية الدائرة المختصة ومواعيد الجلسات المقبلة، حيث ستُنظر القضية أمام إحدى دوائر جنايات دمنهور.
وأثار انسحاب المحامي جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض قراره تعبيرا عن الضغوط الشديدة التي يتعرض لها العاملون في القضايا الحساسة، بينما رأى آخرون أن القضية في حاجة إلى المزيد من الدعم القانوني لتحقيق العدالة للطفل ياسين.
فيديو المنصورة
لم تكن هذه هي واقعة التحرش الجنسي الوحيدة التي شغلت الرأي العام المصري في الأسابيع الماضية.
وخلال الأيام الماضية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر فيه أحد الأشخاص يحاول إخفاء وجهه، بينما يظهر صوت سيدة تتهمه بالتحرش بابنها خلال وجوده في المنزل في حصة درس خاص.
وأكدت السيدة أنها تقطن مدينة المنصورة في ـ دلتا مصرـ ووجهت السباب للمدرس، مؤكدة تصميمها على تسليمه للأجهزة الأمنية.
وقالت إنها لن تسمح له بتكرار فعلته مع آخرين، وإنها راقبته بعدما سمعت أكثر من مرة أنه يتحرش بالتلاميذ.
طفلة الشرقية
وفي شهر مارس/ آذار الماضي، تمكنت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية من ضبط الشاب المتهم بهتك عرض طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات في أحد مساجد مدينة العاشر من رمضان، ذهبت لتقضي حاجتها في دورة مياه المسجد.
وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيديو يوثق ضبط شاب وإبراحه ضربا من قبل المارة، وإحدى السيدات ممسكة به لمنعه من الهرب.
وكانت الطفلة رفقة والدتها التي تعمل «بائعة متجولة» بجوار سوق «ابني بيتك» في مدينة العاشر من رمضان، ووقتئذ ذهبت الطفلة لقضاء حاجتها في دورة مياه أحد المساجد القريب من حيث محل عمل والدتها.
ذهبت الطفلة لكنها تأخرت قليلا، ثم عادت لوالدتها في حالة إعياء شديد، لتكتشف الأم اعتداء أحد الشباب عليها وهتك عرضها في دورة المياه.
صرخت الأم واستنجدت بالمارة الذين تمكنوا من الإمساك بالشاب في محيط الواقعة، وظلت الأم متحفظة عليه ممسكة إياه بقبضة يدها وهو مسجى إلى جوارها على الأرض.
وألقت الشرطة القبض على الشاب المتهم وتحفظت عليه لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حياله. وتم إيداع الطفلة مستشفى العاشر الجامعي لتتلقى الرعاية الطبية اللازمة.
وفي واقعة أثارت جدلا في مصر لكنها لم تتخذ التحرش عنوانا، قتل طفل على يد 3 أطفال في مدينة بلطيم في محافظة كفرالشيخ.
وقررت محكمة البرلس الجزئية، الخميس الماضي، تجديد حبس رمضان عبده الزفتاوي، 56 عامًا، مقاول، لمدة 15 يومًا، وذلك على ذمة التحقيق في القضية رقم 6217 جنايات البرلس، بتهمة حيازة سلاح ناري غير مرخص استخدم في قتل طفل في مدينة بلطيم.
وتعود بداية الواقعة إلى الأسبوع الماضي، عندما وجد الطفل أدهم ملقى على الأرض وينزف في أحد شوارع مدينة دمياط، حيث نقل إلى المستشفى الذي أكد إصابته في رأسه بسبب ارتطامه بدرجات أحد المنازل.
يقول أحد أقارب الضحية لـ«القدس العربي» إن الأمر في البداية لم يحمل شبهة جنائية، وتوقعنا أن يكون أدهم تعرض للانزلاق على منطقة رخامية.
وأضاف: علم والده أن هناك من يحاول حذف كل ما التقطته كاميرات المراقبة في الشوارع القريبة من منزله، فلجأ إلى أحد الأشخاص الذي تمكن من الحصول على مقاطع مصورة، يظهر فيها إقدام 3 أطفال على سحل أدهم في أحد الشوارع.
وأظهرت الفيديوهات التي نشرها الأب على الفيسبوك، الأطفال وهم يصحبون نجله إلى منزل أحدهم في أحد الشوارع الجانبية، قبل أن يخرجوا وهم يسحلونه ويلقون به في شارع رئيسي، قبل أن يعودوا لتنظيف مدخل المنزل من الدماء.
وبعد تداول المقاطع المصورة، أمرت الجهات المختصة بندب الطب الشرعي لفحص الجسم الغريب الذي تم العثور عليه، حيث تبين من التقرير أنه مقذوف ناري معدني تسبب في دخول المجني عليه في غيبوبة كاملة، وتم رفع التقرير إلى الجهة المختصة لمتابعة التحقيق.
وكلفت النيابة العامة مباحث مركز شرطة البرلس بإجراء التحريات اللازمة لكشف ملابسات الواقعة وتحديد المسؤولين عنها، وتوصلت التحريات إلى أن المتهم «زياد، أطلق عيارا ناريا من سلاح غير مرخص مملوك لوالده في اتجاه زميله «المجني عليه» خلال اللهو.
وأصدرت النيابة العامة قرارًا بضبط وإحضار المتهمين الأربعة، إلى جانب ضبط السلاح المستخدم في الواقعة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات