ينظر القضاء الفرنسي في طلب جزائري بتسليم المعارض أكسل بلعباسي المتحدث باسم حركة تقرير مصير منطقة القبائل المعروفة اختصارا بـ"الماك" الذي وجهت له السلطات الجزائرية تهما تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، بينما تبدو باريس عالقة بين إرضاء الجزائر وعدم إثارة غضب الداخل، لا سيما وأن الموافقة على هذا الطلب من شأنها أن تثير انتقادات حقوقية.
وأفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية بأن "محكمة الاستئناف بباريس حددت الثاني من أبريل/نيسان المقبل موعدا لإصدار قرارها بشأن طلب الجزائر بتسليم المعارض الجزائري بلعباسي".
وأشارت إلى أن الناشط القبايلي الذي يبلغ من العمر 42 عاما يواجه تهما تتعلق بالإرهاب بعد أن أدانه القضاء الجزائري في 14 قضية، تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام.
ووصفت وسائل إعلام فرنسية الملف بـ"المعقد"، مشيرة إلى أن القضية تحمل أبعادا سياسية وقانونية، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل التعاون القضائي بين البلدين. ويثير ملف العلاقات المتذبذبة بين الجزائر وباريس انقساما في فرنسا، بين شق يدفع باتجاه التصعيد وآخر يطالب بإنهاء الأزمة وطي صفحة التوتر.
ويشكل طلب تسليم بلعباسي تحديا للقضاء الفرنسي، في وقت تدرك فيه باريس أن الموافقة على الطلب الجزائري من شأنها أن تثير انتقادات حقوقية، خاصة وأن فرنسا تضم العديد من المعارضين الجزائريين الذين لجؤوا إليها بعد هروبهم من بلادهم خوفا من الملاحقات القضائية وارتفاع وتيرة قمع الأصوات المعارضة لسياسات الرئيس عبدالمجيد تبون، في وقت تشير فيه تقارير إلى أن البلاد تحولت إلى "سجن كبير".
وتصنف الجزائر "الماك" التي يقيم زعيمها فرحات مهني منذ سنوات طويلة في باريس، "تنظيما إرهابيا" وتتهمها بتدبير أكثر من مخطط إجرامي من بينها التورط في حرائق غابات تيزي وزو في العام 2021 التي قتل فيها حرقا شاب من ولاية بجاية.
وتأسست الحركة في العام 2001 وتطالب بحق شعب القبائل في تقرير مصيره والاعتراف بهويته الأمازيغية بما في ذلك إمكانية الاستقلال عن الجزائر.
ونظمت الحركة العديد من المسيرات والاحتجاجات للمطالبة بحقوقها، لكنها تعرضت للقمع والمضايقات من طرف النظام الجزائري الذي يتهمها بالسعى إلى زعزعة استقرار البلاد وبتلقي تمويلات خارجية.
ومن المفارقة أن الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية في إطار مساعيها لإطالة أمد النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، تقمع حركة "الماك" وتلاحق ناشطيها في الداخل والخارج بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وتخضع إجراءات تسليم المطلوبين بين فرنسا والجزائر لاتفاقيات ثنائية وقوانين فرنسية، بينما تبقى للقضاء الفرنسي سلطة تقديرية في البت في الطلبات، مع مراعاة عدة عوامل من بينها حقوق الإنسان وحظر التعذيب وضمانات لمحاكمة عادلة في البلد المطالب بالتسليم.
ويأتي طلب تسليم المتحدث باسم "الماك" المتواجد في فرنسا في ذروة أزمة دبلوماسية بين الجزائر وباريس، بعد أن رفضت السلطات الجزائرية كافة الدعوات للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال الذي اعتقلته إثر تصريحات إعلامية أكد خلالها صحة وثائق تثبت مغربية أراض اقتطعت من المملكة خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر.
وقابلت الجزائر عدة دعوات فرنسية للتهدئة بالتصعيد، بينما سعت وسائل إعلام موالية للسلطة إلى الترويج لفكرة أن فرنسا هي التي تحتاج إلى الجزائر وليس العكس.
ويستبعد مراقبون انفراجة وشيكة للأزمة الدبلوماسية بين البلدين باعتبار أن الجزائر ترفض التسليم بالتزام فرنسا باعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، وتحاول عبثا أن تضغط عليها للرجوع عن موقفها رغم أن الرئيس إيمانويل ماكرون أكد مرارا أن بلاده ثابتة على موقفها بشأن القضية المغربية، متعهدا بدعم المملكة في المؤسسات الدولية من أجل حسم الملف.
تعليقات الزوار
لا تعليقات